"ميتزالا" كرة القدم: نصف جناح في الوسط

"ميتزالا" هي كلمة إيطالية، وتعني نصف جناح أو مهاجم نحو الداخل."Mezzala Destra" الجناح الأيمن نحو الداخل و"Mezzala Sinistra" الجناح الأيسر نحو الداخل. وأشهر من لعب دور "ميتزالا" في الكرة الإيطالية هو جيوسيبي مياتزا أسطورة فريقي ميلان وإنتر ميلان.

البداية إيطاليا
تُوج المنتخب الإيطالي بلقب مونديال 1934 و1938، ومن هناك بدأ ظهور لاعب "ميتزالا" على أرض الملعب. ابتكر المدرب فيتوريو بوزو نظام لعب معارضا للأفكار التي كانت سائدة آنذاك وتلعب فيها معظم المنتخبات. إذ إن خطة (2-3-5) كانت سائدة مع تواجد لاعبين أيسر وأيمن في منتصف الخط الأمامي.
قرر بوزو اللعب بطريقة عُرفت آنذاك باسم "ميتودو" وهي طريق لعب (2-3-2-3). بوزو لاحظ أن الخط الثلاثي أمام المدافعين يحتاج لتغطية أمامه فقرر إرجاع اللاعبين القريبين من الأجنحة إلى الوسط تماماً، ومن هنا خلق صلابة دفاعية ومنح الفريق قدرة أكبر على الانتقال للهجوم بسرعة وخلق كثافة عددية.

إن أدوار "Mezzala Destra" و"Mezzala Sinistra" كانت مهمة جداً في ذلك الوقت وساهمت في تتويج المنتخب الإيطالي بلقب المونديال عامي 1934 و1938. ويبرز إلى الواجهة مباشرةً جيوسيبي مياتزا الذي يُعبتر أفضل "ميتزالا" تاريخياً.
مياتزا كان لاعباً مُتكاملاً: يلعب بالقدمين، يملك رؤية مُميزة ويتحرك بسرعة في الملعب على طريقة ليونيل ميسي. مراوغ بارع ويُمرر كرات حاسمة ويصنع العجب في الثلث الأخير بفضل رشاقته واستحواذه على الكرة خلال الانطلاقات.

"ميتزالا" العصر الحديث
"ميتزالا" العصر الحديث هو لاعب خط وسط يملك الموهبة وقدرة الابتكار لوظائف مهاجم نحو الداخل أول لاعب خط وسط مهاجم. لكنه يبدأ في التمركز من الخلف ثم يتقدم بين الخطوط، يدخل "أنصاف المساحات"، يتحكم بالكرة في مناطق ضيفة ويلعب كرات مباشرة لزملائه.
تنقسم وظائف "ميتزالا" اليوم إلى ثلاثة أجزاء (جانب دفاعي، جانب في المنتصف وجانب هجومي). في المنطقة الدفاعية دوره يقتصر على عملية البناء والتمريرات البسيطة، بينما في منطقة الوسط عليه خلق تمريرات (وان-تو)، التطلع دائماً للتواجد في "أنصاف المساحات والتوجه باستمرار نحو المساحات العمياء للمنافس.
أما هجومياً فعليه التحرك في منطقة اللاعب رقم 10، خلق الفرص لزملائه في الثلث الأخير أو محاولة التسديد على المرمى وتسجييل الأهداف. "ميتزالا" قادر على خلق كل شيء في الثلث الأخير وإرباك المدافعين في ثوان معدودة بحركة غير متوقعة.

توظيف "ميتزالا"
عادةً ينجح دور "ميتزالا" في خط وسط مؤلف من ثلاثة لاعبين أو (4-3-3)، ويمكن توظيفه في تشكيلة (4-4-2) الماسية أو (3-5-2) التي تفتقد عملياً للأجنحة الطبيعية في خط الهجوم، وهنا مثلاً يحرك "ميتزالا" نحو "أنصاف المساحات" ويُشكل رباعي هجومي يخلق كثافة عددية في الخط الأمامي.
"ميتزالا" يوفر التوازن الكبير في تشكيلة (4-3-3) وخصوصاً في الكرة الحديثة عندنا أمست الأجنحة مقلوبة وتتجح نحو الداخل أكثر من الأطراف. وهنا مثلاً يمكن لـ"ميتزالا" التوجه نحو الطرف أكثر وخلق صلة وصل مع الظهير المتقدم، وهذا ما يسمح له باستلام الكرة مجدداً وتمرير كرات بينية نحو المهاجم الصريح داخل المنطقة.

من هم "ميتزالا" العصر الحديث؟
طبعاً من أبرز الأمثلة أندريس إينييستا مع برشلونة وخصوصاً في فريق عام 2011، الذي اعتبر من أعظم أندية كرة القدم تاريخياً. خط الوسط كان عالميا ومن طراز لا يُقارن بتواجد إينييستا وتشافي وبوسكيتس في الخلف.
ووفرت سلاسة التحرك بقيادة غوارديولا مهمة إينييستا كثيراً، إذ إن الأخير كان يتقدم أكثر عندما يعود ميسي لاستلام الكرة، ديفيد فيا يتقدم إلى الثلث الأخير كمهاجم صريح. وبالتالي يحمل إينييستا الكرة في الثلث الأخير ويخلق الفارق هناك بتحركاته وتمريراته الذكية.
وهناك مثال أخر لـ"ميتزالا" وهو بول بوغبا في يوفنتوس تحت قيادة المدرب كونتي وفي نظام لعب (3-5-2). هناك مُنح بوغبا حرية التحرك على أرض الملعب، يمكنه لعب دور الرقم 10، التحرك يميناً أو يساراً ويمكنه فتح الملعب على الأطراف أيضاً، وفعلاً نجح في صناعة اللعب وتسجيل الكثير من الأهداف.

وهناك نابي كييتا لاعب فريق ليفربول الذي يلعب دور "ميتزالا" مؤخراً، لأنه يتحرك دائماً نحو المنطقة العمياء خلف المدافعين، يتبادل الكرات مع حامل الكرة، يحملها نحو مناطق عالية ويُمرر كرات حاسمة أو يُسجل الأهداف الجميلة، وأهم الأشياء أن كييتا يبدأ من مركز متأخر ثم يتقدم لصناعة الفارق في الثلث الأخير دائماً.
يُضاف إلى الأسماء المذكورة كل من سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش الذي يلعب هذا الدور مع لاتسيو، وزميلخ لويس ألبيرتو الذي يلعب بين الخطوط ليُمول المهاجمين بالكرات ويخلق الفرص. وهناك بيوتر زيلينسكي في نابولي الذي يلعب كـ"ميتزالا".

هذا هو "ميتزالا" كرة القدم.