العسكر أولاً... والحاجة التنموية لا تغري الأنظمة العربية

27 مايو 2015
تصرف الدول العربية ميزانيات ضخمة على الإنفاق العسكري(العربي الجديد)
+ الخط -
شكلت الحروب والنزاعات القائمة في منطقة الشرق الأوسط، بيئة حاضنة لارتفاع ميزانيات الدفاع في الدول العربية. ومن يراقب الميزانيات المخصصة للإنفاق العسكري، يلحظ الفجوة الكبيرة في حجم الإنفاق على القطاعات الحيوية، كقطاعي التعليم والصحة. ويتضمن الإنفاق العسكري، نفقات الأفراد العسكريين، الرواتب والأجور، الخدمات الاجتماعية للأفراد، التشغيل والصيانة، والبحوث العسكرية، بالإضافة إلى شراء الأسلحة.

بحسب بيانات معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن الإنفاق العسكري في الدول العربية، ارتفع خلال السنوات الماضية بشكل لافت. في العام 2013، سجل الإنفاق العسكري في الأردن على سبيل المثال 3.6% من إجمالي الناتج المحلي، في حين وصل في العام 2011، إلى 4.8%. أما في العام 2015، فقد تم رصد مليار دينار، أي ما يعادل 1.4 مليار دولار لميزانية الأمن والدفاع.


في الجزائر النفطية، وصل إجمالي الإنفاق العسكري من الناتج المحلي إلى 5% في العام 2013، إلا أن الحرب على ليبيا ومالي والأوضاع غير المستقرة في تونس، ضغطت على الحكومة الجزائرية، التي رفعت من ميزانية الأمن والدفاع في العام 2015، ورصدت 13 مليار دولار، أي ما يعادل 11.6 % من إجمالي الميزانية، كما رصدت لوزارة الداخلية التي تقاسم الدفاع في عمليات حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب 6.95 مليارات دولار، ليصبح المجموع ما يقارب 20 مليار دولار. في اليمن، الذي يعيش على وقع إضرابات أمنية، وصلت ميزانية وزارة الدفاع للعام 2014 إلى نحو 2 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 20% من إجمالي إنفاق العام. أما في العراق، فتصل نفقات الأمن والدفاع إلى نحو 23 مليار دولار من موازنة العام 2015، البالغة 100 مليار دولار.

إقرأ أيضا: الموت على أبواب المستشفيات في الدول العربية

يقول الخبير الاقتصادي عدنان الدليمي إن إلأنفاق العسكري في دول المنطقة ارتفع خلال السنوات الماضية بسبب الأوضاع الأمنية. ويضيف لـ "العربي الجديد": حتى الدول التي لا تشهد حروباً على أراضيها، تسعى إلى تأمين أمنها القومي، وهو ما ينعكس سلباً على باقي القطاعات، ونلاحظ بالتالي غياب الإنفاق على التعليم أو الصحة، فيما لو استثمرت الدول العربية ميزانياتها لتعزيز الإنفاق على التعليم، لقضت بذلك على ارتفاع نسب البطالة والفقر".

بالعودة إلى أرقام وبيانات البنك الدولي، يلاحظ غياب أي معلومات رسمية حديثة حول الإنفاق على التعليم في هذه الدول، أي العراق، اليمن، الجزائر، الأردن، بالإضافة إلى دول أخرى، كسورية، مصر وغيرها.


في المقابل، تشير دراسة أعدتها شركة "أيويد"، الشركة الرائدة في منتجات وخدمات التعليم على التكنولوجيا في المنطقة العربية، أن 3.8 % فقط هو معدل الإنفاق على التعليم من إجمالي الناتج المحلي. وبحسب منظمة اليونيسكو فإن الدول العربية تخصص نحو 5% فقط من إجمالي الناتج المحلي للتعليم، فيما أنفقت 20% فقط من إجمالي الإنفاق الحكومي على التعليم خلال السنوات الأربعين الماضية.

ويلاحظ أن نسبة الملتحقين في الدول العربية بالمدارس، ضئيلة جداً، ولا تحتوي بيانات البنك الدولي على أرقام حديثة، فقد سجلت سورية على سبيل المثال في العام 2013 نسبة 44% من إجمالي المواطنين في سن الدراسة الثانوية، فيما سجل اليمن نسبة 42% فقط في العام 2012، وهو ما يدل على أن المواطنين في سن التعليم الثانوي يبتعدون عن مقاعد الدراسة، ربما بسبب الأوضاع الاقتصادية، وهذا ما يعني قصوراً من جانب الحكومات في هذه الدول وغيرها لزيادة فرص التعليم للمواطنين.

يشير الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان إلى أن الإنفاق على القطاع التعليمي في الدول العربية لا يتعدى الإنفاق على الأجور والرواتب، وتسديد معاشات التقاعد، وتشييد المدارس، وبالتالي فإن الإنفاق الحقيقي للتطوير والبحث يغيب عن خارطة الموازنات العربية. ويقول لـ "العربي الجديد": "بالرغم من ضعف الإنفاق على التعليم، مقارنة بالدفاع والأمن، فإن الاستفادة حتى من هذا الإنفاق تكاد لا تذكر، إذ لا يكفي سد الرواتب والأجور، بل يتوجب أيضاٌ العمل على تطوير المناهج التعليمية، كونها المصدر الرئيسي لارتفاع البطالة، والفقر في عالمنا العربي".

إلى ذلك، كشفت دراسة صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، عن الصورة القاتمة لجودة قطاع التعليم في دول عربية عدة. ولاحظت الدراسة أن قطاع التعليم يعيش أزمة حقيقية في العديد من الدول في المنطقة، خصوصا الفقيرة منها، وأرجعت السبب في ذلك إلى الميزانيات المحدودة التي تخصصها الحكومات لقطاع التعليم، وغياب الفلسفة التعليمية والاستراتيجية الواضحة، وضعف الهيكل التنظيمي والبنى التحتية والتجهيزات المدرسية، وتخلف مستوى المناهج المدرسية، واعتمادها بشكل كبير على حفظ المعلومات وتلقينها للتلميذ عن ظهر قلب دون تحليلها أو فهمها. إضافة إلى أزمة فعلية تتمثل في غياب المواد التي تنمي الحس النقدي لدى الطالب وتمكنه من التحليل المنطقي.

أرقام
%5: تخصص الدول العربية 5% فقط من إجمالي الناتج المحلي للإنفاق على التعليم، وذلك بحسب دراسات قدمتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة "اليونيسكو".

%2.6: تصل نسبة الإنفاق على التعليم في لبنان إلى 2.6% فقط من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في العام 2013، برغم المطالب المتواصلة بزيادة هذه النسبة.
المساهمون