ومن المتوقع ألا ينحصر الصراع بين الفرق الإنكليزية الكبرى خلال النسخة الجديدة من بطولة الدوري الإنكليزي لكرة القدم (2016 -2017) داخل المستطيل الأخضر فحسب، وإنما سينتقل الصراع بينها إلى خارج حدود الملعب، وتحديداً إلى دكة الأجهزة الفنية، التي ستشهد منافسة شرسة بين مدربي الفرق الإنكليزية، الذين انتدبتهم أندية البريميرليغ بعد تتويج فريق ليستر سيتي بلقب النسخة الماضية على حساب كبرى الأندية الإنكليزية العريقة، والتي فتحت بدورها خزائنها على مصراعيها لجلب نخبة من أفضل المدربين في العالم، بحثاً منها عن استعادة هيبتها والظفر بلقب الموسم الجديد.
جوزيه مورينيو
ومن المرتقب أن تكون الأجواء خلال الموسم الجديد على مشارف خط التماس أكثر سخونة من على أرضية الملعب، في ظل وجود نخبة مميزة من أبرز المدربين في عالم الساحرة المستديرة خلال الوقت الحالي لعل أبرزهم: المدير الفني الجديد لنادي مانشستر يونايتد الإنكليزي، البرتغالي جوزيه مورينيو، الذي عاد مُجدداً إلى بطولة البريميرليغ من بوابة فريق الشياطين الحمر، بعدما كان قد أقيل من منصبه مدرباً للفريق الأول بنادي تشلسي الإنكليزي في شهر ديسمبر الماضي؛ وذلك على خلفية النتائج الكارثية التي حقّقها الفريق اللندني تحت قيادته، والتي جعلت فريق البلوز آنذاك مُهدداً بالهبوط إلى دوري الدرجة الثانية الإنكليزي لكرة القدم.
ويسعى المدرب البرتغالي المُثير للجدل، والذي تولى تدريب الفريق خلفاً للمدرب الهولندي السابق لويس فان غال، لإعادة بناء فريق جديد قادر على إعادة الأمجاد لفريق الشياطين الحمر، وإنقاذه بالتالي من حالة التدهور التي عانى منها منذ رحيل مدربه التاريخي، الأسكتلندي السير أليكس فيرغسون، حيث لم يُتوّج فريق الشياطين الحمر بأي لقب منذ اعتزال المدرب الأسكتلندي التدريب في عام 2013، باستثناء فوزه بلقب النسخة الماضية من بطولة كأس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم.
بيب غوارديولا
ولن تكون مهمة مورينيو في سعيه نحو إعادة فريق الشياطين الحمر لمنصات التتويج مفروشة بالورود، ولا سيّما أنه سيصطدم خلال الموسم الجديد بمنافسه التقليدي عندما كان مدرباً لنادي ريال مدريد الإسباني ومدرب نادي برشلونة الإسباني الأسبق، بيب غوارديولا، الذي سيتولى مهمة تدريب فريق مانشستر سيتي، بعدما كان قد ترك بصمة طيبة برفقة فريق نادي بايرن ميونخ الألماني، رغم أنه عجز معه عن التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا، حيث حقّق برفقة فريقه البافاري السابق سبعة ألقاب منذ أن تولى قيادة الفريق في صيف عام 2013 خلفاً للمدرب الألماني المخضرم يوب هاينكس.
ومن المنتظر أن تكون المنافسة بين مورينيو وغوارديولا أكثر إثارة، ولا سيّما بعد موسم مخيب للآمال للأول رفقة فريقه السابق تشلسي، ورحيل الثاني عن صفوف فريق بايرن ميونخ الألماني بعد ثلاث مواسم أخفق فيها في قيادة الفريق البافاري للتتويج بلقب بطولة دوري أبطال أوروبا، إذ سيبدأ خلال الموسم القادم من بطولة البريميرليغ فصلاً جديداً من التنافس بين المدربين البرتغالي والإسباني، بعد سنوات من التنافس الشديد، الذي انطلق منذ حقبة إشراف مورينيو على تدريب انتر ميلانو، وبلغ أوجه عندما قاد المدربان عملاقي كرة القدم الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة.
أنطوني كونتي
ولن تنحصر المنافسة على لقب بطولة الدوري الإنكليزي لكرة القدم بين المدربين الإسباني والبرتغالي فحسب، وإنما ستمتد لتشمل مدربين آخرين في ظل توافد أعظم مدربي العالم هذا الموسم إلى إنجلترا، ويتعلق الأمر هنا بالمدرب الإيطالي، أنطوني كونتي، الذي كان قد أنهى مهمته مع منتخب بلاده في بطولة أمم أوروبا لكرة القدم "يورو 2016" ليبدأ مغامرة تدريبية جديدة رفقة فريق تشلسي الإنكليزي.
ولم ينعم مدرب نادي يوفنتوس الإيطالي السابق بفترة راحة طويلة، فبعد أن حقّق على رأس قيادة تدريب منتخب بلاده، محدود القدرات والموارد، نتائج فاقت التوقعات في بطولة أمم أوروبا لكرة القدم التي اختتمت مؤخراً في ملاعب كرة القدم الفرنسية من خلال قيادته له للصعود للدور ربع النهائي؛ حرص المدرب الإيطالي بعد أيام قليلة فقط على زيارة مركز "كوبهام" التابع للنادي في لندن، وذلك من أجل بدء عملية التحضير للموسم الجديد رفقة فريق تشلسي الإنكليزي قبل 33 يوماً على أول مباراة للفريق اللندني في الدوري أمام وست هام يونايتد.
آرسين فينغر
وبعيداً عن كافة المدربين الوافدين حديثاً إلى بطولة الدوري الإنكليزي لكرة القدم، لا يزال فريق أرسنال متمسكاً ببقاء مدربه المخضرم، الفرنسي آرسين فينغر، رغم فشله في قيادة الفريق للتتويج بلقب بطولة البريميرليغ على مدار 12 عاماً والاكتفاء فقط بالتتويج بلقب كأس الاتحاد الإنكليزي في العامين الماضيين.
ويبدو المدرب الفرنسي البالغ من العمر 66 عاماً قادراً على كسر اللعنة التي تُطارد فريقه منذ أن فاز بلقب بطولة الدوري الإنكليزي لكرة القدم عام 2002، لكن سيتعيّن عليه في البداية تجنب استفزازات المدير الفني الجديد لنادي مانشستر يونايتد الإنكليزي، البرتغالي جوزيه مورينيو.
وشهدت العلاقة توتراً كبيراً بين المدربين المخضرمين منذ أن شنَّ مدرب نادي تشلسي الإنكليزي السابق، البرتغالي جوزيه مورينيو، هُجوماً لاذعاً في شهر فبراير من العام الماضي على نظيره مدرب فريق أرسنال، الفرنسي آرسن فينغر، واصفاً إياه بـ"المدرب الاختصاصي بالفشل" وذلك بعد أن كان الأخير قد استبعد فوز المدرب البرتغالي بلقب النسخة قبل الماضية من بطولة الدوري الإنكليزي لكرة القدم؛ بسبب خوفه من الفشل.
يورغن كلوب
أما المدير الفني لفريق ليفربول الإنكليزي، الألماني يورغن كلوب، فيتطلع هو الآخر لبناء فريق متكامل قادر على المنافسة أمام أقوى الفرق الإنكليزية، إذ سيسعى خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية لتدعيم صفوف الفريق العريق بستة لاعبين جدد بعد فشل الفريق الموسم الماضي في تحقيق أي إنجاز يذكر، خاصة عدم التأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا.
ويثق المدرب الألماني البالغ من العمر 49 عاماً في أن فريقه، الذي يُنافس في بطولة الدوري الإنكليزي لكرة القدم، ستتحسن نتائجه خلال الموسم المقبل بعدما حرص خلال الأشهر السبعة التي قضاها في ملعب "آنفيلد" على بناء قاعدة صلبة للمستقبل، جعلت جماهير الريدز تتوق للتتويج بالألقاب التي لم يتذوقوا طعم الفوز بها منذ موسم 2011-2012.
وتُدرك جماهير فريق الريدز بأن فريقها ليس فريقا متكاملاً مثل بقية الفرق الأخرى، لكنها تُعول على قدرة المدرب الألماني في انتشال عملاق كرة القدم الإنكليزية من حالة الضياع التي عاشها تحت قيادة المدرب السابق، الإيرلندي بريندان رودغرز، وذلك على غرار ما فعل مع فريقه السابق بوروسيا دورتموند عندما استلم دفة القيادة عام 2008 من سلفه توماس دول.
ونجح المدير الفني السابق لفريق بوروسيا دورتموند في انتشال فريقه السابق من المركز الثالث عشر للمركز السادس على صعيد بطولة الدوري الألماني، وهو يعتبر أفضل مركز حققه الأسود في آخر 5 سنوات آنذاك؛ وذلك قبل أن يقوده للصعود لبطولة كأس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لتبدأ بعد ذلك رحلة التألق رفقة فريق أسود فيستفاليا.
ويبدو كلوب قادراً على إعادة فريق الريدز إلى سكة البطولات، لا سيّما في ظل الخبرة الكبيرة التي يتمتع بها، حيث سبق له أن أشرف على تدريب عدة أندية كانت على حافة الإفلاس قبل أن يُساهم في إعادة الأمجاد لها من جديد، لعل أبرز هذه الأندية فريقه السابق بوروسيا دورتموند، الذي قاده للفوز بلقب الدوري الألماني مرتين متتاليتين، كما قاده للصعود لنهائي دوري أبطال أوروبا عام 2013، بعد أن كان الفريق على حافة الضياع.
كلاوديو رانييري
من جانبه، يُمني المدير الفني لفريق ليستر سيتي الإنكليزي، الإيطالي كلاوديو رانييري، النفس في قيادة فريق الثعالب لتحقيق إنجاز آخر يُضاف إلى الإنجاز التاريخي الذي حققه خلال الموسم الماضي، بعدما قاده للظفر بلقب بطولة الدوري الإنكليزي لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخه.
وتبدو مهمة المدرب الإيطالي، الذي وقع الاختيار عليه ليكون مدرب العام في إنجلترا بعد نجاحه في قيادة فريقه المتواضع للفوز ببطولة البريميرليغ الموسم الماضي (2015 -2016) في حفاظه على لقب البطولة شبه معقدة، لا سيّما في ظل التنافس المرتقب بين الفرق الإنكليزية الأخرى، لكن "رانييري" سيُعول بكل تأكيد على الثنائي الهجومي المميز المؤلف من المهاجم الإنكليزي جيمي فاردي، وصانع الألعاب الجزائري، رياض محرز، وذلك في سعيه للحفاظ على لقب بطولة البريميرليغ.