المصارف المصرية تنحاز للحكومة

26 يناير 2015
تمويل المشاريع يتأثر بالاستثمارات العامة (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن الحكومة المصرية تُعيد إحياء توجه ستينيات القرن الماضي ‏في إدارة العملية الاقتصادية، ولكن بثوب جديد يميل إلى الحفاظ على تواجد القطاع الخاص ‏في المنظومة الجديدة، من دون توفير درجة التسهيلات التمويلية نفسها، التي كان يتمتع بها ‏في السابق‎، إذ أطلقت عدة ‏مشروعات عملاقة يتطلب تنفيذها أكثر من 20.71 مليار دولار أميركي وفقاً للتقديرات ‏الرسمية، لتُزاحم بدورها مشروعات القطاع الخاص في تأمين الحزم التمويلية اللازمة من ‏المصارف‎.
فعند استعراض أبرز هذه المشروعات، سنجد أن المرحلة الأولى من تطوير محور تنمية ‏قناة السويس سحبت من المصارف المصرية 32 مليار جنيه، من دون احتساب الـ 27 مليار جنيه المؤمنة من المواطنين مباشرةً في صورة شهادات استثمار كانت ‏مرشحة للإيداع المصرفي، بل إن هناك 50 مليار جنيه تحتاجها الحكومة لتنمية الساحل ‏الشمالي الغربي للبلاد المطل على البحر الأبيض المتوسط بإجمالي مساحة 160 ألف ‏كم2، إلى جانب رصد 36 مليار جنيه لمد شبكة طرق بطول 3200 كم‎.
‎"‎من الظُلم وضع كفّتي الحكومة والقطاع الخاص في مواجهة خالصة، عند الحديث عن ‏فرص الحصول على التمويل المصرفي. فالمنافسة محسومة من بدايتها لصالح الحكومة"، ‏حسبما يقول مدير التمويل والاستثمار في شركة كارتل كابيتال للاستثمار المباشر، ‏أيمن أبو هند. الأخير يؤكد لـ"العربي الجديد" أن المصارف تهرول إلى تمويل المشروعات القومية سريعاً ‏بداعي اطمئنانها إزاء استرداد هذه الأموال‎.
ويشرح أن الحكومة لديها القدرة على الوفاء بالتزاماتها المحلية حتى في حالة ‏تعثرها، لأنها ببساطة تمتلك القدرة على طبع نقود جديدة في أي وقت. ويضيف أن ‏فرص القطاع الخاص انحصرت فعلياً في الحصول على تسهيلات ائتمانية في ظل توجه ‏الحكومة لإقامة مشروعات عملاقة ولجوئها إلى المصارف لتدبير الجانب التمويلي‎.
ويرى أبو هند أن المشروعات الحكومية تلعب دوراً مهماً في توفير فرص العمل ودفع عجلة ‏التنمية، إلا أن الأمر يحتاج إلى الموازنة بين الخطط التوسعية للحكومة والقطاع الخاص.
وعند التدقيق في موازنة الدولة يتبين أن الدولة رفعت الاستثمارات الحكومية المستهدف ‏إقامتها بنسبة 54% عن العام الماضي لتصل إلى 130.9 مليار جنيه، وفي المقابل ‏تخطط لتحفيز القطاع الخاص لضخ استثمارات بقيمة 206 مليارات جنيه.
غير أن أبو هند يشدد على أنه في ظل مواجهة الشركات صعوبة في الحصول على ‏التمويل المصرفي، ستقع الحكومة في مأزق عدم تحقيق هذه الأهداف. فتحقيقها يتطلب ‏تأمين مصادر التمويل في المقام الأول، وتخفيف القيود الإدارية في مجال الشراكة بين ‏القطاعين العام والخاص‎.
وعلى الرغم من تأكيد المستشار السابق لبنك البركة وأستاذة التمويل في الجامعة الفرنسية، ‏بسنت فهمي، على أن التوسع في المشروعات الحكومية قلص من فرص القطاع الخاص ‏في تأمين القروض المصرفية، بيد أنها ترى أن الحكومة ليس أمامها أي خيار آخر خلال ‏هذه المرحلة الدقيقة إلا إقامة المزيد من المشروعات الحيوية وتحديداً في قطاع البنية التحتية‎. ‎‎
وتكمل فهمي لـ"العربي الجديد" أن الحكومة توجه تركيزها نحو إقامة مشروعات هامة ‏ستتيح فرصاً استثمارية واعدة أمام القطاع الخاص. وتضيف ان "‎النقطة الفاصلة في القروض الحكومية، هي معرفة أوجه إنفاقها والعوائد المحققة منها، ‏تفادياً للوقوع في المأزق نفسه الذي مرت به البلاد خلال عصر ‏مُبارك، إذ اقتربت مديونية البلاد حينها من 900 مليار جنيه دون الوقوف على ‏حقيقية أوجه الإنفاق" وفقاً لفهمي.‏
وفي المقابل، يرى مدير إدارة الإئتمان في بنك الكويت الوطني- مصر، أشرف عبدالغني، أن ‏فرص الشركات الخاصة في الحصول على قروض مصرفية ما زالت مواتية رغم زيادة ‏الإقبال الحكومي على الائتمان، وذلك في ضوء وصول حجم الودائع إلى 1.5 مليار جنيه ‏وفق البنك المركزي. ‏
ويشير عبدالغني لـ"العربي الجديد" إلى أن المصارف تمتلك القدرة على تمويل حزمة كبيرة ‏من المشروعات، سواء القومية أو الخاصة، حيث تنخفض نسبة القروض مقارنة بالودائع ‏إلى 41.3%، في حين تصل أعلى نسبة توظيف في القطاع المصرفي خلال السنوات ‏الأربع الماضية إلى 55%. ‏
المساهمون