السؤال تكرر على مدى أيام، ولا يزال، في مختلف وسائل الإعلام المصرية ووسائط التواصل الاجتماعي، منذ الإعلان عن انتداب البرتغالي كارلوس كيروش مدربا لمنتخب مصر خلفاً لحسام البدري، الذي لم يلقَ إجماعا في الأوساط الفنية والإعلامية والجماهيرية بعد تعادله أمام الغابون في الجولة الثانية من تصفيات كأس العالم في اللحظات الأخيرة من المباراة، ما دفع بالاتحاد المصري إلى البحث عن مدرب جديد، في وقت يصعب فيه إيجاد مدرب حر من أي التزام ومناسب لمنتخب مصر في زمن قصير، يكون فيه مطالبا بضمان المركز الأول المؤهل إلى المباراة الفاصلة وقيادته في نهائيات كأس أمم إفريقيا المقررة شهر يناير/كانون الثاني في الكاميرون، ثم ضمان التأهل إلى مونديال قطر في شهر مارس/آذار من السنة القادمة، وهي المأمورية التي لن تكون سهلة على منتخب لم يرتقِ في أدائه إلى مستوى سمعته وتطلعات جماهيره في بداية التصفيات.
لا أحد بإمكانه التشكيك في قدرات المدرب البرتغالي كارلوس كيروش صاحب الخبرة الطويلة في ملاعب العالم، والذي درب سبورتنغ لشبونة والريال والمان يونايتد، وقاد مختلف منتخبات البرتغال للشباب التي توج معها سنة 1991 بكأس العالم لأقل من 20 سنة، وشارك مع منتخبها الأول في كأس العالم 2010، قبل أن يخوض تجارب أخرى مع منتخبات الأمارات، جنوب أفريقيا وكولومبيا لفترات قصيرة، وإيران التي شارك معها في دورتي كأس العالم 2014 في البرازيل و2018 في روسيا، وهو رصيد جعل منه مدرباً محترماً يملك مقومات النجاح، لكن يثير تساؤلات حول إمكانية نجاحه مع منتخب مصر في وقت وجيز وظروف وخصوصيات فنية وإعلامية وجماهيرية تتميز بها مصر عن غيرها من المنتخبات، في وجود جيل متميز مطالب بالتأهل إلى نهائيات كأس العالم للمرة الثانية على التوالي والمنافسة على كأس أمم أفريقيا في الكاميرون.
إمكانيات منتخب مصر الحالي كبيرة، والتحديات والضغوطات أكبر، والإجابة على السؤال تبدو صعبة رغم قدرات المدرب البرتغالي وخبرته، لكن هل بإمكانه أن يتأقلم بسرعة؟ هل سيكون هو المدرب المناسب في الظرف الحالي؟ هل سيكون بمقدوره تقييم الوضع بسرعة وإيجاد الوصفة التي تسمح له ببعث نفس جديد في المنتخب المصري؟ هل سيجد القبول من اللاعبين والتفهم من الإعلاميين والصبر من طرف الجماهير؟ هي كلّها أسئلة ستجيب عنها الأيام، خاصة إذا علمنا أنه لم يعمر طويلاً مع المنتخب البرتغالي الأول، ومنتخبات الإمارات وكولومبيا وحتى جنوب أفريقيا، في وقت قضى فيه ثماني سنوات مع منتخب إيران، وصل معه إلى كأس العالم مرتين وإلى نهائي كأس آسيا، ولم يصمد مع المان يونايتد والريال سوى موسم واحد في كل تجربة.
صحيح أن تدريب الأندية ليس كما المنتخبات، ومنتخب إيران ليس منتخب مصر، والوقت لن يكون في صالح كيروش حتى يتأقلم مع خصوصيات الكرة المصرية وتحديات المواعيد المهمة القريبة، حيث سيخوض أربع مواجهات في ظرف شهر ونصف في تصفيات كأس العالم، ونهائيات كأس أمم أفريقيا بعد ثلاثة أشهر من الآن في الكاميرون، لكن الاتحاد المصري لم تكن لديه خيارات عديدة، وقد يكون المدرب الملائم لأن المنتخبات في الكرة الحديثة تحتاج إلى رجل مناسب في الوقت المناسب، وليس بالضرورة للمدرب الأفضل والأحسن، لأن روبرتو مانشيني وجاريث ساوثغيت ومورينيو وغوارديولا، بكل قدراتهم التي يشهد لهم بها العالم، قد لا ينجحون مع منتخب مصر، أو أي منتخب أفريقي وعربي آخر، بسبب خصوصياتنا وظروفنا وإعلامنا وجماهيرنا ولاعبينا.
لا يوجد في عالم الكرة مدرب يمكن اعتباره الأفضل، بل يوجد المدرب الأنسب خاصة على مستوى المنتخبات، التي يكتفي فيها المدرب بالعمل الفني والتكتيكي والنفسي، يخضع فيها لعوامل قد لا يتحكم فيها كلية مهما كانت قوة شخصيته، بينما يكون تأثيره على النادي أكبر بكثير، لأنه يعمل معه طيلة الأسبوع ويؤثر فيه بشكل أكبر من تأثيره على أي منتخب، وفي كلتا الحالتين، فإن أفضلية مدرب على آخر تبقى نسبية، والنتائج هي وحدها الكفيلة بتقييم المدربين ومدى نجاحهم في مهامهم، وهو الأمر الذي سينطبق على كارلوس كيروش مع منتخب مصر حتى لو لم يكن الوقت في صالحه.