استمع إلى الملخص
- أظهر الشعب السوداني دعماً كبيراً لمنتخبهم الوطني، الذي أصبح رمزاً للأمل والفرح، وتمكن المنتخب من تجاوز الخسارة أمام النيجر بفضل الروح العالية بقيادة المدرب جيمس كواسي أبياه.
- يمتلك منتخب السودان طموحاً كبيراً لتحقيق إنجازات مستقبلية، بما في ذلك التأهل لكأس العالم 2026، مع الاستعداد الجيد وتوفير الموارد.
تأهل منتخب السودان لكرة القدم إلى نهائيات أمم أفريقيا في النسخة رقم 35، والتي ستقام في المغرب عام 2025، بعد تعادله سلباً بدون أهداف أمام المنتخب الأنغولي، في لقاءٍ أقيم بملعب شهداء بنينا بمدينة بنغازي الليبية، لتعذّر اللعب بالملاعب السودانية بسبب الحرب الدائرة في السودان.
وكان تعادل السودان كافياً للتأهل للمرة العاشرة بتاريخ الفريق إلى النهائيات، ليأتي المنتخب ثانياً بثماني نقاط خلف أنغولا المتأهل سلفاً بـ14 نقطة في المجموعة السادسة، واحتلّت النيجر المركز الثالث بسبع نقاط بفوزها على غانا 2-1، والتي حلّت رابعة بثلاث نقاط من ثلاثة تعادلات وثلاث هزائم، وهي مفاجأة كبيرة، خاصة أن منتخب النجوم السوداء، كان دائماً من كبار القارة، ولديهم تاريخ طويل من المشاركات يصل إلى 24 ظهوراً، مع تحقيق اللقب أربع مرات واحتلال الوصافة في خمس مناسبات.
حقق صقور الجديان نتيجة تاريخية بالتأهل رغم الصعوبات وتوقف الحياة في بلادهم، في ظل الصراع الدائر بين الرئيس والقائد للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان من جهة وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي من جهة أخرى، صراع السلطة وسط قتال ضارٍ، وحربٍ دامية، أدّت إلى اضطرابات كبيرة، ونزوح من مدن الخرطوم، وغرب دارفور، وجنوب كردفان، والجزيرة، وكسلا إلى المناطق الريفية، وهجرة البعض إلى البلدان العربية.
أزمة السودان هي أزمة إنسانية، فالبلاد تعاني نقصاً حاداً بالغذاء، وندرة مواد العلاج، والرعاية الطبية والدواء، إلى جانب توقف الحركة الاقتصادية والخدمات، مما رافقه بطبيعة الحال توقف النشاط الرياضي وكرة القدم تحديداً، وهو أمر أجبر أكبر ناديين هناك، الهلال والمريخ على اتخاذ خيار اللعب في الدوري الموريتاني خلال الموسم الحالي 2024-2025.
ورغم كلّ ما حصل، شهدنا التفافاً ومساندة من كلّ الشعب السوداني خلف المنتخب الوطني، والذي بدوره قدّم لنا درساً في دور الرياضة متنفّساً ومصدر فرحٍ وبسمة لكافة فئات المجتمع هناك، رغم الظروف القاسية. نعم منتخب صقور الجديان فعلها، تجاوز أزمة الخسارة القاسية بالجولة الخامسة 0-4 أمام منتخب النيجر في العاصمة التوغولية لومي، لكنه انتفض، رغم الضغوط والأزمات المريرة، واستطاع تخطي الأحزان بالروح، والتركيز، والتنظيم، والإصرار، والحماس.
استطاع منتخب السودان، رغم كلّ ما سلف ذكره، حسم التأهل ومعالجة الأخطاء من خلال تقديم أداءٍ بطولي أمام منتخب أنغولا "الغزلان"، والذي يضمٌ في قائمته العديد من المحترفين في دول أوروبية، مثل البرتغال، وفرنسا، وإيطاليا، وصربيا، وهذا الأمر يُحسب للقيادة الفنية المميزة في منتخب السودان، عبر المدرب الغاني جيمس كواسي أبياه، وكيفية تعامله المميز وتدارك الأخطاء، بالاعتماد على تشكيلة صنعت الفارق، من الحارس المميز محمد المصطفي، إلى ولي الدين خضر بوغبا، وأحمد طبنجة؛ بفضل روحهم العالية، وصولاً إلى القائد رمضان عجب، ومحمد أحمد أرنق، وعبد الرحمن كوكو، وبخيت خميس، إلى جانب كلّ من عاقله عبدالله، وصلاح عادل، وعبد الرؤوف يعقوب روفه، والهجوم بقيادة محمد عبد الرحمن غربال هداف الجيل الحالي بـ22 هدفاً، وإلى جانبه بوبكر عيسي، كما لا يُمكن نسيان دور البدلاء، الذين لعبوا دوراً مهماً، مثل عمار طيفور، وسيف تيري، ومحمد عيسى.
حقق منتخب السودان النتيجة المرجوة متخطياً الآلام والجروح لشعبٍ يُعاني، واستطاعوا تسيير المباراة على النحو الذي ضمن لهم التعادل الكافي لتحقيق الآمال بالتأهل لنهائيات الأمم بعد المشاركة الأخيرة في كان 2021 بالكاميرون، هو من دون شك جيلٌ حالي يمتلك طموحاً كبيراً، نال الثقة وأصبح قادراً على تحقيق آمال أكبر وأهم، والتأهل إلى نهائيات كأس العالم القادمة 2026.
هو جيلٌ جديدٌ لكرة القدم السودانية، قادرٌ على تحقيق البطولات بحسن الإعداد وتوفير الإمكانيات والموارد إلى استعادة الأمجاد للسودان، الذي حقق لقباً واحداً من قبل عام 1970، عبر جيل نصر الدين عباس غاكسا وعلي جاجارين، وفي بطولة الأمم الأفريقية القادمة بالمغرب، خلال النسخة رقم 35، التي تنطلق في الفترة من 21 ديسمبر/كانون الأول 2025 حتى 18 يناير/كانون الثاني 2026، وستكون المرة الثانية التي تُنظّم في المغرب بعد نسخة 1988، سيكون أمام السودان فرصة للظهور بصورة طيبة، إلى جانب منتخبات عربية أخرى، حجزت بالفعل مقعدها، وهي الجزائر، جزر القمر، ومصر، وتونس، والمغرب بطبيعة الحال، وبانتظار موريتانيا، لنشهد حينها سبع منتخبات عربية، وهو رقم قياسي يُعادل ما حصل في النسخة الـ33 عام 2021، كلّ التوفيق للمنتخبات العربية ومليون مبروك لصقور الجديان والشعب السوداني.