لماذا تزايدت الأزمات القلبية عند اللاعبين في السنوات الأخيرة؟

09 يناير 2022
رحيل الكاميروني فواي كان نقطة تحول في التحول مع الأزمات (لوماستر/Getty)
+ الخط -

أمسى مشهد سقوط اللاعبين على ملاعب كرة القدم، متكرراً في السنوات الأخيرة ولم يعد الأمر مقتصراً على دوريات دون غيرها، فرغم الصرامة في الاختبارات الطبية قبل توقيع العقود فإن الأمر أصبح مثيراً للاهتمام بتزايد حالات الإصابات بأزمات قلبية، وآخرها ما حصل مع اللاعب المالي عثمان كوليبالي مدافع الوكرة القطري.

وبات الخطر "موت الفجأة" يهزّ عالم كرة القدم أساساً، خاصة أنه لم يعد من المنطقي الحديث عن ظاهرة بعد تواتر الحوادث وخاصة في العام الأخير، حيث شهدت سنة 2021 تواترا كبيراً لمشهد سقوط اللاعبين، وهو ما طرح عديد الأسئلة بخصوص ارتفاع معدل الإصابات، خاصة أن المشهد عادة ما يكون صادماً، وذلك منذ وفاة الكاميروني مارك فيفيان فوي قبل سنوات.

الوضع مختلف حسب سن اللاعب

قال الطبيب الفرنسي لورون شوفاليي، المختص في أمراض القلب إنه لم يسجل في السنوات الأخيرة ارتفاعاً في عدد الإصابات المعلنة بأزمات قلبية في عالم كرة القدم، ولكن من الواضح أن عدد الإصابات في تزايد، وهو أمر يتضح من خلال الحالات المسجلة في مختلف الملاعب.

وأضاف في تصريح لموقع "فوت ميركاتو" الفرنسي: "أعمل في هذا المجال منذ أكثر من 30 سنة، وما يمكنني قوله إن قلب اللاعب في سن 16 أو 17 سنة ليس نفسه بعد سن 32، فإثر 15 سنة من التدريب المتواصل والقوي من الطبيعي أن يتأثر جسم الإنسان بهذا النسق القوي من العمل والذي من شأنه أن يسبب أزمات، كما أن بعض الأزمات الصحية التي يتم رصدها في بداية مسيرة اللاعب تصبح أخطر في النصف الثاني من مسيرته".

كما ذكر كريستين شميدت، المختص في أمراض القلب ومستشار الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أن الإشكال ليس في الاختبارات التي تكشف عن قرابة 90٪ من المشاكل الصحية التي يعاني منها اللاعب، ولكن يحدث أن تُفلت بعض الحالات ولا يتم التفطن إلى الأزمات.

وقال شميدت في تصريح لصحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية عند حديثه عن واقعة الدنماركي إيركسن: "لقد سألت أحد الأطباء الذين راقبوا إريكسن عندما كان لاعباً في توتنهام، وأكد لي أنّه لم يقع رصد أي أزمة صحية تهدد سلامته، وهذا يعني منطقيا أنّه كان يعاني من إشكال لم يقع رصده عند خضوعه للاختبارات، ولكنّه تزايد بمرور الوقت، إلى أن سببه له أزمة خطيرة خلال المباراة في بطولة أوروبا ضد فنلندا".

كورونا ليست مصدر الخطر

شهدت ملاعب كرة القدم حالات كثيرة لا يمكن مقارنتها بما يحصل في بقية الاختصاصات الأخرى، وهو ما يعني منطقياً أن كرة القدم تهدد سلامة اللاعبين بما أن الإصابات من النادر أن تحصل في الرياضات الأخرى، وهنا أجاب الطبيب الفرنسي شوفاليي: "لا يمكن القول إن تمارين كرة القدم هي السبب، قد يقطع اللاعب مسافات أطول قياسا ببعض الرياضيين في اختصاصات أخرى، ولكن هذا لا يعني أنّه لا توجد ضغوط في بقية الرياضات أو تمارين قوية، فممارسة كرة القدم لا تهدد في كل الحالات سلامة اللاعبين، فالإشكال ليس رياضياً بل يهمّ الوضع الصحي لكل واحد منا، وهو أمر يختلف من لاعب إلى آخر ومن شخص إلى آخر".

وفي هذا السياق أشار الدكتور شميدت إلى أن دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأميركية أثبتت أن معدل الإصابات بأزمات قلبية في كرة السلة بشكل خاص وكذلك كرة القدم الأميركية، مرتفع جدا ويقارب ما يتم تسجيله في مباريات كرة القدم في بقية البلدان، وهو ما يمكن تفسيره بأن كرة القدم ليست مصدر الخطر الوحيد.

وأكد الطبيب فلورين زوريس، لصحيفة "لوموند" الفرنسية، أن وفاة رياضي محترف بسبب أزمة قلبية يبدو غريباً بالنسبة إلى الجماهير، ولكن الإشكال ليس رياضياً بل يتعلق بمشكل صحي لم يقع التفطن إليه وتنامى بمرور السنوات، ليؤكد بالتالي ما ذهبت إليه عديد الدراسات التي تعتبر أن كرة القدم ليس سبب هذه الأزمات الصحية المتواترة.

الضغوطات زادت من حجم الصعوبات

لم يقدم العلماء تفسيراً دقيقاً للحالات التي وقعت في السنوات الأخيرة بما في ذلك أزمة الدنماركي إريكسن، ولكن من الواضح أن القاسم المشترك هو قوة التمارين مع الضغط النفساني القوي الذي يسلط على الرياضيين طوال مسيرتهم بحكم قيمة الرهان، وأهمية النتائج التي تجعل اللاعب يخوض المباريات وهو يعاني من الضغط.

ويقول الدكتور شميدت إن الإصابات تطاول اللاعبين في عديد الاختصاصات، ولكن المعدل يختلف حسب قوة المنافسة، فإلى جانب وجود فرضية أمراض يصعب تشخصيها، فإن الضغط النفساني والنسق القوي للتحضيرات والمباريات يزيدان من معاناة اللاعبين، وذلك في غياب تشخيص دقيق لما يحدث من إصابات بات تواترها أكثر.

كورونا عمقت الأزمة؟

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، في الشهر الماضي تقريراً كشف عن تزايد حالات الأزمات القلبية عند الشبان بخمسة أضعاف المعدلات العادية في سنة 2021، منذ انتشار فيروس كورونا في العالم، استناداً إلى إحصائيات رسمية للاتحاد الدولي لكرة القدم، وهذه الدراسة التي وجدت صدى كبيراً تدعم موقف بعض الرياضيين الرافضين للخضوع للتطعيم ضد الفيروس اللعين.

بعيدا عن الملاعب
التحديثات الحية

وقد ربط التقرير الذي استند على دراسات علمية في عديد الدول، بين ارتفاع معدل الإصابات في السنة الماضية، وخضوع اللاعبين للتطعيم ضد فيروس كورونا، حيث ألمحت الصحيفة إلى أن التطعيم قد يكون خطراً على بعض الرياضيين، والأمر يشمل الشبان منهم أو الذين تقدموا في السن لا سيما وأن بعض حالات الوفاة وقعت خلال التمارين.

المساهمون