أنشطة تطبيقية لتنمية التفكير النقدي

30 ديسمبر 2014
أنشطة تساعد على تنمية التفكير النقدي (GETTY)
+ الخط -
لا زلت أذكر - رغم مرور السنوات - معاناتي في حفظ المواد الدراسية، ولا زلت أذكر نصيحة مدرس الفيزياء لي في ثانوية عامة بحفظ الكتاب المدرسي عن ظهر قلب، وجدالي معه لاقتناعي بأن الفيزياء يجب أن تُفهم هي وتطبيقاتها، ولكنه انتصر عليّ بحجة أن المصححين "بيصححوا" وفقاً لنموذج منقول من كتاب الوزارة ولو "عاوزة" تحصلي على مجموع كبير وتدخلي الكلية "اللي إنت عاوزاها لازم تكتبي بالنص زي الكتاب". ولا زلت أذكر المناقشات التي كانت تدور مع أولادي حول جدوى ما يتعلمونه في المدرسة من مواد مطلوب منهم أن يحفظوها عن ظهر قلب، فهل هذا ما نريده حقاً لأطفالنا؟! هل هذا هو التعليم الذي يتواءم مع متطلبات العصر الذي نعيشه؟! لقد أصبح واضحاً وجلياً لكل ذي عقل أن اعتمادنا على التعليم التلقيني هو أحد أهم أسباب تخلف منظوماتنا التعليمية، وأنه ينبغي علينا - على الأقل كآباء وكمربين - أن نعمل على غرس المهارات التي يحتاجها أطفالنا ليصبحوا أكثر قدرة على مواكبة متطلبات العصر الذي يعيشون فيه.

وفي البداية نحتاج أن نتعرف إلى أهم المهارات التي يحتاجها أطفالنا، والتي يطلق عليها "المهارات الفائقة لطفل الألفية الثالثة (4 Cs)" وهذه المهارات هي: التواصل - التعاون - التفكير النقدي - والإبداع والابتكار. 

ولتكن البداية بمهارة التفكير النقدي. التفكير هو عملية معقدة ومركبة من مستويات متعددة ومتفاوتة وتنمية مهارات التفكير النقدي والإبداع والابتكار، تتطلب أن يستهدف المربون المستويات الأعلى من مصفوفة مهارات التفكير (التحليل والتقييم والبناء).

ويحتاج أبناؤنا أن يتم تدريبهم من خلال التطبيقات العملية على مجموعة من المهارات الفرعية، التي تكسبهم مهارة التفكير النقدي، وهذه المهارات تشمل مهارة التحدي (Challenge) ومهارة مقارنة الاختيارات المتعددة (Compare and contrast choices) ومهارة الربط (Connect) وأخيراً مهارة البناء والخلق (Create)، والتدريب التالي هو واحد من التدريبات المقترح تنفيذها مع أطفالنا، ويمكن أن يُنفذ في البيت أو في النادي أو المدرسة مع أطفالنا وأصدقائهم، مع تقسيم الأطفال لمجموعات صغيرة، ونحتاج لأدوات رسم وصلصال كما يمكن الاستعانة بأي مخلفات منزلية (أعواد كبريت –عبوات الأدوية والبرطمانات "عبوات طعام" .. الخ)، ومن خلال شرح الأنشطة سنتعرف على كيفية دعم هذه المهارات الفرعية، وكيفية بناء مهارات التفكير النقدي عند أطفالنا.

أولاً:
خلق التحدي: سنفترض انقراض كل الكائنات الحية لعدم تأقلمها مع الظروف البيئية، والمطلوب من كل مجموعة أن تختار حيواناً خاصاً بها، وبعد اختيار الحيوان نطلب من الأطفال أن يجيبوا على مجموعة من الأسئلة حول حيوانهم المختار: أين يعيش؟ ماذا سيأكل؟ وكيف ستؤثر نوعية الطعام على تركيبته الجسدية؟ كيف سيتحرك الحيوان؟ وماهي الأدوات التي سيستخدمها في هذه الحركة؟ وكيف سيكون شكل هذه الأدوات؟ كيفية التواصل مع باقي أفراد القطيع؟ كيف سيتم التزاوج وماهي عوامل الجذب التي تجذب الذكور للإناث؟ ما هي الحيوانات المفترسة التي يمكن أن تفترس حيواناتك؟ وما هي الادوات التي تحتاجها الحيوانات للتخفي أو الحماية أو الهروب؟ شجعوهم على التفكير خارج الصندوق ومع عدم رفض أي فكرة مهما كانت غريبة، وتؤخذ مقترحات كل أطفال المجموعة مع عدم إهمال أي فكرة، وهدفنا من هذه المرحلة هو إثارة وتحفيز الأفكار الجديدة، والبناء على المعارف والخبرات السابقة، والاجتهاد بأقصى طاقة لخلق أفكار جديدة ومبتكرة.

ثانياً:
المقارنة بين الخيارات المتعددة. في كل نقطة من النقاط السابقة ستتكون قائمة من الخيارات المتعددة، ومن خلال النقاش يبدأ الأطفال في مقارنة البدائل المختلفة والمفاضلة فيما بينها وظيفياً وشكلياً، وهدفنا في هذه المرحلة هو تنمية القدرة على الملاحظة وتجميع المعلومات، وتنمية القدرة على تحليل أهمية وفائدة المعلومات، والمقارنة بين الخيارات من خلال التعرف على إيجابيات وسلبيات كل خيار. 

ثالثاً:
الربط. يُطلب من الأطفال أن يربطوا بين ما يعرفونه عن حيوانات اليوم وبين مقترحاتهم، ونهدف في هذه المرحلة من التدريب لتنمية القدرة على الربط بين ما هو معلوم وبين ما هو مكتشف حديثاً، وتطوير القدرة على جمع الأفكار سوياً وإعادة ترتيبها من أجل فهم أعمق.

رابعاً:
البناء. في هذه المرحلة يتعاون كل فريق في تصميم حيوانه على الورق، ويلي ذلك تصميم مجسم للحيوان وبيئته المحيطة بالصلصال. ونهدف في هذه المرحلة إلى تنمية القدرة على تقييم الأفكار، والتخطيط للوصول للنتيجة المرجوة، والمثابرة لأن تنفيذ المشروع عادة لا يتأتى بسهولة وبسرعة.

المساهمون