بين الشجار والعراك وأرضية الملاعب: تراجعٌ تنظيمي لليورو والكوبا

15 يوليو 2024
عائلات لاعبي أوروغواي تعرّضت للهجوم أمام كولومبيا، 10 يوليو 2024 (ستيف ليمنتاني/Getty)
+ الخط -

لا تمرّ مباراة في بطولة أمم أوروبا 2024 (اليورو) المقامة في ألمانيا، أو كوبا أميركا في الولايات المتحدة، إلا وتشهد أعمال عنف وشغب، ومواقف غير متوقعة، وسط مشاكل تنظيمية واضحة وملاعب سيئة، وانعدام القدرة على التعامل مع المشجعين، الذين يتسببون يومياً بعراكات في الشوراع وفي المدرجات، ليصب كلّ ذلك في ميزان المقارنات مع كأس العالم 2022 في قطر، الذي لم يشهد كلّ هذه الأحداث.

انتقادات في اليورو

قبل فترة انتقد منتخب فرنسا صعوبة التنقل من مكان الإقامة إلى الملاعب اليورو (أمم أوروبا 2024)، وكرر الأمر كذلك مدرب بلجيكا دومينيكو تيديسكو، الذي لم يعجبه ما حصل حينها، وقال: "استغرقت رحلتنا من الفندق إلى الملعب ساعة كاملة، على الرغم من مرافقة الشرطة الألمانية لنا، الشوراع كانت خالية، لكن الحافلة سارت بسرعة 20 كيلومتراً في الساعة بشكلٍ لا يُصدق، توقفنا عند كلّ إشارة حمراء بالرغم من مرافقة الشرطة لنا، حين وصلنا، لم أستطع الحديث مع فريقي سوى دقيقتين، واضطررنا لتقليص وقت الإحماء قبل اللقاء"، أما ملعب سيغنال إيدونا بارك فقد تحوّلت بعض مدرجاته إلى شلالٍ كبير قبل مباراة تركيا وجورجيا في مدينة دورتموند، مما اضطر المنظمين إلى استقدام عمال لسحب المياه بأدوات يدوية.

وشهدنا في بطولة اليورو أيضاً مشاكل أخرى، مثل تهديد صربيا بالانسحاب بعد عبارات رددتها جماهير كرواتية وألبانية، وصولاً إلى إيقاف ميريج ديميريل من قبل الاتحاد الأوروبي للعبة بسبب قيامه بتحية "الذئاب الرمادية"، مما دفع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لانتقاد الاتحاد الأوروبي والقول إن ذلك "غير مبرر، وهو قرارٌ سياسي بحت"، كما شهدت بعض المباريات توقفات عديدة سببها دخول المشجعين إلى أرضية الملعب نظراً لضعف التنظيم والحضور الأمني، لا سيما خلال مباراة البرتغال وتركيا في دور المجموعات، وهو ما دفع يويفا للاعتراف بأن هناك مشاكل، ليعد بتحسين هذه الجوانب لاحقاً، لكن الأمر لم يتغيّر وشهدنا في مواجهة فرنسا وإسبانيا دخول أحد الأشخاص إلى أرضية الميدان، بينما شهدنا في لقاء هولندا وإنكلترا، عراكاً كبيراً في مدينة دورتموند بأحد الشوارع مما دفع الشرطة للتدخل لفضّه بصعوبة، وهو مشهد لم يحصل أبداً في مونديال قطر 2022.

ميسي ينتقد وهجوم لاذع من بيلسا

بعيداً عن اليورو كانت بطولة كوبا أميركا 2024 الأكثر فشلاً في الولايات المتحدة، وهي التي تتحضر لاستضافة مونديال 2026 إلى جانب كندا والمكسيك، ولعلّ أبرز الانتقادات التي طاولتها، كانت من الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي، الذي هاجم الملاعب والحر داخلها، التي كانت بالمناسبة من العلامات المضيئة خلال مونديال قطر باعتراف كلّ من حضر في الدوحة، وعلى رأسهم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو الذي أشاد مراراً وتكراراً، قبل البطولة وبعدها بما فعلته قطر على الصعيد التنظيمي وعلى مستوى جاهزية الملاعب والتكييف فيها، وكذلك البنى التحتية.

وقال ميسي في منطقة الصحافة المختلطة بعد مباراة كندا في نصف نهائي كوبا أميركا: "من الجيد أن تتمكن الأرجنتين من خوض نهائي آخر، كانت بطولة صعبة على ملاعب سيئة للغاية وأمام فرقٍ صعبة جداً، وفي درجات حرارة صعبة (يقصد الارتفاع الكبير)، لكننا نجحنا في الوصول إلى النهائي، ليس من السهل علينا أن نبلغ اللقاء الختامي ونصبح أبطالاً مرة أخرى".

وبعدها بليلة واحدة فقط، شهدت مباراة كولومبيا وأوروغواي أحداثاً مؤسفة للغاية، بسبب اضطرار لاعبي السليستي للقفز إلى المدرجات للدفاع عن عائلاتهم بعد اعتداء بعض المشجعين عليهم، مما تسبب في تلقي نجم ليفربول داروين نونيز لكمة في وجهه، بينما شاهد الجميع في مونديال قطر، احتفال اللاعبين مع عائلاتهم بطريقة استثنائية، وهو ما ظهر تحديداً بين لاعبي المغرب وأمهاتهم.

وإثر أحداث مباراة كولومبيا، علق قائد منتخب أوروغواي، خوسيه ماريا خيمينيز، بعد نهاية المباراة في منطقة الصحافة المختلطة منتقداً أولئك الذين يفرطون في شرب الكحول، والذي قررت قطر حظره في المدرجات وحتى الشوارع لتفادي مثل هذه الأحداث: "اضطررنا إلى الذهاب للمدرجات لإخراج أحبائنا (يقصد العائلة)، في ظل وجود رضّع صغار وأطفال حديثي الولادة، كان الأمر برمته أشبه بكارثة، لم يكن هناك شرطي واحد، لقد سقطوا في غضون نصف ساعة، الأمر كان كارثياً، ونحن اضطررنا إلى أن نقف إلى جانب ذوينا، كنا نحاول حماية أقاربنا الذين حضروا لمشاهدة المباراة، آمل أن يكون القائمون على التنظيم أكثر حذراً مع العائلات والجماهير والمناطق المحيطة بالملاعب، لأن هذه كارثة نظراً لأن الشيء نفسه يحدث في كل مباراة، عائلاتنا تعاني بسبب أولئك الذين يحتسون كثيراً من الكحول، الذين يتصرفون مثل الأطفال وليس لديهم أي تحكم في أنفسهم، أتمنى أن يكونوا حذرين ولا يتكرر ذلك مرة أخرى، لأن هذه كارثة".

من جانبه، وجّه مدرب منتخب أوروغواي، مارسيلو بيلسا، انتقادات للكونميبول بسبب التنظيم في مؤتمر صحافي وصف بالتاريخي من وسائل الإعلام، وقال: "ملاعب التدريب كانت كارثة. ومن ثم يتهم الاتحاد الحكام بأنهم كانوا مخطئين. يعقدون مؤتمراً صحافياً للكذب صراحة بخصوص الملاعب، يقولون إن الملاعب مثالية ولدي صور لها أثناء ترقيعها. يجب أن يعتذروا، لكن بما أن الأمر يؤثر عليهم، لا يستطيع اللاعبون والمدربون التحدث. كل ما عليهم فعله هو القول: لقد ارتكبنا مثل هذه الأخطاء، نحن مسؤولون، نتحمل المسؤولية وانتهى الأمر".

وفي النهائي الذي أقيم اليوم الاثنين، تأخر انطلاق نهائي الكوبا بقرارٍ من اتحاد أميركا الجنوبية (كونميبول)، بسبب محاولات عديدة شهدها محيط ملعب "هارد روك" بمدينة ميامي الأميركية، حين حاول كثرٌ استغلال الثغرات الأمنية وضعف التنظيم لاقتحام الملعب بأعداد كبيرة دون الحصول على التذاكر، ما أجبر رجال الأمن على إغلاق أبواب الاستاد، ما أدّى إلى عدم انطلاق المواجهة عند الساعة الثالثة فجراً وتأجيلها حتى الرابعة صباحاً.

المساهمون