كأس العالم بين المغرب والسعودية

14 ديسمبر 2024
رئيس فيفا جياني إنفانتينو يعلن فوز السعودية باستضافة مونديال 2034، 11 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حصل المغرب على حق تنظيم كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، بعد تحسين بنيته التحتية الرياضية واستضافة أحداث قارية، ويعتبر تكريماً لجهوده المستمرة.

- فازت السعودية بتنظيم كأس العالم 2034 منفردة، مما يعكس التحولات الكبيرة في البلاد، ويتطلب بناء 11 ملعباً جديداً وتوفير 230 ألف غرفة فندقية، مما يشكل تحدياً كبيراً.

- تمثل هذه الأحداث فرصاً لتعزيز التنمية المستدامة وتغيير الصورة النمطية عن الدول العربية في استضافة الفعاليات الرياضية الكبرى، كما فعلت قطر في نسخة 2022.

منح فيفا السعودية حق تنظيم بطولة كأس العالم 2034 وحدها، ووافق رسمياً على تنظيم المغرب لمونديال 2030 مع إسبانيا والبرتغال، وهو القرار الذي كان منتظراً منذ مدة في ظل غياب المنافسين، فأصبح الحلم حقيقة في ما يخص بلدين عربيين آخرين، بعد النجاح الباهر لقطر في نسخة عام 2022 الذي كسر حاجزاً كان يلازم بقية العالم تجاه البلدان العربية غير القادرة على صناعة الحدث في نظر كثير من صناع القرار في العالم، رغم نجاح جنوب أفريقيا عام 2010 في تحطيم تلك الصورة النمطية التي تعتبر بلدان العالم الثالث مجرد كيانات تسعى للمشاركة في المونديال لاستكمال عدد المنتخبات المشاركة، رغم ما فعله المنتخب المغربي في مونديال قطر عندما بلغ الدور نصف النهائي عن جدارة واستحقاق.

وساهمت نتائج منتخب أسود الأطلس في مونديال قطر بشكل كبير في موافقة فيفا على انضمام المغرب إلى إسبانيا والبرتغال لتنظيم نهائيات كأس العالم سنة 2030، وهو الذي فشل في خمس مناسبات سابقة منذ سنة 1994، فوجدت فيفا المناسبة فرصةً لمكافأة المغرب على سعيه المستمر، وجهوده في تشييد المرافق الضرورية، وتأهيل بنيته التحتية التي سمحت له بتنظيم عدد من الأحداث الرياضية القارية، خصوصاً نهائيات كأس أمم أفريقيا المقررة نهاية السنة المقبلة، التي تسمح له بإعادة تأهيل مرافقه الرياضية حتى لو احتضن أقل عدد من المباريات مقارنةً بإسبانيا والبرتغال كما هو منتظر لأنهما الأصل في الملف الذي كان ثنائياً قبل أن تلتحق به المغرب.

أما فوز السعودية بتنظيم أول مونديال من 48 منتخباً وحدها، فيُشكل الحدث الأكبر رغم غياب المنافسين الذين يعتقدون أن التنظيم المنفرد صار مكلفاً جداً، يتطلب جهداً كبيراً ومالاً كثيراً، لا تقدر عليه إلا بضع دول حالياً، من بينها السعودية التي شهدت تحولات لافتة منذ أن انتهجت سياسة استقطاب النجوم إلى دوري روشن التي جعلت منها قِبلة لعشاق الكرة في العالم، وسهلت عليها مأمورية تغيير تلك الصورة النمطية التي كانت مرتبطة بالسعودية بلداً إسلامياً مغلقاً لا يمكنه الاستجابة للشروط وتوفير الإمكانيات في نظر كثير من الرافضين لمبدأ تنظيم كأس العالم في بلد عربي ثانٍ وحده بعد قطر رغم النجاحات التي حققتها.

بعيدا عن الملاعب
التحديثات الحية

ولن تكون مأمورية المغرب صعبة بعد ست سنوات من الآن وتحديداً في عام 2030، لأنه استجاب اليوم لكثير من متطلبات دفتر الشروط الخاصة بفيفا، كما أن إسبانيا والبرتغال يخففان عليه الضغط الذي كان مفروضاً على قطر سنة 2022، والمرتقب على السعودية بحكم تنظيمها المُنفرد للحدث، وتوجه الأنظار نحوهما بشكل استثنائي كونهما بلدين خليجيين تعرضا لكثير من الانتقادات وحملات التشكيك والتشويه، مثلما تعرض المغرب قبلهما مرات عديدة للإقصاء في كل محاولاته السابقة لاستضافة الفعاليات على مدى أكثر من عقدين من الزمن، لكنها ساعدته على بناء المرافق والمنشآت وتأهيل بنيته التحتية والاستثمار في قطاع الرياضة الذي تحول مع الوقت إلى وسيلة لتحقيق تنمية مستدامة كما فعلت قطر.

أما مهمة السعودية فستكون أصعب نسبياً وخصوصاً أنها مطالبة بتشييد 11 ملعباً جديداً، من أصل 15 ملعباً مخصصاً لاستضافة المباريات، بالإضافة إلى 230 ألف غرفة وشقة فندقية في المدن الخمس التي يتطلبها دفتر شروط فيفا في مُدن الرياض، جدة، الخبر، أبها، ونيوم، ما يعني إضافة ما يقارب 200 ألف غرفة فندقية جديدة على ما هو موجود حالياً، وهو ما يتطلب تخصيص موارد مالية كبيرة تحتاج إليها عمليات تشييد المنشآت الأساسية والمرافق المصاحبة الأخرى المرتبطة بالحدث، وتوفير كل الشروط والتسهيلات لاستقبال المنتخبات وجماهيرها بعد عشر سنوات من الآن، التي سيكون فيها العالم غير عالم اليوم على كل المستويات.

بعد نسخة جنوب أفريقيا 2010، ثم نسخة قطر 2022، سيأتي الدور على المغرب ولو بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال، ويأتي بعده الدور على السعودية في أكبر تحد على الإطلاق، لأنها ستُنظم المونديال وحدها بمشاركة 48 منتخباً.

المساهمون