زلاتان يتقمص دور مدربه.. الاسم يفرق دائماً في النهائي

27 فبراير 2017
مورينيو وإبراهيموفيتش يحققان الانتصارات في مانشستر (Getty)
+ الخط -
حقق مانشستر يونايتد الإنكليزي أول بطولة رسمية له هذا الموسم تحت قيادة مورينيو،  وقد فعلها الشياطين الحمر بصعوبة بالغة، في مباراة تقلبت كثيرا من بدايتها وحتى نهايتها، مع تقدير مضاعف لاسم واحد فقط، زلاتان إبراهيموفيتش، السلطان الذي يصر على تحويل السن إلى مجرد رقم، ويتفنن في الرد على منتقديه بالفعل قبل القول، ليكون السبب الأول في فوز فريقه، بعد تسجيله هدفاً قاتلاً قبل النهاية بلحظات قليلة.


الغائب الحاضر
غاب هنريك مخيتاريان عن النهائي ليضع فريقه في مأزق حقيقي، الأرميني مؤثر بشدة وله ثقل حقيقي داخل تكتيك مدربه، فرغم استبعاده في بدايات الموسم، عاد النجم السابق لدورتموند بقوة وأثر بالإيجاب على طريقة اللعب الجماعية، ليحقق الحلقة الناقصة بالثلث الهجومي الأخير، ويطبق الفكر المباشر لمورينيو، من خلال الوصول إلى المرمى بأقل عدد ممكن من اللعبات، فقط انطلاقة يعقبها تسديدة، هكذا قتل البرتغالي خصومه في سنوات سابقة رفقة بورتو ثم إنتر ومدريد.

مع ابتعاد "ميخي" عن النهائي، وضع جوزيه ثقته في الثلاثي مارسيال ولينغارد وماتا خلف المهاجم المتقدم إبرا، لكن افتقدت هذه التوليفة القطع المفاجئ تجاه الطرف أو العمق أثناء المرتدات، إنها الميزة التي يوفرها اللاعب، ويستفيد منها زميله بوغبا على مستوى الوسط، من خلال عودته لتكملة المثلث رفقة الفرنسي والإسباني هيريرا، وبالتالي لم يتأثر الهجوم فقط بل قلت الفعالية لثنائي الارتكاز أيضا.

بوغبا لاعب متحرر بعض الشيء، يفضل الهجوم وصناعة الفرص في نصف ملعب الخصم، ويفقد الكثير من بريقه عندما يعود لمناطقه، حدث هذا بالنص خلال يورو 2016، وكأن خطة 4-2-3-1 تسبب له إزعاجا واضحا. تكرر الأمر أيضا في نهائي الرابطة، نتيجة عدم وجود لاعب ارتكاز دفاعي صريح، ليتم إجبار بوغبا وهيريرا على التغطية الدفاعية بالتبادل، ويبتعد وسط اليونايتد عن هجومه أثناء ضغط الخصم ونتيجة تقليل الفراغات عند الخروج بالكرة.

مدرب كبير
إذا كان مورينيو هو الرجل الخاص والاستثنائي، فإن كلود بويل هو الآخر يستحق علامات الشكر، لأن الرجل الفرنسي يملك تاريخا تدريبيا طويلا، وله كل الفضل في وضع موناكو على الخريطة الفرنسية من جديد بأوائل الألفية، ثم حصوله على دور صانع الشخصية التكتيكية لأكثر من فريق حظي بتدريبه، كليون ثم نيس، التجربة التي جعلته ينتقل إلى الدوري الإنكليزي، ويجد ثقة كاملة من ملاك ساوثهامبتون.

يراهن بويل على مرونة خططه، لا يركز فقط على طريقة واحدة أو أسلوب ثابت، لذلك واجه اليونايتد بالرسم الذي يُرهق نجومه، ويجبرهم على ترك مساحات في نصف ملعبهم. لقد كانت 4-4-1-1 هي الأساس لفصل وسط مانشستر عن بقية الخطوط، وجعل مورينيو يعدل من أوراقه في أكثر من مناسبة بالشوط الثاني، لأن منافسه استخدم تاديش في البداية كصانع لعب حديث، لا يصنع للأمام فقط، بل يعود باستمرار من أجل الضغط على حامل الكرة في وسط الفريق المقابل.

وضع كلود أيضا الثنائي وورد بروس وريدموند على الطرفين مع سابق خبراتهما في الوسط، ليستفيد من رباعي صريح عند الحاجة في العمق رفقة لاعبي الارتكاز، كذلك يضمن غلق الأطراف بلاعبين على كل جانب. هذا على صعيد الدفاع، وبمجرد الحصول على الكرة، ينطلق الجميع في شكل عمودي للهجوم، مع صعود ثنائي الأطراف على مقربة من المهاجم جابياديني، ليهدد مرمى دي خيا في أكثر من كرة، سواء عن طريق الأجنحة المتقدمة، أو بواسطة تاديش ومن خلفه دافيز وروميو للحماية.

شخصية المو
يقول مورينيو في حديث قديم: "كرة القدم القائمة على السيطرة أسلوب غير مميز، إذا كنت لا تلعب على الهجمة المرتدة فأنت سيىء في النهاية، لأن التحولات عنصر رائع في كرة القدم، إنه سلاح لا بد من حيازته عندما تجد خصمك غير متوازن. التدريب عبارة عن التعرف على الصفات الجيدة للخصم وكذلك نقاط ضعفه"، لذلك، يصر البرتغالي على التعامل بهذه المبادئ في المباريات النهائية، وتجلب له في الأغلب ما يريد.

ووفقا للصحافي الإسباني، دييغو توريس، يؤمن مورينيو كثيرا بهذه القواعد قبل أي مباراة نهائية، أن المباراة يفوز بها الفريق الذي يقوم بأقل عدد من الاخطاء. وتبتسم الكرة للفريق الذي يتسبب بأخطاء في منطقة الفريق الخصم وليس في منطقته، وكل من لديه الكرة من المرجح أن يرتكب خطأ، إما بالتمرير أو فقدانها، وكل من يبتعد عن استحواذ الكرة كثيرا يقلل من إمكانية ارتكاب خطأ. هذه هي قوانين مورينيو التي نفذها بالنص أمام ساوثهامبتون.

خلال الشوط الثاني، وبالتحديد بعد التعادل بهدفين، استحوذ ساوثهامبتون على الكرة أكثر، وخلق بعض الفرص مع عدد تسديدات وركنيات، لدرجة طمع بويل في الكأس، واعتماده على المهاري بوفال والسريع لونغ في آخر ربع ساعة، أملا في استغلال اندفاع اليونايتد وانخفاض لياقة لاعبيه، لكن تظهر في مثل هذه المباريات خبرة الأسماء الثقيلة سواء داخل الملعب أو خارجه، ليحافظ الفريق الأحمر على توازنه وينتظر لحظة الحسم كالعادة.

قيمة النجوم
أضاع لاعبو ساوثهامبتون فرصاً أخطر، ووصل هجومه إلى مرمى دي خيا في أكثر من محاولة، حتى كانت هناك بعض القرارات التحكيمية التي أثارت الجدل، لكن في النهاية الخبرة فقط من تحسم النهائيات، داخل الملعب بوجود لاعب هداف وقناص بقيمة زلاتان، وخارجه بثبات مورينيو وتوفيره للغطاء الهجومي اللازم لوصول الكرات إلى رأس الحربة المتمركز في الأمام.

شارك كاريك في أول الشوط الثاني مكان ماتا، ثم راشفورد محل لينغارد في الشق الهجومي، ليتحول اليونايتد إلى نسخة قريبة من 4-3-3، بفتح الأطراف عن طريق مارسيال وراشفورد، مع تقدم بوغبا في المركز 10 بين الجناحين وخلف إبرا، مما جعل الحسم أقرب كلما تأخرت الدقائق، لفارق الخبرات والقدرات لصالح النجمين زلاتان وبوغبا مقارنة بكل فريق ساوثهامبتون.

لا تزال أمام اليونايتد حظوظ قوية في بطولتي الكأس والدوري الأوروبي، وتناسب هذه البطولات بشدة طريقة مورينيو، من خلال استغلال الفرص واللعب بأسلوب الخطف في الدقائق الفاصلة، في انتظار المواجهة الحاسمة بين تشيلسي ومانشستر، ضمن ربع نهائي كأس الاتحاد بستامفورد بريدج مطلع الشهر المقبل.