(١)
حين سُئل الإسباني تشافي هيرنانديز (صانع ألعاب فريق برشلونة، وجزءاً كبيراً من مجده) عن أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم؟!.. أجاب:
"هما لاعبان، وليس واحداً، الأرجنتيني ليونيل ميسي، والبرازيلي بيليه".
(٢)
هذه الإجابة (الأشبه بتمريرة خاطئة)، مررها اللاعب الذي لا تذهب كراته عادة إلا إلى المكان الذي يريدها أن تذهب إليه، ظناً منه أنها ربما تجد في طريقها - وهي متجهة إلى خارج الملعب - من يمد قدمه لها، وينقرها نقرة توقظ الفرحة من غيبوبة الفرص المهدرة..
(٣)
نعم .. إجابة كهذه، ليست سوى "تمريره خاطئة"، بل هي أسوأ من ذلك، فليس من اللائق أن أصدق أن لاعباً عظيماً مثل تشافي معجب بلاعب اعتزل كرة القدم، قبل أن يولد.. هذه بالنسبة لي إجابة "لملء الفراغ" ليس إلا.
(٤)
الإعجاب يتطلب المزامنة.. أن تكون شاهداً على "المتعة" لحظة حدوثها.. وعلى "الدهشة" وهي تُخلق مرّةً في أعقاب مرة (تامة لا عوج فيها).. وعلى "الفوز" وهو يتسلق دقائق المباراة، حتى يبلغ "نفخة" الحكم الأخيرة.. وعلى صراخ الاحتفال وهو يشرح صدور المشجعين.
(٥)
الإعجاب يتطلب الحب.. أن يكون اللاعب جزءاً من قلبك، من ذكرياتك، من أحاديثك، من مراهناتك، من فرحتك.. من ثقتك في أن الهزيمة تخاف منه.. من يقينك بأن النصر يموت كلما كان جالساً على مقاعد البدلاء.
(٦)
الذين ولدوا عام 2006، لا يمكن أن نصدقهم حين يقولون لنا في عام 2036، أن أفضل لاعب في التاريخ هو الفرنسي زين الدين زيدان، والذين سيولدون بعد عشر سنوات، لن يصدقهم أحد، حين يجيبون على السؤال نفسه بعد 30 سنة أخرى، بقولهم: "أفضل لاعبين هما ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو" .. ولهذا لم أصدق ما قاله تشافي عن بيليه، وتعاملت معه على أنه مجرد "تمريرة خاطئة"!
(٧)
بالنسبة لي، دييغو ماردونا ليس أفضل لاعب في التاريخ وحسب، بل هو معجزة كرة القدم.. معجزة لا تتحقق إلا مرّة واحدة.. لكن، حين أسأل شاباً يدرس في المرحلة الثانوية الآن، من أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم؟!.. لن أستغرب إن لم يكن هذا الأرجنتيني المجنون موجوداً على قائمته.. وإن عدّه من بين الذين يعجبونه فعلاً، سأضع عيني في عينيه مباشرة، وسأقول له كلمتين لا أكثر: "أنت كاذب".
(٨)
في كرة القدم تحديداً، ليصبح "الإعجاب" حقيقياً، يجب أن يكون المُعجَب شاهداً عليه.. ما عدا ذلك ليس إعجاباً، وإنما مجرد "تمريرة خاطئة"، كالتي مررها تشافي عن بيليه، وذهبت إلى خارج الملعب.
لمتابعة الكاتب...https://twitter.com/alfheedA