هذه تجربتي في سجون "داعش"

13 نوفمبر 2014
يعلق السجين من يديه بعد وضعهما خلف ظهره (Getty)
+ الخط -

طالما شاهدت أفلاماً عن معتقل "غوانتانامو"، ذي السمعة السيئة، وعن معتقليه وانتمائهم وتهمهم وطرق اعتقالهم وتعذيبهم ومعاملتهم داخل السجن. ولكن أتيحت لي الفرصة لرؤية ما هو مغاير، وما هو أقرب. كان هذا طيلة شهر كامل، بقيت فيه معتقلاً في سجون تنظيم "داعش".

طيلة فترة اعتقالي، كنت مقيد اليدين والقدمين بسلاسل حديدية ثبتت بزاوية الغرفة "المنفردة"، حيث يكون التقييد بأربع سلاسل حديدية "جنزير"، في كل قدم سلسلتان، تقفل كل سلسلة بقفل خاص بها، "قفل المحلات التجارية"، وطول كل سلسلة متر واحد، ويذهب نصف طولها حول الساق ويبقى النصف الاخر (50 سم) مسافة لـ"حرية" الحركة، التي قد تمكنك أحياناً من الوقوف بعد عدة محاولات. وتوثق اليدين بـ"كلبشة" حديدية، وفوق كل هذه القيود تكون في غرفة منفردة مقفلة بقفلها الرئيسي، وسلسلة حديدية إضافية مقفلة، نوافذها مغطاة ببطانيات من الداخل والخارج، بحيث تصبح رؤية نور الشمس من المستحيلات.

أما الطعام، فيقدم في صحون بلاستيكية، ويكون غالباً من المعلبات أو البيض أو البطاطا المسلوقة، بالإضافة إلى الخبز وعدد من حبات الطماطم مع التمر، ويضاف إلى المائدة صندوق عائد للانتخابات التي قام بها النظام السوري، يُملأ بالماء للشرب والوضوء، وعلب المشروب الغازي الفارغة "للتبول فيها"، حيث لا يمكن الخروج إلى دورة المياه سوى مرة واحدة في اليوم، وهي نفسها المرة، التي يتم احضار الطعام فيها، حيث تعصب العينان بقطعة قماشية لا يمكن للسجين إزالتها، وبالإضافة إلى كل هذه السرية، لا يتحرك أي سجان داخل السجن إلا وهو مقنع الوجه.

يمنع على السجين كل شيء، باستثناء بعض الكتب الدينية "مصحف، كتب لابن تيمية، الطرطوسي وعدد آخر من المشايخ لا أذكر أسماءهم".

وللتعذيب أيضاً فنون عجيبة، فالداعشيون لا يبالون إن مات أو عاش السجين، ما يهم هو الأقوال والاعترافات فقط. وغالبا ما يتم استخدام "الشبح"، وهي طريقة تعذيب شهيرة، حيث يعلق السجين من يديه بسلاسل حديدية ويرفع إلى الأعلى بحيث أن رؤوس أصابعه تلامس الأرض مما يزيد في عذابه الجسدي والنفسي. لكن "داعش" قام بتطوير هذه العقوبة وجعلها أقسى، حيث يعلق السجين من يديه بعد وضعهما خلف ظهره، والوجه والجسم يوازيان الأرض بشكل مائل، ويضرب بخرطوم مياه صلب يطلقون عليه اسم، الأخضر الإبراهيمي، وهو خرطوم مياه من البيكليت الصلب، ألمه أشد من صعقة الكهرباء.

كل هذا مورس بحقي وحق غيري في السجن السري، أو المنفى، كما يطلق عليه داخل التنظيم، وهو سجن خاص بالمجموعة الأمنية "السفراء"، قدرت أنه في أطراف شرق الرقة بعد فراري فقط مع بدء قصف التحالف مقرات داعش.

المساهمون