الأجر في الدول العربية لا يغطي الإيجار في المدن

أحمد مدياني

avata
أحمد مدياني
26 يناير 2015
+ الخط -
شهدت أسعار العقارات منذ العام 2008 ارتفاعاً في الدول العربية، مقابل جمود سلم الأجور. وفي جولة مقارنة داخل مجموعة من الدول، يتضح أن الحد الأدنى للأجر لا يكفي للحصول على بيت في وسط أو حتى في ضواحي المدن. 
إذ يصل الحد الأدنى للأجر في مصر إلى 1200 جنيه مصري أي 163 دولاراً بالنسبة لموظفي القطاع العام، أما السواد الأعظم من المصريين العاملين في القطاع الخاص، وحسب معطيات حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر محلية، فيتقاضى ما بين 400 و1000 جنيه أي بين 56 و136 دولاراً.

التفاوت بين الأجور والإيجارات
بناء على أسعار الإيجارات في مصر، فإن هذه الفئة محتم عليها البحث عن مسكن في مناطق العشوائيات، والتي يبلغ فيها سعر إيجار شقة ما بين 400 و600 جنيه أي بين 56 و82 دولاراً. أما الإيجار في وسط المدن والأحياء البعيدة عن العشوائيات، فتصل قيمته إلى ما بين 272 و1361 دولاراً. قيمة تعد أضعاف الحد الأدنى لأجور الملايين من عمال القطاع الخاص الصغار، والذين يتقاضى جلهم راتباً وسطياً لا يفوق 109 دولارات.
وفي سورية، وحسب أصحاب وكالات عقارية، فإن أسعار العقارات ارتفعت في دمشق وحلب منذ العام 2012 بنسبة تراوحت بين 50-70%. وبالموازاة مع ذلك، ارتفعت أسعار الإيجارات خلال نفس الفترة بنسبة تراوحت بين 50-150%، وقفزت أسعار الإيجارات حسب الوكالات العقارية في مناطق مختلفة من العاصمة دمشق، من ما بين 10 و20 ألف ليرة (54 و108 دولارات) إلى نطاق 20 و35 ألف ليرة سورية (108 و189 دولاراً)، في حين لا يتعدى الحد الأدنى لأجور السوريين العاملين في القطاع الخاص 10 آلاف ليرة (54 دولاراً).

وقالت دراسة أنجزها الباحث نضال طالب، إن كلفة الحصول على شقة مفروشة في العشوائيات تحتوي على غرفتين فقط، وصلت اليوم إلى نحو 25 ألف ليرة سورية (135 دولاراً).
يعد المغرب كذلك من الدول العربية التي عرفت ارتفاعا صاروخياً في أسعار العقار، فيما حافظت أجور صغار الموظفين على مستواها الضئيل، قبل أن تعرف زيادة طفيفة منتصف العام الماضي. وتصل كلفة إيجار شقة في المملكة داخل تجمعات السكن الاجتماعي إلى ما بين 212 و319 دولاراً، فيما يصل ثمن الغرفة الواحدة داخل مختلف الأحياء إلى 900 درهم شهرياً (96 دولاراً). في حين يصل الحد الأدنى للأجور في القطاع العام إلى 3000 درهم (319 دولاراً)، أي ما يوازي ثمن إيجار شقة خالية لا تتجاوز مساحتها 54 متراً مربعا. ويصل الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص إلى 2500 درهم (266 دولاراً). وضعية دفعت بانتشار ظاهرة استئجار مكان نوم فقط، فقرب الأحياء الصناعية للمدن، يلجأ العمال إلى هكذا انواع من السكن بـ500 درهم شهرياً (53 دولاراً).

لا عدالة في الأسعار
ويختلف الحال قليلا بالنسبة للتونس، فالحد الأدنى للأجور حسب معطيات رسمية يبلغ 1800 دينار تونسي ( 939 دولاراً) في القطاع العام، أما في القطاع الخاص فقد ينزل إلى 120 ديناراً فقط (63 دولاراً). ويمكن للموظف التونسي الحصول على شقة في العاصمة بمبلغ إيجار شهري يتراوح ما بين 261 و626 دولاراً.
ويبلغ الحد الأدنى للأجور في الجزائر 18 ألف دينار جزائري (حوالي 200 دولار). وبناء على قائمة أسعار إيجار مختلف أنواع العقار في الجزائر حصلت عليها "العربي الجديد"، لا يمكن للعامل والموظف الصغير الحصول على شقة في العاصمة الجزائر، حيث يبلغ ثمن إيجار شقة من غرفتين ومطبخ ما بين 249 و305 دولارات، وإذا كانت الشقة مفروشة فيضاف إلى قيمة إيجارها ما بين 113 و283 دولاراً. وأما الإيجارات في المدن البعيدة عن العاصمة، فتصل قيمة إيجار شقة بغرفتين إلى 7000 دينار (80 دولارا).
ويتضح من خلال هذه الأرقام المعروضة عن مختلف الدول، الهوة شاسعة ما بين الحد الأدنى للأجور، وكلفة إيجار الشقق وحتى الغرف. إذ إن السكن داخل المدن يساوي قيمة الأجر كله، سواء تعلق الأمر بموظفي القطاع العام أو مستخدمي وعمال القطاع الخاص.
ويرى المدير التنفيذي لشبكة المنظمات غير الحكومية للتنمية زياد عبد الصمد، أن سياسة الأجور في جل الدول العربية، تفتقر إلى آلية عادلة في إعادة توزيع الثروات ومداخيل الدولة والشركات. ويشدد على أن أهمية تحقيق هذه العدالة، وتوفير بيئة معيشية مناسبة.
ويوضح زياد في حديثه لـ"العربي الجديد" أن المعايير الدولية، تفرض ألا يتجاوز الإيجار ثلث الأجر، لكن هذا غير متوفر غالبا داخل الدول العربية، ويصف ذلك بـ"الوضعية غير عادلة". وضعية ينتج عنها "انتشار واسع للأحياء العشوائية ومدن الصفيح بل حتى السكن في المقابر، والتي تبقى الخيار الوحيد أمام أصحاب الدخل المحدود، للحصول على مسكن لهم ولأسرهم".
ويضيف المتحدث ذاته في تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن الإصلاحات يجب أن تطال تعزيز القدرات الإنتاجية، وذلك بغية موازنة مداخيل الأسر مع حاجياتها اليومية. ويلح على أن دعم الأجور يعزز القدرة الاستهلاكية، وينشط كذلك الأسواق المحلية والإقليمية، ما ينعكس بالإيجاب على تحريك عجلة الاقتصاد.
انفوغرافيك 

المساهمون