ماذا حدث للنجم الكبير ألكسندر هليب؟ كيف جرى له كل هذا؟ ومن كان يصدق أن أحد أفضل نجوم آرسنال في منتصف الألفية ينتهي به المطاف الكروي بهذا الشكل؟ خصوصاً بعد انتقاله إلى برشلونة في أول مواسم جوارديولا، وتوقع أغلب المتابعين نجاحه الرهيب داخل كامب نو، لكن أتت الرياح بشيء مختلف تماماً، وجلس البيلاروسي على دكة البدلاء حتى رحيله، لينتقل إلى أكثر من نادٍ بلا أي جديد، وينتهي به المطاف في تركيا، مع فريق متواضع اسمه جنتشلير بيرليجي الذي انتقل إليه رسمياً خلال فترة الميركاتو الشتوي.
ومع قدوم سواريز إلى برشلونة، وإضاعته عشرات الفرص السهلة مع الفريق البرشلوني، بدأت المقارنات سريعاً بينه وبين معظم الأسماء التي لم تثبت نجاحاً داخل الكامب نو، وعلى رأسها ألكسندر هليب. ورغم إيجابية الفترة الرائعة التي يعيشها بارسا، إلا أن مردود لويزيتو التهديفي يبقى نقطة ضعف تؤرق كل جماهير فرقة السحرة الكاتالونية.
المنحنى التصاعدي
المتابع الجيد لمسيرة سواريز التهديفية، سيُدرك على الفور أن أرقام اللاعب مع أي نادٍ يلعب له تبدأ بشكل منخفض ثم ترتفع مع مرور الوقت، لتصل إلى القمة في مراحله الأخيرة مع ذلك الفريق. وإذا رجعنا بالذاكرة إلى الوراء، لنتذكر أيام لويزيتو في هولندا، وبالتحديد مع جرونينجن الذي سجل له سواريز في الدوري 13 هدفاً في أول موسم، قبل أن تلتقطه أعين أياكس وتخطفه سريعاً إلى قلعة أمستردام، ليسجل في موسمه الأول مع الأحمر والأبيض 19 هدفاً في 33 مباراة بالبطولة المحلية.
زادت أرقام الأوروجواني لتصل إلى 22 هدفاً في موسمه الثاني، قبل أن تشتعل الحاسة التهديفية إلى 35 في موسمه الثالث مع عملاق الكرة الهولندية، هذا الرقم جعل مسؤولي ليفربول يراقبون اللاعب تمهيداً لضمه الرسمي في منتصف موسم 2010-2011، ليشارك مع الريدز في نصف موسم، ويبدأ التألق الفعلي داخل مقاطعة ميرسيسايد مع زعيمها الأول رفقة جيرارد والبقية.
بعد أول نصف موسم، لعب سواريز ثلاثة مواسم مع ليفربول، سجّل محلياً في بطولة الدوري الإنجليزي ثلاثة أرقام تصاعدية، بدأت بالرقم 11 ثم 23 هدفاً، قبل أن يلعب "هانيبال" أروع مواسمه على الإطلاق في 2013-2014، ويسجل 31 هدفاً في الدوري المحلي في 33 مباراة، ليتوج بلقب الحذاء الذهبي الأوروبي في نهاية المشوار، وينتقل إلى برشلونة بعد كأس العالم مباشرة.
نظرة في أرقام بارسا
تأثر سواريز كثيراً بفترة الإيقاف الطويلة بعد واقعة تعديه بالعض على المدافع كيليني، ووضح الجانب السلبي في العقوبة بعد مشاركته بشكل رسمي مع برشلونة خلال الفترة الماضية. لعب لويس 12 مباراة في الليجا، أكمل فقط خمس مباريات حتى التسعين دقيقة، بينما شارك كبديل في مباراة، وخرج قبل صافرة الحكم في ست مباريات بنسبة تصل إلى 50% من الإجمالي العام.
سواريز مع ليفربول خلال الموسم الماضي لم يخرج من الملعب إلا في ثلاث مناسبات فقط من أصل 33، وهذا الفارق الشاسع يؤكد عدم وصول اللاعب بعد إلى كامل لياقته البدنية والذهنية بعد غيابه الطويل عن الملاعب بسبب عقوبة "فيفا"، وبالتالي فكرة الصبر الجماهيري يجب أن تكون حاضرة بقوة، لأن الهداف اللاتيني يستحق هذا الخيار حتى يصل إلى كامل قدراته الفنية واللياقية.
الانسجام؟
تهديفياً، سجل سواريز هدفين فقط خلال 12 مباراة بالليجا، وصنع ثمانية أهداف، مع 21 فرصة للتسجيل، وهذه الأرقام تبدو مناسبة جداً لجناح هجومي على الخط، أو لاعب وسط متقدم للأمام، أو صانع لعب من العمق، لكن بالنسبة لمهاجم بقيمة سواريز، وهداف تاريخي كلويس فإن هذه النسبة تبدو ضعيفة للغاية، وتثير تساؤلات عديدة وتطرح شكوكاً قوية حول مدى تأقلم اللاعب مع الأجواء الإسبانية بشكل عام، والكاتالونية على وجه الخصوص.
يعاني "هانيبال" من إضاعته عديداً من الفرص السهلة، وعدم تركيزه تماماً أمام المرمى، لذلك تعتبر هذه النقطة أبرز سلبية ممكنة في مشوار اللاعب مع البارسا حتى الآن، فقد سدّد على مرمى الخصوم 28 تسديدة، سجل هدفين فقط وأضاع 26، ومن إجمالي كل هذه التسديدات، 11 فقط كانت على المرمى، بينما 17 محاولة خارج الثلاث خشبات، وبالتالي هذه ملاحظة سلبية بعيدة تماماً عن فكرة القيود التكتيكية واختلاف طرق اللعب.
"لا يعنيني إطلاقاً إضاعته الأهداف، نحن هادئون وواثقون من سواريز، وسوف يعود إلى مساره الصحيح قريباً"، يؤكد المدرب لويس أنريكي ثقته الكاملة في مهاجمه الجديد، ويتوقع أن صيامه التهديفي سينتهي في أقرب فرصة قادمة، وهذا أمر من الممكن حدوثه إذا زاد هدوء اللاعب وضاعف تركيزه أمام الشباك، مع مواصلة اللعب والمشاركة.
طرق اللعب؟
المساحات؟ إنها شاسعة في الدوري الانجليزي وضيقة جداً في البطولة الإسبانية، هكذا يتحدث الدولي سيسك فابريجاس عن أبرز الفروقات بين البطولتين، خصوصاً أنه لعب سنوات عديدة في إنجلترا، وكانت له تجربة طويلة مع برشلونة، ويتحدث اللاعب الكبير في مقابلة قديمة مع الصحفي "سيد لو" مشيراً إلى السبب الرئيسي وراء تألق اللاعبين الإسبان في البريميرليج، كخوان ماتا، ودافيد سيلفا، ومايكل أرتيتا والبقية.
ويضع سيسك يده على ملاحظة تكتيكية مهمة جداً، توضح أحد أسباب ضرورة الصبر على مستوى سواريز في برشلونة، نظراً لضيق الفراغ الذي يتحرك فيه هجومياً مع الأحمر والأزرق، عكس المساحات العملاقة التي انطلق فيها رفقة ليفربول، خصوصاً أن معظم خصوم برشلونة يلعبون بدفاع متأخر، بينما تبادر فرق عديدة بالهجوم أمام ليفربول، مما يتيح للمهاجم المتقدم أمتاراً مختلفة للجري، سواء في الكامب نو أو الأنفيلد.
"من الممكن خلق مساحة كبيرة، حينما تمرر واحد اثنين من الوسط إلى الهجوم، وبعدها ستجد فراغات واضحة بين الخطوط، لذلك يصل دافيد سيلفا إلى المرمى كثيراً بسبب تمتعه بالمهارة والخبث التكتيكي، لكن في الليجا، حينما تواجه الثنائي جابي وماريو سواريز، فأنت لا تجد متراً واحداً للتنفس"!، وكأن فابريجاس يجيب عن سواريز ويشير إلى ضرورة الصبر على اللاتيني، لأنه يواجه تحديات أصعب ومساحات أقل في الليجا الإسبانية مقارنة بالدوري الإنجليزي الممتاز.
الدور التكتيكي
مستوى سواريز أقل من أيام ليفربول، ونسبة أهدافه تحتاج إلى تحسن كبير، ودقة تسديده على المرمى منخفضة للغاية، ومع الفروقات الفنية بين البطولتين الإسبانية والإنجليزية، فإن مستوى لويزيتو في حاجة إلى تطور واضح، وبكل تأكيد هذا الأمر محلّ عمل مستمر بين اللاعب والجهاز الفني، خصوصاً أن الموسم الأول دائماً ما يكون صعباً داخل الكامب نو، والدليل على ذلك مستوى نيمار الحالي الذي يعتبر أفضل بمراحل من مردوده خلال الموسم الماضي، وسواريز أيضاً من الممكن أن يسير على هذا النسق.
ورغم كل ما سبق عن سواريز، لا يسجل، ولا يجيد التسديد، ولا ولا ولا، لكنه يقدم أداء تكتيكيا ممتازا رفقة الثنائي ميسي ونيمار. هانبيال يحجز المدافعين كثيراً، يضرب ويُضرب، ويترك الفراغات اللازمة لتحركات نيمار وتمريرات ميسي القاتلة، بالتالي وجود رقم 9 متحركا غير ثابت أفاد برشلونة كثيراً، سواء بالكرة أو من دونها.
الهدف الثالث لميسي أمام فياريال يلخص قيمة الـ 9 في برشلونة، الأهداف ستأتي لا محالة، الـ Work Rate والعمل التكتيكي لهانيبال غير طبيعي. يقف المهاجم على حافة منطقة الجزاء، يحصل على الكرة، يحاصره أكثر من ثلاثة لاعبين، هنا الاستلام تحت ضغط والتمرير إلى القادم من الخلف ميسي الذي يضعها في الشباك بكل مهارة، وبالتالي رغم كل الملاحظات حول "العضاض" إلا أنه طوّر كثيراً من أداء المنظومة الهجومية، وفرص نجاحه تتناسب طردياً مع زيادة تأقله مع البلاوجرانا.