أسواق "النكرية" العراقية... هنا قد تُباع صورتك الشخصية

16 مارس 2015
مسروقات بملايين الدولارات تؤثر على الاقتصاد (فرانس برس)
+ الخط -
سوق النكرية، ليس مخفياً في العراق. والنكرية باللغة المحكية العراقية تعني السارقين أو المحتالين. في بغداد وحدها يوجد نحو خمسة أسواق يبيع فيها السارقون ما ينهبونه من البيوت للتجار، لتصبح متاحة أمام الجميع. زبائن هذه الأسواق هم من أصحاب الدخل المحدود بمعظمهم، والبعض من الطبقة المتوسطة الذين يقتنصون في هذه الأسواق بعض البضائع النادرة. أما الذين يتعرضون الى عمليات النهب، فتجد بعضهم هائماً في أسواق النكرية، يحاول التعرف على بعض ما كان يملكه. يضحك بعض المارة مما يحصل في أسواق الحرامية، ويقول: "قد يصدف أن نجد صورنا الشخصية في أسواق الحرامية، وقد نجد أحد الجيران قد اشتراها ووضعها في منزله". 


مصطلحات مختلفة
ويقول أستاذ التاريخ العربي عمر عبدالله (65 عاماً) في حديث مع "العربي الجديد"، إن "في العاصمة العراقية نحو خمسة أسواق للحرامية والتي يطلق عليها في اللغة المحلية الدارجة اسم "النكرية"، ويضاف إليها قسم آخر هو "العتاكة" وهم الذين يمتهنون بيع وشراء المواد المستعملة. ويؤكد عبدالله أن الأسواق التي ينتشر فيها الحرامية هي التالية: سوق العلاوي وبغداد الجديدة والنهضة وسوق مريدي وسوق الهرج. وهذه الأسواق مشهورة في تواجد السراقين فيها الذين يقومون بنوعين من النشاط الاقتصادي، الأول بيع وشراء ما يتم سرقته من المنازل من المواد الكهربائية والمنزلية، والثاني سرقة الحقائب والمصوغات الذهبية. ويلفت الى أن الاسعار في سوق الحرامية تكون منخفضة عن باقي الاسواق، حيث يراوح سعر الاجهزة الكهربائية مثلاً في هذه السوق بين 100 ألف إلى 500 ألف دينار، وهو أقل من نصف السعر الحقيقي لهذه السلع".


ويضيف عبدالله أن أسواق النكرية تؤثر على النشاط والحركة الاقتصادية في العراق، حيث تسود المنافسة غير المتكافئة، كون المواطن يذهب نحو الأسعار المتدنية نظراً لظروفه الاقتصادية، وينسى أن هذه البضائع مسروقة".

من جانبه يقول العقيد في الشرطة العراقية طارق الزيدي في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الشرطة العراقية تمتلك معلومات عن السارقين ونشاطاتهم، وتمكنت قوات الشرطة في وزارة الداخلية من اعتقال أكثر من 50 شخصاً متهمين بعمليات سرقة وسطو وسرقة المنازل".
ويشير الزيدي إلى أن ظاهرة السرقة ومن ثم بيع المسروقات خطيرة وبحاجة إلى إصلاحات حقيقية بغرض القضاء عليها". ويلفت إلى أن "أسواق النكرية الخمسة في بغداد تتعرض للمتابعة الدائمة".

ويضيف أن "الشرطة تلاحق السارقين، ولكنه من الصعب السيطرة على الأسواق التي يتاجرون فيها، لأن عمليات البيع والشراء تتم فيما بينهم ولا يمكن التأكد إن كانت تلك السلع مسروقة".

التأثير على الاقتصاد

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي يوسف علي في حديث مع "العربي الجديد"، إن "أكثر ما يثير الريبة في أسواق الحرامية، أن النشالين يقصدون الأسواق النظامية لسرقة المتبضعين، ومن ثم يبيعون ما يجدون في أسواقهم الخاصة ويوسعون أعمالهم فيها، ما يؤدي إلى ارتفاع المخاوف من قبل الزبائن من جهة وتنمية أسواق النكرية من جهة أخرى". مؤكداً على أن حركة النشل المتزايدة في الأسواق تؤثر سلباً على الحركة التجارية العامة بنسبة 5%".
ويؤكد أن انتعاش أسواق الحرامية بدأ مع دخول القوات الأميركية إلى العراق وتعرض العديد من الدوائر الحكومية إلى السرقة، وكان في حينها يطلق على المتاجرين بالسلع المسروقة لقب "الحواسم".


ويقول علي أن "الضعف الرقابي ساهم في توسع نشاطاتهم حيث تم تنفيذ عمليات سطو على مكاتب الصيرفة ومحال تجارية ومؤسسات في مناطق الكرداة وبغداد الجديدة ومناطق أخرى بملايين الدولارات، ما ينعكس على بيئة الأعمال في بغداد". ويتابع أن "على الحكومة العمل بشكل أكثر حزماً لمراقبة الأسواق خصوصاً في بغداد التي تعتبر مركز الاقتصاد العراقي".

إقرأ أيضا: قطط مسروقة للبيع في سوق العصر التونسيّة
المساهمون