لا يختلف اثنان على أنّ مونديال قطر سيكون تاريخياً واستثنائياً في كل شيء، رغم غياب إيطاليا عن النهائيات للمرة الثانية على التوالي، لكن يبدو أنّ الكل يُجمع اليوم على أنه سيفتقد الماكينة التهديفية والظاهرة الكروية العالمية الصاعدة، النرويجي إرلينغ هالاند، الذي يخطف الأنظار مع السيتي منذ بداية الموسم ويدهس في طريقه كل النوادي، التي واجهها على غرار ما فعله بمانشستر يونايتد، الأحد الماضي.
وسجل هالاند ضد مانشستر يونايتد "هاتريك"، هو الثالث على التوالي لهداف السيتي، بعد ثماني جولات من انطلاقة الدوري الإنكليزي الممتاز، ليصبح أول لاعب في تاريخ "البريميرليغ" يحرز "هاتريك" على ملعبه في ثلاث مباريات متتالية، ويبلغ 14 هدفاً في المجموع، ويصبح حديث الناس في حضوره مع السيتي، وحديثهم في غيابه عن مونديال قطر، الذي سيكون فيه كابوس المدافعين في إجازة مفروضة عليه.
مونديال قطر سيحظى بمشاركة كبار القوم على غرار البرازيل، الأرجنتين، ألمانيا، إسبانيا، إنكلترا، فرنسا والبرتغال، ونجوم الكرة بقيادة نيمار، ليونيل ميسي، كيليان مبابي، كريستيانو رونالدو وروبرت ليفاندوفسكي، لكن المتعة ستكون منقوصة من ظاهرة بداية هذا الموسم الذي يهدد كل النجوم الحاليين، وكل الأرقام بالمستوى الذي يظهر به والأهداف التي يسجلها كل أسبوع، حيث بلغ 173 هدفاً في الدوريات الخمسة الكبرى، وعمره لا يتعدى 22 عاماً، في وقت لم يتجاوز ميسي في سنه 50 هدفاً، واكتفى رونالدو في نفس السن بـ44 هدفاً، مما يؤهل النرويجي لكي يتجاوز 1000 هدف في سن الثلاثين، إذا استمر بنفس المعدل التهديفي الحالي مع السيتي، في حال لم يتعرض لإصابات تعيقه، حتى ولو غاب منتخب بلاده النرويج عن المشاركة في المسابقات القارية والدولية الكبرى.
قبل هذا الموسم كان يقال عن ليفاندوفسكي وهالاند إنهما يسجلان الأهداف في الدوري الألماني بسبب ضعف منافسي بايرن ميونخ وبوروسيا دورتموند، لكن بعد انضمامهما إلى البرسا والسيتي، تأكد الجميع أنهما هدافان من الطراز العالي في أكبر دوريين في العالم، فبدأ الكثير يتحسّر لغياب النرويجي عن مونديال قطر بكل عنفوانه واندفاعه وفنياته وقدراته البدنية وحسّه التهديفي، وهو الذي سجل في 2019 تسعة أهداف مع النرويج في مباراة واحدة ضد هندوراس في كأس العالم أقل من 20 سنة.
وكان بإمكان هالاند أن يصنع الحدث حتى مع منتخب أقل شأناً من منتخبات نيمار، ميسي ومبابي ورونالدو، الذي عادل هالاند رقمه في عدد الهاتريك، الذي سجله في تاريخ مشاركاته في الدوري الإنكليزي في 8 مباريات فقط، في انتظار المزيد.
ما فعله النرويجي في ظرف وجيز يؤهله لكي يشكّل خطراً على كل الأرقام المسجلة من طرف نجوم الكرة العالمية، ويجعل كاتب التاريخ يعاني في وجوده، ليدّون رقماً جديداً كل أسبوع، باستثناء شهر المونديال المقبل، الذي يكون فيه النرويجي في عطلة مفروضة عليه، يفسح فيها المجال للفصل بين ميسي ورونالدو، وحسم لقب الفتى الذهبي لبداية الألفية، قبل فسح المجال لفتى ذهبي آخر، يرتقب أن يفوز بكل التتويجات الفردية والألقاب مع الأندية، لا سيما بعد أن اتخذ قراراً صائباً بالانضمام إلى السيتي، في وقت فضّل مبابي الاستمرار مع باريس سان جيرمان في دوري أقل شأناً وجماهيرية من الدوري الإنكليزي، وفي ذلك إيذان بنهاية عهد وبداية عهد جديد، وثنائية أخرى خلال العشرية قادمة بين مبابي وهالاند، ولو عن بعد.
في انتظار ذلك سيكون مونديال قطر الخاسر الأكبر رغم كل ما يتميز به من خصوصيات، لأن المتعة كانت ستصبح مضاعفة، والإثارة كبيرة في وجود "غول" يتمتع بكل مواصفات المهاجم المتكامل، ويشكل إعصاراً مدمراً، يعزز من مكانة بيب غوارديولا كأحد أفضل المدربين في العالم، ويزيد من قوة السيتي، وحظوظه في التتويج بدوري أبطال أوروبا، لكنه يزيد عشاق الكرة العالمية حسرة على غيابه عن المونديال، وافتقاد أهدافه لأكثر من شهر بسبب توقف الدوريات.