منطق كرة القدم الوحيد هو أن لا منطق لها.. والظلم من ثوابت اللعبة الشعبية الأولى، قد تجتهد في عملك وتخلص فيه وتتقنه وتتحمل الضغوط وتلقى الإشادة من الخصوم، لكن أقرب المقربين منك قد يغدر بك، لتجد نفسك فجأة خارج البيت مرغماً.
لماذا يرحل دييجو لوبيز عن ريال مدريد رغم تميزه؟ لماذا تعاقد النادي مع كيلور نافاس مكانه؟ لماذا أبقى على إيكر كاسياس رغم كثرة أخطائه؟
"لن أرحل عن الريال إلا إذا ركلوا مؤخرتي". هكذا صرح لوبيز في أبريل/نيسان الماضي للرد على شائعات رحيله لإرضاء القائد كاسياس، واليوم يحزم الحارس حقائبه متجهاً إلى إيطاليا لحراسة عرين ميلان، لتتضح ملامح المؤامرة.
كان لوبيز محقاً في تخوفاته، خصوصاً بعد رحيل المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، الرجل الذي وقف أمام العالم كله وتحدى الجميع بالرهان على الحارس المخضرم، الذي انتشله من مقاعد بدلاء إشبيلية ومنحه مركزاً أساسياً على حساب "القديس".
كان ذنب دييجو الوحيد هو أنه أتقن عمله، فمن الصعب أن تتذكر خطأ وقع فيه خلال موسم ونصف بالقميص الأبيض، وهذا لم يرض إدارة فلورنتينو بيريز التي هيأت له دور "الكومبارس" لصالح الرمز كاسياس.
لعنة كاسياس طاردت لوبيز حتى في المنتخب، كل محايد تعجب من إصرار المدرب فيسنتي ديل بوسكي على تجاهل لوبيز رغم أنه فعلياً الحارس الأفضل في إسبانيا، حتى أنه أخرجه من حساباته تماماً في مونديال البرازيل رغم إصابة فيكتور فالديس، واستدعى بيبي ريينا والشاب دي خيا بدلا منه، وشهد العالم أخطاء إيكر الكارثية في البطولة.
وعد فلورنتينو كاسياس بالاعتزال في النادي الملكي، واستدعى ذلك التخلص من لوبيز، والاستعانة بحارس آخر مميز قد يرضى بلعب دور ثانوي في الفريق، حيث يرى كاسياس أن نظام التناوب كان سبباً رئيسياً في انخفاض مستواه.
لكن الإدارة وحدها لا تتحمل مسؤولية رحيل لوبيز، بل قطاع كبير من مشجعي الميرينجي في إسبانيا ممن يعتبرون جلوس كاسياس احتياطياً إهانة لرمز النادي وأحد قادته التاريخيين، بغض النظر عن أدائه في الآونة الاخيرة، وهو ما يفسر قلة الدعم والمؤازرة لدييجو، وتعرضه لصافرات استهجان في بعض المباريات في ملعب سانتياجو برنابيو دون سبب.
صحف مدريد أيضاً تجاهلت تألق لوبيز بشكل فج، لم يلق الإشادة الكافية في المباريات التي يبدع بها، وفي المقابل كلما يقوم كاسياس بتصد جيد، تنهال الصحف نفسها عليه في المديح بشكل مبالغ.
رحيل مورينيو عن الريال الموسم قبل الماضي كان أساسه الاصرار على الدفع بلوبيز رغم الرفض الإداري والجماهيري والإعلامي، ليس عنداً في إيكر ولكنه لأنه الأفضل كما اعترف "سبيشال وان"، وخليفته الإيطالي كارلو أنشيلوتي لم يقو على إجلاس حارس في أوج تألقه لصالح معشوق الجماهير، فاتبع نظام التناوب.
يقال عن أنشيلوتي دوماً أنه ضعيف الشخصية امام رؤساء الأندية، والجميع يتذكر كيف كان يحركه ويتدخل في قراراته سيلفيو برلسكوني في ميلان، ويقرر بنفسه من يرحل ومن يبقى من اللاعبين.
ويبدو أن المدرب المتوج بثلاثة ألقاب في دوري أبطال أوروبا عاد لينصاع لأوامر الإدارة، التي تعاقدت مع الحارس الكوستاريكي كيلور نافاس وقامت بترحيل لوبيز دون تدخل منه.