ليلة لاتينية خالصة في دوري أبطال أميركا الجنوبية

26 نوفمبر 2014
نجوم اليوم الأول من دور المجموعات بالتشامبيونز (العربي الجديد)
+ الخط -


أجريت قرعة كوبا أميركا 2015 في صمت، وتم تقسيم المجموعات بكل هدوء، وسط عزلة تامة مع تركيز كافة الكاميرات نحو البطولة الأكثر شهرة عالمياً، دوري أبطال أوروبا ومراحل الحسم بالمجموعات، لكن جاء الرد سريعاً من نجوم القارة اللاتينية في منافسات ذات الأذنين، بعد تألق ممثلي بلاد الفضة في ملاعب قبرص ومانشستر، وعودة أقوى أبطال البرتغال بفوز مهم مع لمسة كولومبية أعادت إلى الأذهان ليالي الأنس في البرازيل.

الحسم ليس الآن
يقدم البايرن رفقة ريال مدريد أفضل العروض الكروية بالقارة العجوز خلال الموسم الحالي، وصعدا مبكراً للغاية إلى الدور المقبل في الأبطال. ورغم أن الهزيمة أمام السيتي لا تعني شيئا للبطل البافاري إلا أن الأخطاء القاتلة كلفته الكثير، وأفقدت جوارديولا أعصابه خارج الخط، لأن المباراة كانت تتجه إلى فوز سهل لفريقه، لكن كل شيء ضاع في الثواني الأخيرة.

دخل مرمى نوير ثلاثة أهداف، الأول من ضربة جزاء وطرد للمهدي بن عطية الذي لم تسعفه خبرته وارتكب خطأ ساذجا، ثم تكررت الهفوات مع تشابي ألونسو وجيرمي بواتينج، الثنائي الذي لعب دقائق رائعة في ملعب الاتحاد، لكن كرة القدم ليس لها كبير وكل لمسة من الممكن أن تكلفك الثلاث نقاط، لذلك إذا أردنا الحديث عن نقاط ضعف البايرن خلال المباراة، سنتحدث عن نقاط الضعف والقوة بنفس المقدار.

بعد طرد المدافع المغربي، حمل الألماني الغاني بواتينج الدفاع على عاتقه، وقام بدور ثنائي بين مركز المساك الصريح والارتكاز المتقدم لمساندة الوسط، ويعتبر هذا التحول المحوري نقطة إيجابية في مسيرة اللاعب الذي قاد الخط الخلفي بمفرده لأول مرة هذا الموسم، وساهم في الحد من خطورة الفريق الإنجليزي، لكنّ هفوة وحيدة وخطأ مفاجئا أضاعا كل العمل الجماعي ووضعا السيتي في المقدمة.

صادفت مباراة القمة ذكرى ميلاد الإسباني تشابي ألونسو، ولم يفوت الفرصة ووضع بصمته في الجانبين، لأنه أيضاً ظهر كالوتد في ظل غياب لام وألابا، ولم يكتف بالدور الدفاعي المطلوب بل صعد للأمام وسجل هدفا رائعا أعاد به البايرن للأجواء، لكن كما يعطي ألونسو الهدايا لزملائه، قدمها لمنافسيه في لقطة التعادل، لذلك جاءت هزيمة البايرن قاسية على الصعيد النفسي، لكن مفتعلة جداً في شقها التكتيكي، لأن اللعبة المجنونة خاصة بالتفاصيل، والسيناريو الضامن للمكسب هو نفسه جالب الخسارة.

الأرجنتين
هي ليلة أرجنتينية بامتياز، الرقم 10 يسجل "هاتريك" جديدا ويصبح الهداف التاريخي لدوري الأبطال كما فعلها منذ أيام في بطولة الدوري الإسباني، والكون أجويرو يفوز على البطل البافاري بمفرده خلال تسعين دقيقة لا تتكرر إلا في زمن الأساطير، لتنتشر مقولة مجنونة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان، "لو لعب أجويرو بهذا المستوى في المونديال، لفازت الأرجنتين في النهائي، خصوصاً مع فرص هيجواين وبالاسيو"، وبعيداً عن الماضي فإن راقصي التانجو قدموا عرضا كرويا مكتمل الأركان في ليلة الأبطال.

أجويرو هو المهاجم الكل في الكل، النموذج الحقيقي للتكامل في الثلث الأخير من الملعب، إنه اللاعب الذي يصنع الفرص لنفسه ويسجلها دون حاجة من أحد، وهذه النوعية من النجوم فقدت بريقها كثيراً بالسنوات الأخيرة بعد بزوغ نجم لاعبي الأجنحة وصناع اللعب بمراكز الوسط، لكن سيرجيو ورفاقه أعادوا الهجوم إلى مكانه الطبيعي مرة أخرى، من حيث الانطلاق في ظهر الدفاعات واستلام الكرة من الظهر، والمضي قدما نحو مرمى أحد أعظم حراس المعمورة.

يلعب السيتي بثنائي هجومي في الغالب، مهاجم صريح وأجويرو تحته، ويعود كثيراً للوسط في طريقة لعب مانويل بليجريني 4-4-2 التي تعتمد على الحرية الكاملة للمهاجم الثاني؛ لذلك يتحول الكون في بعض الأحوال إلى مركز الارتكاز الصريح، أما أمام الكبار فاللعب بمهاجم واحد هو الأساس، وفي حضرة اللاتيني الماكر، لا صوت يعلو فوق صوت الأرجنتين.

مهاجم كل الملاعب
يعتبر الكولومبي جاكسون مارتينيز من اللاعبين المظلومين جماهيرياً في الملاعب الأوروبية، وذلك رغم تألقه اللافت مع فريقه بورتو ومنتخب بلاده خلال الفترة الماضية. وخلال مباراة بورتو الأخيرة بالأبطال، نجحت كتيبة تنين الدراجاو في الوصول إلى ثمن النهائي بكل سهولة، نتيجة خلطة المدرب الشاب جولين لوبيتيجي الخاصة بطريقة اللعب 4-3-3 مع المهاري الجزائري براهيمي والسهم الإسباني تييو والهداف اللاتيني جاكسون.

ويمتاز مارتينيز بقدرته على المرونة التكتيكية وتغيير جلده حسب ظروف كل مباراة، وكما يريد منه الجهاز الفني، لذلك من الصعب تصنيفه كمهاجم رقم 9 عادي، لأنه يجيد اللعب في كل مراكز الثلث الأخير، من جناح حقيقي على الطرف في طريقة لعب 4-2-3-1، إلى مهاجم متأخر وصانع لعب أمام منطقة الجزاء في طريقة 4-4-2، نهاية بدوره الأساسي كمهاجم صريح مع وجود ثنائي على يمينه ويساره، كما حدث أمام الخصم البيلاروسي.

مهاجم الدراجاو بعيد تماماً عن مفهوم رأس الحربة التقليدي ويختلف كثيراً عن الظل الوهمي، وذلك لأن تحركاته لا تتوقف سواء داخل مربع العمليات أو خارجه، وبالتالي فكرة المهاجم "الكروكي" أي اللاعب الذي يسجل الأهداف أمام المرمى وينطلق بين الجناحين في الصندوق، ويبتعد في جزء من الثانية عن الكاميرات لإتاحة الفرصة لزملائه القادمين من الوسط والأطراف، لذلك لن يجد بورتو مهاجما أفضل من مارتينيز لتنفيذ مشروعه داخل المستطيل.

المساهمون