حملت قرعة ربع نهائي ونصف نهائي دوري أبطال أوروبا لهذا الموسم سيناريو غير متوقع تماماً يُرشح أحد الأندية الإيطالية لبلوغ النهائي، وربما التتويج بلقب الأبطال الذي أصبح حكراً على الإسبان والألمان والإنكليز طيلة السنوات الماضية، في زمن شهدت فيه الكرة الإيطالية تراجعاً أوروبياً كبيراً ليوفنتوس وإنتر وميلان، ونكستين كبيرتين للمنتخب الإيطالي الذي غاب عن نهائيات كأس العالم في روسيا وقطر، رغم فوزه بلقب بطولة كأس أمم أوروبا الأخيرة.
وحيّر هذا الأمر المتابعين الذين ستزداد حيرتهم أكثر لو كان نهائي دوري الأبطال لهذا العام إيطالياً، أو فاز به أحد الأندية الإيطالية، خصوصاً إذا كان اسمه نابولي أحد أفضل الأندية الأوروبية في الوقت الحالي، وصاحب ثاني رصيد أوروبي من عدد التتويجات في دوري الأبطال، وحامل لقب الدوري الإيطالي ميلان سيواجه متصدر ترتيب دوري هذا الموسم نابولي المتميز، والفائز منهما ربما يواجه إنتر ميلان في الدور نصف النهائي في حالة فوزه على بنفيكا البرتغالي الذي لا يستهان به أيضاً، وهو الذي قدم حتى الآن مستويات كبيرة في دوري الأبطال تجعل منه "حصاناً أسود" يعيد بدوره أمجاده، وأمجاد الكرة البرتغالية التي بقيت تراوح مكانها منذ زمن.
لكن مع ذلك يبقى نابولي أكبر المرشحين لبلوغ النهائي بالنظر لمستواه الحالي إلا إذا كان للتاريخ والشخصية والهوية دور في ترجيح كفة كبير إيطاليا وأوروبا فريق ميلان، أو جاره إنتر ميلان الذي يخوض موسماً أفضل من الجار، وبإمكانه بلوغ النهائي إذا تنازل له فريق الجنوب نابولي عن فرصة العمر، وهو الذي بلغ ربع النهائي لأول مرة في تاريخه، ويسعى لإحداث المفاجأة الكبرى.
قرعة ربع النهائي ونصف النهائي حملت أيضاً مباريات أخرى كبيرة، يواجه فيها حامل اللقب ريال مدريد الإسباني منافسه فريق تشلسي الإنكليزي، بحظوظ كبيرة في التأهل إلى نصف النهائي لمواجهة العملاق البافاري بايرن ميونخ الألماني أو مانشستر سيتي الإنكليزي في مواجهة ثأرية من النادي الملكي الذي أخرجه في نصف النهائي الموسم الماضي بشكل دراماتيكي في الوقت بدل الضائع.
وعليه يبقى كل شيء وارد في مواجهتين مفتوحتين على كل الاحتمالات في ظل تقارب مستويات الفرق الأربعة، بما في ذلك تشلسي الذي يريد إنقاذ موسمه بلقب يصعب عليه تحقيقه، إلا إذا تخطى العملاق البافاري الذي يريد استعادة هيبة الكرة الألمانية المهزوزة، بسبب إخفاق المنتخب الألماني في مونديالي روسيا وقطر.
الجميل في القرعة وتكهنات المتتبعين أنّ النهائي ربما يكون استثنائياً بين فريقين لم يسبق لهما التتويج باللقب وهما مانشستر سيتي ونابولي، كما يمكن لنصف النهائي أن يكون استثنائياً بمواجهة إيطالية بين الثلاثي إنتر ضد ميلان أو نابولي، ومواجهة أخرى إنكليزية بين سيتي وتشلسي، وتكون ثأرية لنهائي 2021 الذي توج به تشلسي بهدف الألماني كاي هافرتز.
وفي كل الحالات تكون الإثارة حاضرة والمتعة مضمونة في جميع مباريات ربع النهائي بما في ذلك بنفيكا الذي توج باللقب مرتين سنتي 1961 و1962 على حساب البارسا والريال، وخسره 3 مرات أمام أندية إيطالية وهي ميلان 1963 و1990، وإنتر سنة 1965 الذي لم يبلغ بدوره ربع النهائي منذ سنة 2011.
أما إذا كان النهائي إيطالياً بين إنتر ونابولي أو ميلان، فإنّ ذلك سيشكّل مفاجأة القرن الـ 21، يحدث لثاني مرة في تاريخ دوري الأبطال منذ مواجهة ميلان ليوفنتوس في نهائي 2003، ويدشن لعودة الأندية الإيطالية إلى الواجهة الأوروبية، ويزعزع عرش أوروبا، ويعيد النظر في الكثير من المعايير والمسلمات التي كانت سائدة حتى الآن على مدى عقد من الزمن كان فيه ريال مدريد ملكاً على أوروبا، وكانت فيه أندية برشلونة وبايرن ميونخ وتشلسي تتناوب على منصة التتويج، وتمنع كل المفاجآت التي كانت تحدث في مسابقة دوري الأبطال قديماً.
قبل قرعة ربع النهائي ونصف النهائي لم يكن أحد يتكهن ببلوغ الأندية الإيطالية نهائي دوري الأبطال لهذا الموسم، ولا أحد كان يرشح فريقاً إيطالياً للتتويج، لكن بعدها أصبح كل شيء وارداً وممكناً، ما يؤكد مجدداً أنّ القرعة هي عامل مهم في تحديد مصير أي لقب، لكن يبقى وصول 3 أندية إلى الدور ربع النهائي إنجازاً كبيراً للكرة الإيطالية في أصعب ظروفها، وأوج قوة منافسيها الإسبان والإنكليز والألمان.