لاجئو سورية.. صرخة في وجه العالم العاجز

09 ابريل 2015
+ الخط -

تدخل الثورة السورية عامها الخامس وأصحابها ما بين مطارد من نظام يأبى إلا أن يحرق شعبه، ويشرده في أوطان الأشقاء التي لم ترحم ضعفهم ولم تجبر كسرهم.

لم يتمكن لاجئو سورية في دول الجوار، وعلى رأسها تركيا ولبنان والأردن وفي بلدان عربية مثل مصر، من تناسي الصدمة ومحاولة التكيّف مع واقع التشرد والحرمان حتى غشيهم كابوس البحث عن إذن "الإقامة" التي باتت شرطاً أساسياً لأي بلد يلجأ إليه السوريون لحفظ بقائهم فيه، والتي بسببها لم يعد بإمكانهم التحرك من دون تصريح إقامة نظامية في بلاد اللجوء التي كانت تعفي السوريين من تأشيرة الدخول أو إذن الإقامة، وهو ما جعل السوريين بين سندان الموت في الحرب ومطرقة الحصول على تأشيرة.

كانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة قد أصدرت مؤخراً بياناً تحذر فيه من خطورة الظروف التي يعيشها ملايين اللاجئين السوريين، خاصة مع تزايد احتياجاتهم الإنسانية وتراجع الدعم الدولي.

وكانت السلطات اللبنانية قد فرضت العام الماضي قواعد جديدة لتنظيم دخول السوريين إلى أراضيها، تشمل تقديم مستندات تتباين باختلاف الغرض من الزيارة، مما يضعهم في مأزق كبير لا يطيقون الخروج منه؛ لأن الخيارات صعبة في كل حال.

كانت منظمة أوكسفام غير الحكومية قد أعلنت مؤخراً أن "اللاجئين السوريين يواجهون صراعاً يومياً للعيش في بلد أصبح فيه العمل وإيجاد مسكن نادراً. التفتيش الدائم عن عمل أنهى آمالهم".

وارتكزت المنظمة على نتائج دراسة أوكلت إجراءها إلى معهد أبحاث لبناني على 1500 عائلة لاجئة في لبنان. وكشفت أوكسفام أن هذه الدراسة "تظهر أن اللاجئين يصرفون مرتين أكثر مما يجنون، وتصل العائدات الشهرية للاجئين إلى نحو 250 دولاراً".

وأضافت أن معدل المصروف يصل إلى نحو 520 دولاراً من أجل الطعام (225 دولاراً) والسكن (275 دولاراً) فقط.

وأشارت المنظمة إلى أن "الدراسة تظهر أن 25% فقط من الأطفال يذهبون إلى المدارس؛ أي أن جيلاً من الأطفال السوريين سيكون محروماً من التعليم الأساسي".

وأشارت أوكسفام إلى أن العمليات الإنسانية لمواجهة هذا التدفق الكثيف إلى لبنان تمول فقط بمعدل 61%، وأن المطلوب "ضخ مبالغ كبيرة" لتحاشي وصول جيل من اللاجئين السوريين إلى طريق "حياة مأساوية سوداء".

أما في مصر فقد ألقى الاضطراب السياسي والأمني بظلاله على تعامل السلطات مع اللاجئين السوريين، إذ اتخذت السلطات المصرية أخيراً، قراراً بترحيل العديد من السوريين إلى بلادهم أو دول مجاورة لسورية، بعد القبض عليهم لمخالفتهم شروط الإقامة وعدم وجود موافقات أمنية على دخول بعضهم أو محاولتهم الهجرة بشكل "غير شرعي" خارج البلاد، وبدأ ذلك بإصدار جهاز الأمن الوطني أوامر بترحيل قرابة 66 لاجئاً من سورية ومن غزة، محتجزين في الإسكندرية والقاهرة في ظروف صعبة.. وقع هذا رغم قرار النيابة العامة بإطلاق هؤلاء اللاجئين، حيث وصفت منظمة العفو الدولية هذه الخطوة بالمروعة، وطالبت السلطات المصرية بتوفير الحماية للاجئين على أراضيها، وألمحت إلى أن الإجراءات المصرية تتزامن مع تحركات في الأردن ولبنان للحد من تدفق اللاجئين السوريين.

ربما نجح مئات الآلاف من اللاجئين السوريين في الهروب من الموت والدمار في بلادهم إلى مصر، لكن كثيرين منهم اكتشفوا أنهم ما زالوا أسرى لمشاعر مريرة ومتضاربة وذكريات مؤلمة، بينما يعيشون أوضاعاً يصفها أغلبهم بـ "المأساوية"، في ظل خوف عتيق من النظام ما زال يلاحقهم، وقلق من المستقبل وحزن وغصة لا تعبر عنها الكلمات. حياة قد تكون مواجهة الموت نفسه أسهل منها. فعلى الرغم من أن القاهرة عضو وطرف موقع على العديد من الاتفاقيات الدولية التي تنظم وتحمي حقوق اللاجئين، إلا أنها دولة يتخذها اللاجئون معبراً، وليس مكاناً للاستقرار بسبب ظروفها الحالية.

أما أعداد اللاجئين السوريين في مصر فلا تتوافر بشأنها أرقام حكومية يعتمد عليها، كما أن المنظمات غير الحكومية تقر وهي تعلن أرقامها، والتي تقارب مائة ألف لاجئ، بأن الأغلبية العظمى منهم لا يسجلون أسماءهم. أما على أرض الواقع فمن النادر أن تلتقي سورياً في مصر لا يؤكد لك أن أعدادهم تفوق المليون.

أما في الأردن، فقد أظهرت دراسة أعدتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بالتعاون مع منظمة الإغاثة والتنمية الدولية IRD، أن اللاجئين السوريين في الأردن يعيشون ظروفاً سيئة بشكل متزايد، وأن ثلثي اللاجئين يعيشون تحت خط الفقر الوطني، في وضعٍ لا يختلف عما يعيشه السوريون في بقية بلدان اللجوء كالعراق أو لبنان.

واحتوت الدراسة التي أعلنت في يناير/كانون الثاني الماضي عن بيانات تم جمعها خلال عام 2014، من خلال زيارات منزلية لنحو 150 ألف لاجئ سوري يعيشون خارج المخيمات في الأردن، حيث أظهرت نتائج الدراسة أن أكثر من نصف المنازل التي تمت زيارتها من قبل الباحثين كانت تعاني من عدم وجود وسائل التدفئة، بينما افتقر ربع المنازل للكهرباء وأكثر من 20% منها لم يكن فيها مرحاض. وأكدت الدراسة أن الدخل والإنفاق بالنسبة إلى غالبية الأسر اللاجئة هو الآن ما دون المستوى المطلوب لتلبية معظم احتياجاتها الأساسية، مما يجعلها تعتمد بشكل متزايد على المساعدات الإنسانية.

كذلك أشارت الدراسة إلى أن أي تخفيض يحدث في مستويات الدعم الحالي ستكون له عواقب فورية على اللاجئين السوريين في الأردن أو خارجه. ويذكر أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين في الأردن يقدر بأكثر من 620 ألف شخص، يعيش 84% منهم خارج المخيمات الرئيسية في البلاد.


(مصر)

المساهمون