السوبر الأوروبي .. بداية رحلة "الريال المتكامل"

13 اغسطس 2014
ريال مدريد يبدأ رحلة الألقاب
+ الخط -

فعلها الريال دون جدال، وأضاف لقباً أوروبياً جديداً إلى خزينته المليئة بالكؤوس. عاد النادي الملكي من جديد إلى منصات التتويج، بفوز منطقي على المغامرين الأندلسيين. وعلى طريقة، "لا تحلموا بعالم سعيد"، حاول أوناي إيمري قدر المستطاع، ووفق المجموعة التي يمتلكها، لكن إشبيلية سار على نهج أتليتكو مدريد وإستسلم في نهاية المطاف للمنطق والمتوقع، نظراً لفارق الإمكانيات والقدرات بين الفريقين.

وإذا تحدثنا بلغة الأرقام، فيجب القول، إن قيمة تشكيلة الريال الذي خاض بها النهائي تفوق مبلغ 491 مليون يورو، أي أضعاف قيمة فريق إشبيلية، وإذا ذهبنا إلى دوري آخر كالبطولة المحلية الهولندية فسنجد أن القيمة السوقية لجميع اللاعبين تصل إلى 460 مليون يورو، أي أقل أيضاً من تشكيلة الفريق الفائز بدوري أبطال أوروبا والسوبر، إنها الكرة الحديثة في أقوى صورها، ليعود عصر "الجلاكتيكوس" من جديد إلى سماء العاصمة الإسبانية.

وفرة تكتيكية واضحة
لعب الريال بطريقة لعب أقرب إلى 4-3-3 على الورق وفي الملعب، رباعي دفاعي صريح أمامهم توني كروس، الألماني بدأ كارتكاز متأخر فيما يُعرف باسم "الهولدينج"، أي اللاعب الذي يقوم بالتغطية خلف منطقة المنتصف، وأمامه الثنائي، لوكا مودريتش كلاعب وسط مساند مائل إلى اليمين، وجيمس رودريجز كلاعب وسط هجومي مائل إلى اليسار، وفي الأمام الثلاثي الرهيب، كريم بنزيمة في العمق، وعلى طرفيه كل من جاريث بيل وكريستيانو رونالدو.

تكمن قيمة وقوة تشكيلة الإيطالي كارلو أنشيلوتي في كثرة العناصر الأساسية والاحتياطية، بالإضافة إلى العمق التكتيكي الذي يتمتع به فريقه. يقول بيرلسكوني عن كارلو حينما أتى به إلى أريجو ساكي في الماضي، إنه شخص رائع لكنه لا يجيد قراءة النوتة الموسيقية، ليقوم الإيطالي حليق الرأس بتعليم تلميذه أنشيلوتي الكثير، ويصبح فيما بعد قادراً على قراءة النوتة وتحويلها إلى أوركسترا كروية رفيعة المقام.

يعود التشابه بين طريقة لعب أنشيلوتي وأفكار ساكي في تحويل طريقة اللعب 4-3-3 إلى 4-4-2 صريحة، على الطريقة الميلانية القديمة. فيعتمد المدرب على رباعي وسط، أقرب إلى ثنائي العمق كروس ومورديتش في الريال، مع وجود ثنائي آخر على الأطراف، جاريث بيل الطرف السريع المنطلق، وجيمس رودريجز الجناح المهاري، وفي الهجوم رونالدو لاعباً حراً، وأمامه بنزيمة، على طريقة الثنائي الرهيب رود خوليت وماركو فان باستن في "الروسونيري".

بكل تأكيد، لم يصل ريال أنشيلوتي حتى الآن إلى قيمة وعبقرية وقوة ميلان ساكي، خصوصاً على مستوى الجماعية والضغط والتناغم الرهيب، لكن الرسم التكتيكي نفسه في الملعب يصبح، أحياناً، قريباً إلى حد واضح من التشكيلة الميلانية العتيقة. لذلك نجح الريال في قتل إشبيلية سريعاً، ووصل إلى ما يريد.

كلمة السر
سجل فريق العاصمة هدفين بواقع واحد في كل شوط، وإذا أردنا تحليل الأهداف، سنجد أن كلمة السر واحدة لا تتغير، تبادل المراكز بين النجوم وتغطية أكبر قدر ممكن من المساحات داخل الملعب. يبدأ بيل المباراة على اليمين، لكنه يصبح جناحاً أيسر صريحاً في الهدف الأول، ويرفع كرة عرضية رائعة إلى رونالدو، الجناح الذي ينجح في تسجيل هدف وكأنه مهاجم صريح من مواليد منطقة الجزاء، في تمثيل لأبهى صور اللا مركزية التي تضرب أي دفاع متكتل.

ومع الشوط الثاني، أيضاً، تجري تغييرات كبيرة في المهام، يدخل رودريجز إلى العمق ويتحول بنزيمة إلى الجناح، ويعود بيل إلى المنتصف، ويجري رونالدو في كل مكان، إنها التوليفة التي ساعدت كريستيانو في التملّص من الرقابة، وتسجيل هدف آخر أنهى به الأمور تماماً، وجعل اللقاء أشبه بالمباراة الودية حتى الدقائق الأخيرة.

"لا تحلموا بعالم سعيد"
يمتاز أوناي إيمري بالجرأة والشجاعة التكتيكية، هو مدير فنيّ لا يهاب، ويجيد تماماً قراءة المنافسين، لكنه اصطدم بواقع مرير وصعب، فريق يضم مجموعة صاعدة غير معروفة كثيراً، أمام غول أشعل سوق الانتقالات بصفقة الكولومبي المدوية. لعب الفريق الأندلسي بطريقته التقليدية، 4-2-3-1 بتواجد ثنائي محوري أمام ثلاثي الهجوم والصيّاد باكا، وفي الدفاع تصبح الطريقة 4-4-2 صريحة، بعودة الجميع إلى المنتصف والضغط بالثنائي سواريز وباكا.

نجم إشبيلية الأول هو الصاعد الواعد دينيس سواريز، المعار من برشلونة. يمتاز الشاب بالخفة والمهارة والقدرة على التحرك، في، وبين الخطوط، لذلك شكّل اللاعب كل الخطورة خلال المباراة، مع وجود نقطة الضعف الواضحة في صفوف الملكي، المساحات الكبيرة بين الخطوط أثناء التحولات ومع فقدان الكرة، لذلك انطلق سواريز أمام الدفاع وخلف الثنائي كروس ومورديتش، وقام بصنع بعض الكرات، لكن الرعونة وتألق كاسياس حالا دون تسجيل أي هدف.

في النهاية، فاز الفريق الأفضل الذي حصل على بطولة أخرى، لكن الموسم ما زال طويلاً، والبدايات لا تؤكد النهايات دائماً، لذلك من الممكن أن تتغير تفاصيل عديدة خلال الأيام والشهور المقبلة، على أمل الاستمتاع بموسم كروي يفي بكافة الوعود، الفنية والجماهيرية والتكتيكية.

المساهمون