تُعتبر بطولة كوبا أميركا مع وصولها إلى النسخة السابعة والأربعين، البطولة الأعرق في عالم كرة القدم، فهي بدأت في عام 1916 ومنذ تلك السنين وهي تتطور وتصل إلى أعلى المراتب وتحظى بمشاهدات قياسية وأرقام تاريخية، لذلك لا بد من التعرف إلى أبرز ملامح تلك البطولة منذ انطلاقها وحتى وصولها إلى النسخة البرازيلية الاستثنائية هذا الصيف بسبب ظروف فيروس كورونا.
وسطعت فكرة تنظيم بطولة لاتينية في العام 1916، وفي هذا العام كانت الأرجنتين تنظم الاحتفالات بمناسبة "مئوية الاستقلال"، فلمعت الفكرة لديهم لتلد تاريخا عريقا حيث برز تنظيم بطولة لكرة القدم أطلق عليها رسمياً اسم "بطولة أميركا الجنوبية لكرة القدم-كوبا أميركا"، وتم توجيه الدعوة للمشاركة فيها للاتحادات الأربعة الموجودة في ذلك الوقت وهي: الأرجنتين وأوروغواي وتشيلي والبرازيل فقط.
نجحت الفكرة ولاقت قبولا لتبدأ المنافسات في الثاني من شهر يوليو/تموز من العام نفسه وسط أجواء مثيرة، وبما أن بنك الأفكار لا يتعطل، تطور الأمر في غضون أيام قليلة، ففي التاسع من الشهر نفسه قام الأوروغوياني إكتور ريبادابيا غوميث بتأسيس اتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم لأول مرة، بهدف رعاية البطولة وتحديد المباريات وحسم الخلافات الداخلية وحماية سمة الهواية لدى اللاعبين ومواجهة الاحتراف.
واستمرت المنافسات على مدار 16 يوما وسط حضور جماهيري كبير للغاية تسبب فيما بعد بتوقف المباراة النهائية بين المنظمين الأرجنتين والأوروغواي بعد مرور خمس دقائق فقط على اللعب، بعد اقتحام الجماهير التي كانت تعج بها المدرجات أرض ملعب "خيمناسيا وإسجريما".
وفي اليوم التالي، استكملت على ملعب "راثنج دي أبيّانادا"، المواجهة اعتباراً من الدقيقة السادسة، دون أن تتغير النتيجة، وتتوج أوروغواي بطلاً بكأس البطولة الأولى لكوبا أميركا بعد تحقيقها نتائج أفضل من الأرجنتين أمام تشيلي والبرازيل، ومن هنا اندلعت شرارة المنافسة التقليدية بين البلدين على مدار الأعوام والسنين.
ظلت البطولة تُسمى باسم بطولة أميركا الجنوبية لكرة القدم حتى نسخة عام 1967، وبداية من نسخة عام 1975 أصبحت البطولة تسمى بكوبا أميركا رسميا.
وعلى مدى البطولات العشرين الأولى لمنافسات كوبا أميركا، سيطر منتخبا الأرجنتين وأوروغواي على المسابقة، حيث حصدا تسعة وثمانية ألقاب على التوالي، بينما حققت البرازيل، التي لم تكن قد أصبحت قوة عظمى بعد، اللقب مرتين فيما دخلت بيرو سجل الأبطال بلقب وحيد..
أما النصف الثاني من بطولة أمم أميركا الجنوبية فكان أكثر توازناً. فاعتباراً من عام 1949، أصبحت أوروغواي المنتخب الأفضل بسبعة ألقاب أخرى (1956 و1959 و1967 و1983 و1987 و1995 و2011) مقابل خمسة ألقاب للأرجنتين (1955 و1957 و1959 و1991 و1993). وبدأت المهارة والسحر البرازيليان يظهران من خلال ستة ألقاب (1949 و1989 و1997 و1999 و2004 و2007) وهي تحمل اللقب الأخير في 2019، بينما فازت باراغواي بالبطولة مرتين (1953 و1979) وحازت بيرو لقباً آخر (1975) ومثله لبوليفيا (1963) وآخر لكولومبيا (2001)، ودخلت تشيلي سجل الشرف بلقبين متتاليين (2015 و2016) لتكمل جميعاً سجلات الفائزين.
وبالمحصلة العامة، فإن منتخب أوروغواي ملك هذه البطولة بـ15 لقبا على مر التاريخ، فيما نالت الأرجنتين 14 لقبا وحظيت البرازيل بـ 9 ألقاب كأكثر المنتخبات تتويجا باللقب منذ التأسيس.
وزاد قرار اتحاد أميركا الجنوبية السماح بمشاركة العديد من المنتخبات كمدعوة من خارج القارة من رونق البطولة. واعتباراً من فتح الحدود في بطولة الإكوادور عام 1993، ومنتخب المكسيك وكذلك منتخبات الولايات المتحدة وهندوراس وكوستاريكا فيما يعد المنتخبان القطري والياباني الفريقين الوحيدين من خارج الأميركتين اللذين شاركا بدعوة في بطولة كوبا أميركا 2019.