انعكاس اندماج الشركات على الاقتصاد

13 يوليو 2015
اندماج الشركات يدعم القوى التناقسية (Getty)
+ الخط -
تبدأ عملية البحث عن الحلول في عالم الاقتصاد عند اندلاع الأزمات ذات الطبيعة الطويلة الأمد، حيث إن المعوقات والمشاكل تتفاقم، ما يجعل من إدارات الشركات في حرج كبير أمام المساهمين، نظراً لتقلّص الأرباح النمطية، أو حتى لارتفاع الخسائر التي تكبر حتى يصل مداها إلى رأس المال العامل وأصل تلك الشركات.

وعندها، تكون تلك الأزمات المالية قد بلغت في العمق مأخذاً كبيراً، لا تنفع الكثير من الحلول السريعة معها، ومنها زيادات أو خفض رأس المال من أجل السيطرة على حجم الخسائر واستغلال تلك السيولة في النشاط، الذي قد يواجه المزيد من الكساد لصعوبة نجاح التوقعات المبنية على بيانات تاريخية سابقة، تحتاج للعوامل والبيئة نفسيهما كي تتكرر وفق السيناريو الذي شهده الاقتصاد نفسه سابقاً، أكان على مستوى الاقتصاد المحلي أو العالمي على السواء.

وعلى الرغم من حجم السيولة المتفاقم لدى المصارف الخليجية على هيئة ودائع، إلا أن مقدار النقد ليس هو المشكلة الحقيقية أمام مجالس الإدارات لكي تتخلّص من مشاكلها المالية، إنما هي الثقة المتبادلة بين الهيئة الإدارية ومجلس إدارة الشركة من جانب، والمستثمرين من الجانب الآخر. الأخيرون يحبّذون عدم الخوض في الاستثمارات ذات المخاطر العالية في أوقات الأزمات والكساد الاقتصادي، أو حتى في بداية التعافي.


وإعادة الهيكلة المالية التي انتشرت بعد الأزمة المالية العالمية، ما هي إلا اتخاذ الإجراء الأقل كلفة لكبار المساهمين الداعمين لمجلس الإدارة، في محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تلك الشركة، سعياً منهم إلى البقاء لأطول وقت ممكن، منتظرين تحسّن أداء الشركة، أو تحسّن أوضاع الأصول الثابتة أو المتداولة محل الدين.

ولمعرفة أبرز أسباب الآثار السلبية للأزمة المالية، لا بد من مراجعة الشركات ذات الارتباط بالمجموعة الواحدة، وهي غالباً ما تأسست عبر تحولات منطقية لشركات عائلية أو كيانات سابقة أو تحالفات أدت إلى تحقيق انتشار في عدد من القطاعات من خلال الشركات التابعة أو الزميلة أو شركات المحاصة. وهي شركات ذات كيان قانوني مشترك بين شركتين، ومن غير ترخيص كامل، أنشئت بغرض مشروع معيّن تنتهي بنهايته.

والإفراط في التوسّع غير المدروس جيداً كان السبب في تعثّر الكثير من الكيانات الكبيرة بالخليج ومعظم الدول العربية، خاصة لقطاع شركات الاستثمار والعقار أو شركات نشاطها مرتبط بشكل كبير في الأوراق المالية، وتأسيس أو إصدار رؤوس أموال شركات ذات طبيعة استثمارية، وهي تحمل مخاطر كبيرة أمام أية تراجعات حادة لأسواق المال والبورصات التي لا تعتبر من الأسواق المستقرة في طبيعتها. وهي تعتمد على التباين والتقلّب في العمل اليومي.
وحتى تستطيع تلك الكيانات والشركات الوصول إلى حلول جذرية كان يجب عليها أن تقوم بدراسة مصالح تلك الشركات في عملية الاندماج مع الشركات الأخرى، سواء في ذات المجموعة والكيان أو بمجاميع أخرى، ترتبط معها بأهداف استراتيجية طويلة الأجل ومصالح مشتركة ذات غايات استثمارية، وهو القرار الأصعب.

وتختلف أشكال الاندماج وفق الهدف والكيان النهائي الذي ينتج بعد ذلك الاندماج، ولكنها تتفق حول مضاعفة القدرة على المنافسة بل ودعم القوى التنافسية في حال اندماج شركتين من ذات النشاط الذي تمارسه في القطاع الواحد. أما في حال اختلاف النشاط الرئيسي لكلتا الشركتين، فإن ذلك يطلق عليه التكامل الطوعي الذي يتم اتخاذه في أوضاع مختلفة وليس بالضرورة أن يكون إجبارياً، بسبب التعثرات أو الخسائر الكبيرة.


ويوجد نوعان رئيسيان من أشكال الاندماج: الاختياري والإجباري. وبطبيعة الحال، فإن الاختياري يكون وفق بيئة نمطية عادية أو يكون هناك رواج أو يكون هناك استحواذ من مالك إحدى الشركتين على الأخرى. ما يسمح له بزيادة عدد القاعدة الخدمية أو الإنتاجية عبر ذلك الاندماج. لينتج كيان أكبر وبحصة سوقية أشمل بل وبخبرات متفاوتة أفضل، نظراً لاختلاف الفريق التنفيذي لكلتا الشركتين.

وعلى الرغم من وجود بعض القوانين التي تمنع الاحتكار، وبالنتيجة قد تمنع الاندماج الاختياري في هذه الحالة، فإن من الممكن أن تبقى الأشكال القانونية موجودة مع توافق في الأعمال التي يتم تنفيذها وفق النشاط الخدمي أو الإنتاجي. كما أن الاندماج الإجباري، وهو ما قد يستثنيه القانون في الكثير من الأحوال، سينعكس إيجاباً على الشركة وقد تكون له آثار سلبية على مجتمع الأعمال أو الدولة بشكلها العام.

ويمكن القول بأن الاندماجات التي تنجم عن دراسات مستفيضة للوصول إلى اتفاق يلبّي تطلعات الجانبين، قد تكون اختيارية في قراراتها وإجبارية في ظروفها، حيث يدفع ضعف السوق إلى اتخاذ القرار من قبل إحدى الشركتين بالاندماج، فينعكس ذلك على البيانات المالية على المدى الطويل بالإيجاب.
(خبير اقتصادي كويتي)
المساهمون