هكذا كانت بداية ثورتنا

11 مارس 2015
قام النظام بارتكاب مجازر شنيعة في المعتقلات وخارجها(الأناضول)
+ الخط -

الثامن عشر من مارس/آذار 2011 يوم غيَّر مسار التاريخ في سورية، حيث اندلعت تظاهرة تندد بقانون الطوارئ وتطالب بإسقاط المحافظ، وكانت الانطلاقة بعد صلاة ظهر يوم الجمعة، وكانت الناس في حشد غفير لم نألفه من قبل.

ولكن سرعان ما أتى رد النظام على المظاهرة السلمية بالاقتحام وضرب الرصاص الحي على المتظاهرين العزل، مما أدى إلى سقوط أول شهيدين في الثورة السورية، ومن هنا بدأ بطش النظام وغضب الناس، لأنهم خرجوا يطالبون بالإصلاح، ولكن جاء رد النظام صاعقا ولم يتوقع أي كان من الناس أن يتم الرد بالقتل وتكسير المحلات التجارية، ومن هنا بدأت ثورة غير متكافئة، الناس عزل ويخرجون بالهتافات المناهضة للنظام، والنظام يرد بالقتل والاعتقال، ومن هنا عزمت مجموعة من الشبان نصب خيمة اعتصام ليعتصموا فيها، وكان الرد في أول ليلة اقتحام الخيمة وقتل كل من فيها، وهذه كانت أول مجزرة واسمها "مجزرة الجامع العمري"، حيث قتل من قتل واعتقل شبان كثيرون، لنرى أن الأمن انتشر في محيط الجامع العمري والشوارع حتى يوم الخميس.

كان خطاب بثينة شعبان، حين أعلنت عن الإفراج عن جميع المعتقلين، وهنأت الإخوان الكرد بعيد النوروز، ومنحتهم الهوية السورية، وهنا خرج المعتقلون ضمن مظاهرات جابت شوارع درعا جميعها، واجتمع شباب القرى المجاورة، وقام أهل درعا باستضافتهم من أجل تشييع الشهداء بعد صلاة الجمعة، وكانت هذه أكبر مظاهرة في درعا، حيث انطلقت من الجامع العمري إلى المقبرة، ومن ثم إلى ساحة السرايا في درعا المحطة، وهناك جاءت أخبار أن هناك مجزرة حصلت في الصنمين، مما جعل المتظاهرين يستشيطون غضبا، وقاموا بإنزال تمثال حافظ الأسد من وسط الساحة، وقامت المخابرات الجوية والقناصة المتمركزون فوق سطح بيت المحافظ بإطلاق النار على الناس، وكان يوما حافلا بالشهداء، لكن لم يكن أي منهم من درعا، جميعهم من قرى درعا، كل قرية أخذت شهيدها وذهبت لدفنه في قريته، ومن هنا انتشر سفك الدماء إلى جميع أنحاء محافظة درعا، ومن ثم ثارت مع درعا دوما وأصبح فيها شهداء، من ثم امتد الغضب على النظام والسخط على قمعه إلى جميع المحافظات.

كان هناك دور كبير للنساء في الثورة، وأنا واحدة منهن، حيث إنني صاحبة أول خطاب في درعا، ألقيته تعزية لأمهات الشهداء، وتنديدا بالنظام وممارساته بعد قتله للمتظاهرين، وكان دور كبير للنساء في إسعاف الجرحى وإسناد التظاهرات، وهنا لم يتوان النظام في تعميم أسماء النساء المطلوبات لأجهزته القمعية، وأنا كان اسمي بين النساء المطلوبات، حيث تم اعتقالي أول مرة في 22 يونيو/حزيران 2011، من قبل الأمن العسكري في درعا، وقام العقيد لؤي العلي بالتحقيق معي شخصيا، ولم أترك واجبي تجاه الثورة نتيجة لذلك، وفور خروجي انتقلت إلى عالم الإنترنت، إذ كنا ننظم التظاهرات النسائية ونشارك في تشييع الشهداء وإسعاف الجرحى، ولم يتوقف النظام عن اعتقال الشباب والنساء وكبار السن، ومنهم من قضى في السجن آخر عمره، وكان الأمن لا يسلم الجثة إلا بعد أن يوقع الأهل على إثباتات أن العصابات الإرهابية تسببت في القتل، فيستلمون الجثة للقيام بدفنها.

قام النظام بارتكاب مجازر شنيعة في المعتقلات وخارجها، وما زال إلى الآن، وبعد أن تحولت الثورة من سلمية إلى ثورة مسلحة ما زالت انتهاكاته موجودة، ويجب أن يحاسب عليها.


(سورية)

المساهمون