عوار... كن رجلاً نحترمك

09 ديسمبر 2018
النجم ذو الأصول الجزائرية حسام عوار(Getty)
+ الخط -
لا توجد قضية تسيل الحبر هذه الأيام، أكثر من مستقبل حسام عوار، نجم نادي ليون الفرنسي، وأحد المواهب الكبيرة التي تخطف الأضواء في الدوريات الكبرى، ما جعل اللاعب محط أنظار الكثير من الأندية الأوروبية العملاقة، وخاصة أن المنصب الذي ينشط فيه الفرنكوجزائري مطلوب بقوة في سوق الانتقالات، لكونه بالغ الأهمية في خطط مدربي كرة القدم الحديثة.

وككل لاعب مزدوج الجنسية يبزغ نجمه في سماء الكرة، يبدأ النقاش عن مستقبل جنسيته الرياضية، هل سيردّ جميل البلد الذي علّمه أبجديات الكرة وطوّر موهبته ويختار فرنسا، أم سيحنّ إلى أصوله ويختار البلد الأصل الجزائر، وهنا دائماً ما تكثر التسريبات والتصريحات، حتى يفصل اللاعب نهائياً في الأمر.

عوار الذي ظل حديث الإعلام لمدة طويلة، غير أن القضية لم تأخذ أبعاد الجدية إلا بعد تصريح المدرب الوطني الجزائري جمال بلماضي، الذي عبّر بطريقة غير مباشرة عن اهتمامه باللاعب، وخاصة أن "الخضر" يعانون بقوة في المنصب الذي ينشط فيه اللاعب، وأكد أنه يتابعه منذ مدة طويلة، ليليه ظهور عوار مع والدته في زيّها الجزائري خلال حفل الكرة، ليزداد الأمل لدى الجانب الجزائري بتأثير عائلة النجم الصاعد ومحيطه، لكون هذا الأخير لا يزال مرتبطاً بعاداته وأصوله ولم ينسلخ منها بعد.

الأمل الذي دبّ في صفوف الجماهير الجزائرية، قابله تصريح رئيس نادي ليون جون ميشال أولاس، الذي كان ديبلوماسياً في خطابه علناً، غير أن من يعرف هذا الرجل وتاريخه مع اللاعبين من نفس طينة عوار، يدرك جيداً أن الأمر يتعلق بلغة الخشب، تخللتها بعض التلميحات إلى عكس ما صرّح به، بطلبه غير المباشر من مدرب الديكة ديدي ديشان استدعاء اللاعب إن كان بحاجة إليه.



ولأن قضية نبيل فقير لا تزال تفاصيلها غصّة في حلق الجماهير الجزائرية رغم مرور أكثر من سنتين على الأمر، فالجميع متخوف مما سيقدم عليه رئيس نادي ليون، الذي يمتلك تاريخاً أسود مع مثل هذه القضايا، فسبق أن منع كلّاً من رشيد غزال، إسحاق بلفضيل ومهدي زفان من الالتحاق بالمنتخب الوطني في الفئات الشابّة، ضف إلى ذلك تحويله للاعب زفان من أساسي في الفريق إلى لاعب في الفريق الرديف بعدما اختار تمثيل الجزائر، والكثير من خريجي مركز فريقه ممن عبّروا عن أملهم الالتحاق بمنتخباتهم الوطنية بعدما تحرروا من ضغط هذا الرجل.

الحقيقة أن حسام عوار أمام اختيار صعب، إما الرضوخ لضغوطات رئيسه، واختيار المنتخب الفرنسي، فهذا الخيار الرياضي سينفع اللاعب لكونه سيحمل قميص المنتخب الذي حقق آخر مونديال، إضافة إلى مزاملته لنبيل فقير المتوج معهم، دون تناسي قيمته التسويقية لدى النوادي الكبرى، لكن حجز مكانة أساسية في تشكيلة أبطال العالم ليس بالأمر الهيّن، وخاصة مع مدرب ليس من هواة التغيير، ومنافسة نجوم كبار على غرار بول بوغبا، بليس ماتويدي، توفان وآخرين، وإما تحدي رئيسه باختيار الجزائر، حيث سيجد الطريق مفتوحاً نحو مكانة أساسية في ظل علوّ كعبه مقارنة بمنافسيه في منصبه، ناهيك عن الجوّ السائد في ظل إشراف جمال بلماضي، الذي يقاسم أغلبية التعداد الأصول الفرنكوجزائرية، وسبق أن كان في نفس موقف عوار واختار الجزائر وقتها في عز العشرية السوداء، غير أن التحديات ستكون مختلفة وسيكون أمام حتمية اللعب من أجل التأهل إلى المونديال وتحقيق كأس أفريقيا.

وكما ورد في العنوان فما نطلبه من عوار هو أن يكون رجلاً، وأن يقرر بصفة نهائية ولا يحذو حذو قائده نبيل فقير فيتلاعب بمشاعر الجمهور الجزائري، وأن يعلن وبصفة نهائية ومباشرة وواضحة عن مستقبله، إما الديكة الفرنسية ووقتها سينال كامل احترامنا، كما كان عليه مع بنزيمة، ناصري وحتى حمومة، ممن كانوا صرحاء في اختياراتهم، رغم ندم بعضهم بعد المشاكل التي عانوها لاحقاً، وإما "الخضر" ووقتها سينال احترام الجماهير وحبهم وشغفهم، المهم ألا يجعل الجزائر عجلة نجدة بعد أن تغلق أبواب المنتخب الفرنسي أمامه ولا يجد إلا  حمل قميص "الخضر" من أجل إنقاذ مشواره الدولي، وهذا بيت القصيد في تصريح المدرب الوطني أنه لن يناشد أحداً لحمل قميص وطنه.
المساهمون