تعايش الإدارة والتكنولوجيا... سر النجاح

09 نوفمبر 2015
الاتصال الرقمي يحفز عمل القائد (Getty)
+ الخط -
إننا نعيش في عصر التغيير السريع، بعدما دخل حياتنا الإنترنت إلى تفاصيل حياتنا اليومية. ولكن ماذا حصل؟ وكيف ارتبط مفهوم القيادة الإدارية مع شبكة الإنترنت؟ وكيف نشأ البعد الإلكتروني للقيادة؟ مما لا شك فيه أن ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أحدثت تغييراً واضحاً في أنماط الوصول إلى القيادة الناجحة.
يقول العالم تشارلز داروين "إن بقاء المخلوقات الحية لا يعتمد على القوة أو الذكاء، بل على قدرة الاستجابة للتغيير".

التقدم المستمر

أثرت التكنولوجيا بشكل كبير على الهيكل التنظيمي للشركات. كانت الشركات تخضع لهياكل هرمية عمودية، لكن التغيير ودخول تكنولوجيا المعلومات، جعل الهياكل الهرمية العامودية غير مناسبة للأساليب الجديدة المرنة في العمل والأسواق المتقلبة باستمرار.
يقول عالم الاجتماع، مانويل كاستيلز، في كتابه The Network Society، الصادر في عام 1996 "إن التغيير المؤسساتي ما كان له أن يرى النور لولا التقدم المستمر في تكنولوجيا المعلومات، ولكن التغيير كان عبارة عن قيام علاقة تعايش، لأن ظهور التقنيات الجديدة هو ما مهد الطريق للتغيير داخل المؤسسات".

ويذهب كاستيلز إلى أبعد من ذلك، إذ إن المؤسسات وتقنية المعلومات مرتبطان برابط مشترك يصهرهما سوياً فيما هما يتقدمان. ومن هنا ظهر البعد الإلكتروني للقيادة.
في يونيو/ حزيران من عام 2001، قال الرئيس التنفيذي لشركة هيوليت باكارد كارلي فيورينا، إن "عصر الإنترنت قد بدأ لتوه... وفي الوقت الذي أضفى التباطؤ الاقتصادي الحالي نوعاً من الواقعية على مسيرة النمو الخيالية، فإننا نعرف جميعاً أن القيمة المتأصلة للإنترنت التي لا تقبل الجدل، فليس هناك عودة عن الأساس، في أن الإنترنت هو صيغة من صيغ الاتصال، أي صيغة اتصال انفتاحية وجماهيرية ومباشرة لا هرمية فيها"، لذلك فإن التحول الكامل إلى وسيلة اتصالات منفتحة وجماهيرية ومباشرة ولا تراتبية ولا هرمية سوف يغير من شكل الشركات إلى الأبد، وحتماً سيغير من طريقة قيادتها.
منذ فترة ليس ببعيدة لم يكن من المعتاد لقادة الشركات أن يطلبوا من معاونيهم، أن يطبعوا لهم رسائل البريد الإلكتروني، وكان جهاز الكومبيوتر مُطفَأً وجزءاً من ديكور المكتب. ولكن وبلا شك أصبح ذلك، نادر الحدوث يوماً بعد يوم.

اقرأ أيضاً:العلاقات المميزة سر النجاح في قيادة المؤسسات

لذلك فإن تماشت البُنى المؤسساتية وتكنولوجيا المعلومات بالتوازي، فلا بد أن تصل إمكانيات وتشعبات الإنترنت إلى وضع الاستراتيجية أو الخطة الاستراتيجية والقيادة في حالة احتضان ضمنها.

الوعي المعلوماتي

في الماضي كانت الاستراتيجية تعطي إدارة تكنولوجيا المعلومات الأوامر، لكن الآن وعلى الأغلب، فإن الإنترنت يحدد الاستراتيجية. إن القادة الذين يعانون من الأمية المعلوماتية، سوف يعانون من جراء غياب الوعي المعلوماتي.
ذكر دون تابسكوت في مقال تحت عنوان "Burying the Corps" في مجلة "Director Magazine" إن العديد من قادة الأعمال لا يزالون يفشلون في تقدير مسألة، أن المؤسسة نفسها لم تعد نقطة الانطلاق للتفكير الاستراتيجي، لذلك عليهم الآن إعادة تحديد استراتيجية العمل واضعين شبكة الإنترنت في قلب الاستراتيجية".
أدى وجود تكنولوجيا المعلومات، وعلى الأخص شبكة الإنترنت، إلى مساعدة قادة المؤسسات ليصبحوا قادرين على البحث عن المعلومات بأنفسهم، وذلك نظرياً على الأقل، ذلك أن الإنترنت، يجب أن يكون من الوسائل الاستثنائية لمشاركة المعرفة.

مثال على ذلك، ابتكرت شركة BP شبكة معقدة باستخدام مؤتمرات الفيديو والبريد الإلكتروني وشبكات الإنترنت، وطورت قنوات توزيع المعلومات بشكل مباشر وبسهولة بين أقسام العمل المنتشرة والموزعة في جميع أنحاء العالم. وحققت هذه الخطوة في سنتها الأولى عام 1996، ما يقارب 30 مليون دولار للشركة.
إن القادة الذين يعملون على مشاركة المعلومات من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصال عبر شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي يجعلون من الممكن نقل وتناقل وتبادل المهارات القيمة.
إن معرفة وتفهم القادة هذا البعد الإلكتروني يعتبر أهم نقاط القوة للشركات المتميزة، لذا على القائد التنفيذي أن يفهم الإدارة وسير عملها، مع أن نظرية القيادة الحديثة تضمنت تغييراً طفيفاً في الكلمات أي "تطبيق الأفعال على الأقوال". ولكن تبقى وتستمر الفكرة الأساس "اُخرج من مكتبك وقابل الناس وتحدث إليهم".
(باحث وأكاديمي لبناني)

اقرأ أيضاً:كيف يطوّر القائد المحيطين به؟
المساهمون