سياسيو العراق يُضعفون الخدمة العامة لزيادة ثرواتهم

01 اغسطس 2016
تمديدات الكهرباء في أحد أحياء بغداد(صباح أرار/ فرانس برس)
+ الخط -
سيطر القطاع الموازي على أكثر من 70% من السوق العراقية، نتيجة تراجع الخدمات التي يقدمها القطاع العام الذي تشرف عليه الحكومة بالرغم من إنفاقها مليارات الدولارات خلال السنوات الماضية. ويتعرض العاملون في هذا القطاع إلى انتهاكات كبيرة لحقوقهم نتيجة عدم وجود قانون يحكم عملهم بالإضافة إلى تشغيل الأطفال. 

ويقول المواطن جبار الربيعي (45 عاماً)، الذي يعمل في سوق العقارات، لـ"العربي الجديد"، إن "خدمات الدولة العراقية ضعيفة جداً ولا تلبي طموحاتنا، لذلك نضطر إلى اللجوء للقطاع الموازي المنتشر في كل مكان"،
مبيناً "أدفع شهرياً مبلغ 234 دولاراً ككلفة كهرباء للمولّدات الأهلية في منطقتي مقابل 15 أمبيراً تغذي المنزل لمدة 24 ساعة".

ويضيف أن "المجمعات الطبية والعيادات الخاصة منتشرة في كل مكان، وهي غير مسجلة لدى وزارة الصحة، يفضل المواطنون الذهاب إليها بدلاً من الذهاب إلى المستشفيات الحكومية التي تفتقد للعلاجات والأطباء الكفوئين وتسيطر عليها الإجراءات البيروقراطية"، مشيراً إلى أن "المياه نشتريها من السوق السوداء، لأن المياه في الصنابير غير صالحة للشرب وملوثة".

ويشير إلى أن "كل شيء في العراق نشتريه من القطاع غير المنظم وحتى القنوات المشفرة فهي مفتوحة لدينا وبأسعار رخيصة تصل إلى 10 دولارات في الشهر"، مؤكداً أن "قوائم فواتير الدولة التي تصلنا كل ثلاثة أشهر غالبية العراقيين لا يدفعونها احتجاجاً على ضعف الخدمات المقدمة من القطاع العام".
من جهة أخرى، يقول حسين جاسم (29 عاماً)، الذي يعمل في القطاع الموازي، لـ"العربي الجديد"، إن "القطاع الموازي يفتقر للقوانين التي تنظم عمله، ومعظمه تسيطر عليه الأحزاب السياسية الحاكمة في البلاد".

ويوضح أن "العاملين في القطاع غير المنظم لا تتوافر لهم حماية قانونية وعرضة للتعسف والابتزاز، لأن هدف القائمين عليه تحقيق الربح دون الاهتمام بحقوق الناس"، مضيفاً أن "المواطن يفضل اللجوء إلى القطاع غير المنظم بدلاً من القطاع العام نتيجة ضعف الخدمات التي يقدمها الأخير".

ويقول أستاذ الاقتصاد في الجامعة المستنصرية، فلاح الربيعي، لـ"العربي الجديد"، إن "الاقتصاد عندما يضعف ويتهشم مثلما يحصل حالياً في الاقتصاد العراقي، فإن مؤسسات الدولة تتراجع عن تقديم خدماتها إلى المواطنين وتضعف سيطرتها على معظم القطاعات، وهو ما يؤدي لظهور القطاع غير المنظم أو الذي يطلق عليه القطاع الموازي".

ويضيف أن "الاختلال بالهيكل الاقتصادي جعل القطاع غير المنظم يلتف حول القطاع المنظم وينظم قواعد اللعبة وتحقيق الربح السريع وتعميم الاحتكار"، لافتاً إلى أن "هذه الاختلالات بالقطاع العام تفاقمت أخيراً والمحصلة النهائية قلة رفاهية المواطن نتيجة الأخطاء بالأنظمة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية".


ويبيّن أنه نتيجة "ضعف الدولة صار القطاع غير المنظم قوة كبيرة، وأي تشريعات للحد منه تثبت عدم فعاليتها، لأنه غير خاضع لسيطرة الدولة ووجود المتنفذين فيه".

ويقول الخبير الاقتصادي، علي الصيهود السوداني، لـ"العربي الجديد"، إن "القطاع الموازي في العراق يعتبر مهماً ولا يقل أهمية عن القطاع الرسمي، وحجم تداول المعاملات التجارية فيه يمثل أضعافاً عديدة من القطاع العام"، مشيراً إلى أنه "من الصعب أن تسيطر الحكومة على القطاع الموازي كونها لم تفرض سيطرتها على القطاع العام الذي تشرف عليه".

ويؤكد أن "القطاع الموازي يتدخل بشكل كبير جداً في القطاع العام، وأدى تدخله إلى مشاكل كبيرة للاقتصاد، منها تلكؤ العديد من المشاريع وتهريب عملة أجنبية إلى خارج البلاد أو إلى السوق السوداء"، مضيفاً أن "الانتهاكات في حقوق الإنسان والعاملين بالإضافة إلى تشغيل الأطفال تنتشر في القطاع الموازي العراقي".
وكانت الحكومة العراقية أكدت عبر مستشارها المالي مظهر محمد صالح، أنها تعمل على القضاء على القطاع غير المنظم الذي يستحوذ على 70 بالمائة من السوق العراقية، عبر تنظيم السوق وتفعيل الضرائب وتوفير القروض الميسرة.
المساهمون