غوارديولا والامتحان الحقيقي

15 يوليو 2016
بيب غوارديولا (Getty)
+ الخط -


كانت خلطة سحرية، غريبة عجيبة، مميزة، خاصة، من كوكب آخر، تلك التي تزامنت مع تولّي بيب غوارديولا مهام تدريب برشلونة عام 2008.

تلك الخلطة التي لا تشبه غيرها، لم، وعلى الأرجح لن تتكرّر مجدّداً. وكأنّ الأسماء والعناصر والظروف كلّها اجتمعت في تلك الحقبة لتكتب تاريخاً بحروفٍ من ذهب، لأحد أهم فرق كرة القدم الأوروبية في العالم.

بيب غوارديولا كمدرّب مع برشلونة حقّق جميع الألقاب الممكنة، محليّة وأوروبية وعالمية، وأعاد خلق أسلوب "التيكي تاكا" الذي أسّسه المدرّب الهولندي الكبير رينوس ميتشلز منتصف سبعينيات القرن الماضي، واعتمده من بعده مواطنه يوهان كرويف، الذي درّب غوارديولا حين كان لاعباً مع برشلونة. هذا الأسلوب الذي يتميّز بالاستحواذ على الكرة، وتمريرها بشكلٍ سريعٍ في مساحات ضيقة، وبسبب نجاح هذا الأسلوب مع البارشا، اعتمده لاحقاً كل من لويس أراغونيس وفيثينتي دل بوسكي في تدريبهما للمنتخب الإسباني.

بعد استلامه مهام تدريب برشلونة خلفاً للهولندي فرانك رييكارد، أنشأ بيب فريقاً جديداً حول أندريس إنييستا وتشابي هيرنانديز وليونل ميسي، لتكون بداية لفريق "حُلم"، وبداية لحقبة تاريخية قد لا تتكرّر مرّة أخرى. فريق حقق 14 لقباً بأربع سنوات فقط مع بيب، ليقرّر بعدها الانتقال إلى بايرن ميونخ الإلماني.

سبق قرار تعاقد بيب مع بايرن ميونخ فترة اعتزال أو راحة وتفكير في خطوته التالية، فهو يعرف تماماً أن ما فعله مع برشلونة قد يصعب تحقيقه مع أي فريق آخر. لهذا، جاء قرار بيب "الذكي" بتدريب الفريق الأقوى في العالم، في تلك الفترة.

في الموسم الذي سبق استلامه زمام الأمور في البايرن، كان الفريق البافاري قد حقّق لقب الدوري، الكأس، كأس السوبر المحلي، دوري الأبطال وكذلك كأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، مع فريق قوي وصلب من بناء الألماني يوب هاينكس.

تمكّن بيب غوارديولا من تحقيق الألقاب والبطولات مع بايرن، الذي لم يكن بنفس قوة ونجاح بيب مع برشلونة، فعقلية الألمان وبنيتهم الجسدية وفكرهم الكروي يختلف عن برشلونة ولاعبيه، إلا أن الفريق البافاري تمكّن من الاستمرار بالسيطرة على كرة القدم الأوروبية تحت قيادة غوارديولا.

لكن خلال فترة تدريبه في ألمانيا، رافق غوارديولا الكثير من الانتقادت من جماهير النادي والصحافة، على الرغم من نجاح وقوّة الفريق، إلا أن جماهير النادي لم تكن راضية عن أداء الفريق في كثير من الأحيان، والصحافة رجّحت قوّة وتفوّق بايرن بسبب قوّة اللاعبين والفريق الذي بناه هاينكس، وغياب المنافسة في البوندسليغا، وفي كثير من الأحيان انتقدت بشدة أسلوب التيكي تاكا الذي اعتقدت أنه لا يتناسب مع العقلية الألمانية.

الآن، انتقل غوارديولا إلى الدوري الإنكليزي، تحديداً مانشستر سيتي بعقدٍ لثلاث سنوات. دوري جديد، عقلية جديدة، فريق لا يعجّ بالأسماء المُرعبة ولا بكثرة الألقاب، بل على العكس، يطمح بتحقيقها وتسجيل اسمه بين كبار الدوري الإنكليزي وكبار قارة أوروبا.

لبيب غوارديولا قاعدة جماهيرية كبيرة، على غرار كبار المدرّبين في العالم، البعض يعتقد أنه "نابغة" أو "ظاهرة"، بينما هناك من يعتبره مدرّبا ذكيا و"محظوظا" بعض الشيء.

مع برشلونة، حالفه الحظ بتلك "الخلطة السحرية"، مع بايرن ميونخ، حالفه حظ قوّة الفريق وغياب المنافسة المحليّة، فها هو الآن في اختباره الحقيقي الأول ربما، كمدرّب كبير.

في إنكلترا، لن يواجه غوارديولا الصحافة ومنتقديه هذا الموسم فقط، بل سيواجه كلا من جوزيه مورينيو ويورغن كلوب وأنطونيو كونتي وكلاوديو رانييري وآرسين فينغر، وسيواجه زلاتان إبراهيموفيتش، الذي يشتهر بعدائه وكرهه لبيب.

الآن فقط بإمكان بيب غوارديولا أن يثبت إن كانت ألقابه السابقة بسبب خلطة السحرية وحظ، أم لأنه بالفعل مدرّب عبقري.. حان وقت الاختبار الحقيقي.

لمتابعة الكاتبة
شفاء مراد

المساهمون