ثقافة التشجيع في لبنان

09 ابريل 2018
جمهور فريق النجمة واللوحة الجماهيرية الرائعة (تويتر)
+ الخط -

غيّرت اللوحة الجماهيرية (التيفو) التي رسمها جمهور فريق النجمة، الأسبوع الماضي، على مدرجات ملعب صيدا، الكثير من مفاهيم ثقافة التشجيع في لبنان، خصوصاً في رياضة كرة القدم. المشجع اللبناني عصبي، متهور، مجنون وعفوي. الخسارة بالنسبة للمشجع اللبناني يجب ألا تحدث، ولا يجب التفكير فيها أساساً.

المشجع اللبناني يعشق كرة القدم بقلبه وعقله حتى الموت، ويدافع عن فريقه وكأنه يدافع عن حياته. يُهاجم خصمه وكأنه يُهاجم سارقا يُداهم منزله، وإن تطلب الأمر قتل هذا الخصم فلا مشكلة لديه، لأن كرامته وكرامة الفريق الذي يعشقه فوق كل اعتبار.

ثقافة التشجيع في لبنان لا تختلف عن الدول الأوروبية، لجهة الولاء والحب والوفاء، لكنها تختلف كثيراً عندما يأتي الأمر لجهة تقبّل الخسارة أو الانضباط داخل المدرجات.

بالأمس، اجتاح مشجعون لفريق العهد أرض الملعب واعتدوا على لاعبي الخصم من فريق الأخاء أهلي عاليه. وقبل عام، أشعل جمهور النجمة ملعب "المدينة الرياضية"، اعتراضاً على خسارة الفريق والأخطاء التحكيمية. وقبل ذلك، أمطرت جماهير الأنصار الملعب بالمقاعد المكسورة!

بالأمس، مشجع كسر المقعد الذي كان يجلس عليه لمتابعة اللقاء وألقاه نحو الملعب.

واليوم، مشجع اقتحم أرض الملعب، ليس للاحتفال مع الجماهير، كما يحدث في أوروبا، وإنما لضرب لاعب من الفريق الخصم، والأمن اللبناني "شاهد ما شافش حاجة".

بين الأمس واليوم، الصورة لم تختلف.. مقعد مكسور.. مشجع غاضب.. أعمال شغب.. اعتداء على اللاعبين.. هجوم على القوى الأمنية.. أعمال شغب في المدرجات.. هتافات طائفية وسباب في كل مكان. أما تشجيع الفريق فيأتي لدقائق معدودة من أصل 90.

في ألمانيا، احتضنت جماهير دورتموند عددا كبيرا من جماهير موناكو في بيوتهم بسبب تأجيل اللقاء. في هولندا، ألقت جماهير الخصم الألعاب على أطفال جماهير صاحب الأرض والجمهور وأمام 60 ألف متفرج. في إيطاليا، جماهير يوفنتوس صفقت لرونالدو على هدف "الأكروباتية"، لأنه بكل بساطة هدف يستحق كل الاحترام.


في إسبانيا، جماهير الملاعب تُصفق لأندريس إينييستا، لأنه سجل هدف الفوز بكأس العالم في عام 2010، رغم أنه يلعب مع فريق مكروه هو برشلونة. جماهير كرة القدم تعشق فريقها وتكره خصمها، لكنها تتميز بثقافة التشجيع الحضارية مهما كانت نتيجة اللقاء.

فلنبدأ من لوحة جمهور النجمة التي رسمها على المدرجات ونجعلها بداية مرحلة جديدة من التشجيع في كرة القدم اللبنانية. بداية مرحلة اعتبار الأخطاء التحكيمية جزءا من اللعبة. بداية مرحلة تقبّل الخسارة. بداية مرحلة احترام الخصم وجمهوره. بداية مرحلة جديدة من ثقافة التشجيع في لبنان...

المساهمون