يعد الطيب مزياني أحد أهم اللاعبين الجزائريين الذين احترفوا في الدوري التونسي خلال المواسم الأخيرة، حيث كانت له تجربتان، الأولى مع الترجي والثانية مع النجم الساحلي، الذي انتقل منه في فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة إلى فريق أبها السعودي.
وكشف الطيب مزياني (25 عاماً)، في حوار خصّ به "العربي الجديد"، عن تفاصيل مثيرة في تجربته في تونس، وبالخصوص مع نادي الترجي ومشاكله مع الدولي السابق لمنتخب "نسور قرطاج" مجدي تراوي، مبدياً تعلقاً كبيراً بفريقه السابق النجم الساحلي.
كيف جاء انتقالك إلى أبها السعودي؟ هل صحيح أنك رفضت في البداية مغادرة النجم الساحلي؟
صراحة لم تكن لديّ نية للمغادرة في فترة الانتقالات الشتوية، لأن ذلك لا يمنحك الحرية والجاهزية اللازمة للقيام بمثل هذه الخطوة، كما أنه كانت لديّ رغبة أكبر في البقاء مع فريق النجم الساحلي الذي له فضل كبير عليّ، خاصة مع أنه معني أيضاً بالمشاركة في دوري أبطال أفريقيا، وسط مشاكل يعاني منها، سواء من ناحية الأموال أو لوجود لاعبين غير مؤهلين، إضافة إلى الترتيب المتأخر في جدول الدوري، ولهذا رغبتي كانت أكبر في مساعدة النجم وأقدم كل ما عندي على الأقل لنهاية الموسم.
هل صحيح أن رئيس النجم ماهر القروي طلب منك قبول عرض أبها لإنقاذ الفريق التونسي من الأزمة المادية؟
صحيح، الرئيس ماهر القروي كان مصراً على أن تتم هذه الصفقة، لأنه كانت هناك رغبة ملحة بمغادرة لاعب على الأقل للفريق من أجل تحقيق عائدات مالية، لعل ذلك يسمح بمعالجة مشكلة اللاعب كوليبالي ورواتب باقي اللاعبين. أنا بدوري قمت بمرحلة تفكير ثم مع قدوم مسؤولي أبها للتفاوض معي في تونس وإصرارهم على التعاقد معي، وافقت على هذا الانتقال.
هل تلقيت عروضاً من أندية أخرى؟
أبلغ من العمر 25 سنة ومررت بظروف صعبة مثلما مررت بذكريات رائعة، لكن هذه هي كرة القدم، يجب على كل لاعب أن يؤمن بقدراته، صحيح بعد كأس العرب تلقيت اتصالات من أندية أخرى مثل شار لوروا البلجيكي وبريست الفرنسي إضافة إلى فريقين من السعودية وقاسم باشا التركي، وفي الأخير اتخذت قراراً بعد دراسة كل الجوانب، دون أن ننسى أن العروض الأخرى التي وصلتني لم تكن في مستوى تطلعات إدارة النجم.
هل تحدثت مع زميلك الجديد بلال العيفة حول ذكريات نهائي كأس العرب بين تونس والجزائر؟ وهل تعتبر أن النجم التونسي سعد بقير هو نجم أبها دون منازع؟
في كأس العرب كنا نقيم في فندق واحد، وفي الحقيقة لم نكن ننتظر أن نتواجه في النهائي، وفي الأصل أنا أملك الكثير من الأصدقاء في تونس سواء الذين يلعبون في المنتخب أو في أندية أخرى. تواجهنا بشكل عادي في النهائي العربي وكل لاعب منا دخل من أجل الدفاع عن ألوان بلاده، وفي الأخير الفوز كان من نصيبنا، وتبقى الروح الرياضية هي الأساس.
بلال العيفة سعد كثيراً من أجلي وهنأني على الفوز، وأنا وهو بالذات واجهتنا الكثير من الصعوبات. كنا لا نلعب ونتدرب على انفراد، والحمد لله نحن الآن في فريق واحد. أما سعد البقير فهو هنا في السعودية منذ 3 سنوات، ما شاء الله عليه، قدم مستوى كبيرا والكل يشيد به، ولو أنني كذلك أيضاً أعرف إمكاناته ولا أتمنى له إلا التوفيق المواصلة.
يبدو أنك مستاء من تصريح المدرب المساعد السابق للترجي مجدي تراوي الذي قال أخيرا إن مزياني لم ينجح في الترجي لأن قميص الفريق ثقيل عليه؟
الكلام الذي قاله مجدي تراوي مبني على قصة حدثت من قبل، ربما الكثيرون لا يعرفونها رغم أنه ما كان عليه قول هذا الكلام. الحكاية بدأت عندما لعبنا "ديربي" بين النجم الساحلي والترجي في الكأس وفزنا عليه، وهذا ما أزعجه ولم يتحمل لدرجة لا تتصورها.
هو أصلاً لاعب سابق في النجم الساحلي وأنكر فضله وانتقل بعد ذلك لفريق الترجي. صحيح هذا الأمر عادي في كرة القدم، لكن انتقاله كان بطريقة أخرى، وبالنسبة إليه هو لا يتحمل رؤية لاعب في النجم الساحلي، وهذا ما فهمته من تجربتي هناك.
بعد تلك المباراة وفوزنا على الترجي تلقيت مباركة من أحد الأشخاص وهذا لم يتحمله أيضاً، وكان ماراً في الطريق ووجه لي ولذلك الشخص كلاماً غير لائق وذهب. بدوري قمت بعد ذلك بإرسال رسالة هاتفية له، لذلك أدلى بذلك التصريح على شاشة التلفزيون. وهنا أريد أضيف شيئاً آخر.
عندما يقول إن قميص الترجي ثقيل، هنا أصحح له أنه حتى قميص النجم الساحلي ثقيل، وهو حال أقمصة الأفريقي والصفاقسي، وعندما يتكلم هو بهذه الطريقة فهو ينقص من قيمة فرق أخرى. أنا كلاعب سابق في الترجي أعرف دوره في النادي ولماذا تم وضعه في الطاقم الفني، ولا أخفي عليك أن حصة تدريبية لا يستطيع إدارتها.
كلامه لا معنى له إطلاقاً، وأؤكد لك أن دوره في الفريق لا يقتصر إلا على كونه وسيطا بين الإدارة والمدرب، خاصة بعد مغادرة معين الشعباني، وذلك للتحكم أكثر في المجموعة ومعرفة مشاكلها من قبل الإدارة. ورغم أنه تكلم عن إبعاده عن الترجي بطريقة أخرى، إلا أنني أعرف الحقيقة الكاملة وكيف أتى القرار من المدرب رضا الجعايدي.
ذلك حدث في حصة تدريبية عندما دخل رضا الجعايدي وكان اللاعبون يتدربون تحت إشراف مجدي تراوي في حالة فوضى وكل لاعب يمسك بالكرة ويتصرف بها مثلما يشاء، أما ترواي فقد كان واقفاً ويُشاهد فقط، ما أثار حيرة رضا الجعايدي الذي تساءل عمن هو المدرب وماذا يحدث، وهنا بدأت المناوشات وقرر الاستغناء عن تراوي واستقدام طاقمه الخاص، في مقدمتهم أنيس البوسعادي.
وما نعرفه عن أنيس البوسعادي بكل صراحة أنه كان لاعباً كبيراً ويملك سيرة ذاتية محترمة، عكس مجدي تراوي الذي لعب شوطاً واحداً في ريد بول سالزبورغ، ثم يأتي ليتحدث عن قميص ثقيل وما شابه.
هل بدأت هذه المشاكل معه في تجربتك مع الترجي؟
عندما وصلت للترجي الرياضي كنت أبلغ (21 عاماً) والفريق فائز بلقب دوري أبطال أفريقيا ويضم لاعبين في أعلى مستوياتهم خلال تلك الفترة، على غرار يوسف بلايلي وأنيس البدري. في النصف الأول من الموسم قدمت مردوداً جيداً وهو يتذكر ذلك، ثم بدأت المشاكل مع أحد المسؤولين، وهو لم يكشف كل التفاصيل خلال تصريحاته (يقصد تراوي).
وما يقوله إن القميص كان ثقيلاً عليّ أو ما شابه، عليه أن يعرف أن اللاعب من الطبيعي أن تأتيه عروض وينتقل لفريق آخر، وأعطيك مثلاً أنيس البدري الذي يبقى لاعباً كبيراً انتقل لنادي الاتحاد السعودي وحدثت له العديد من المشاكل، هذه هي كرة القدم، مثلما يمكن أن تنجح يمكن أن تفشل أيضاً، حتى في أوروبا نرى هذا، على غرار أنطوان غريزمان كان رائعاً في أتلتيكو مدريد لكنه لم ينجح في برشلونة، وهذا ليس متعلقاً بأن القميص ثقيل أو مثلما قال هو.
هو أيضاً تحدث عن نقطة الشخصية، الحمد لله لو لم تكن عندي شخصية لما استطعت النهوض بعد كل عثرة، أنا عندي الإجابات عن كل ما قاله، وأعترف بشيء واحد حوله وهذا كل الناس تعرف أنه مجرد وسيط وغير لائق عليه دور المدرب، أصلاً يوم غياب مدرب الفريق لم يتم الاعتماد عليه حتى لخلافته على مقاعد البدلاء، وهذا دليل أنه لا يتم وضع الثقة فيه لمثل هذا الدور، فقط مهمته كانت نقل وإعادة الكلام.
قبل تجربتك في تونس كيف كان طريقك للاحتراف بأوروبا؟
بدايتي كانت في نادي بارادو وتقريباً لـ7 سنوات إلى حين وصولي إلى الفريق الأول، وهناك تلقيت عرضاً من ناد بلجيكي، لكن هذا لم يتم بعد نزول هذا الفريق لدوري الدرجة الثانية، كما قمت بتجارب مع نادي رين الفرنسي وحينها كان المدرب كريستيان غوركوف هو المشرف على الفريق، إلا أن الاتفاق لم يحدث إلى حين انتقالي إلى فريق لوهافر.
قدمت وجهاً مميزاً في كأس العرب، هل وصلتك عروض من أندية أخرى؟
الحمد لله أن المدرب مجيد بوقرة وضع ثقته في إمكاناتي وأدخلني ضمن المجموعة، بدوري عملت بجد على ترجمة تلك الثقة وإظهار إمكاناتي مع منتخب بلادي، وهذا في حد ذاته شرف كبير، وأظن أنني نجحت في ذلك، وهذا هو المنتخب الوطني لا أحد ينال فرصة ذلك إلا من يُظهر أنه قادر على تقديم الإضافة، أملي هو الاستمرارية وأن أكون حاضر دائماً في صفوف المنتخب، لأن هذا شعور لا يوصف ولا يمكن تفسيره، ولا أنسى أيضاً أن أوجه كل الشكر للمدرب مجيد بوقرة ومساعده جمال مصباح على ثقتهما.
كيف وجدت اللعب بجانب نجوم المنتخب الأول مثل مبولحي وبلايلي وبراهيمي؟
شيء رائع أن تلعب إلى جانب هؤلاء اللاعبين، سواء مبولحي، بونجاح، أو براهيمي وبلايلي وغيرهم، لأنهم ركائز الفريق. لقد أعطونا كل الثقة، وقد أظهروا كم يحبون البلد والمنتخب الجزائري، وقد كرسوا الخبرة التي كسبوها في خدمة المنتخب الوطني وحتى في مساعدة المدرب، والدليل ترون النتيجة التي حققناها في كأس العرب وفوزنا بالكأس العربية.
كيف كان إحساسك بحملك رقم محرز في بطولة كأس العرب؟
في الحقيقة لم أشترط حمل الرقم "7" الأمر كان بمثابة صدفة لا أكثر، ولو أنني أحب كثيراً هذا الرقم الذي حملته في نادي النجم الساحلي، وفي كأس العرب لم أعط أي قيمة لذلك، هدفي كان تقديم الإضافة للمنتخب فقط.
كيف رأيت التنظيم والملاعب القطرية، أتعتقد أن المونديال المقبل سيكون ناجحاً بالنظر لما شاهدته؟
التنظيم كان خيالياً في بطولة كأس العرب، وصراحة لم نكن نحن اللاعبون في منتخب الجزائر ننتظر أن يتم الوصول إلى هذا المستوى، بل يمكن القول إنهم كانوا فوق ذلك بكثير، وأظن أننا سنشهد بطولة كأس عالم هي الأفضل بين كل النسخ الماضية، لأننا رأينا كم أن القطريين لديهم الجدية الكبيرة لإنجاح هذا العرس، وبشهادتي رأيت الكثير من اللاعبين الذين لعبوا في أحسن الملاعب الأوروبية اندهشوا مما وجدوه في قطر.
بالإضافة لما قدمتموه من مستوى رائع، كنت أفضل ممثل للجزائر من الناحية الإنسانية عبر الروح الرياضية مع الأشقاء العرب وفلسطين خصوصاً، كيف استقبلتم إشادة الجزائريين بذلك؟
كانت الروح الرياضية عالية في الكأس العربية وهذا ما تأكد في مباراتنا مع مصر، كان الاحترام كبيراً بيننا، سواء قبل أو أثناء وبعد المباراة، حيث تبادلنا الأقمصة، والأمر نفسه في مباراتنا أمام المغرب وتونس الأمور مرّت بشكل رائع، وهذه مجرد كرة قدم، وتبقى المناوشات في الملعب عادية لأن رغبة الفوز قد تسيطر في بعض الأحيان حتى في مباراة بين الأحياء، وفي النهاية لا تدوم إلا العلاقات الطيبة.
أثرت جدلاً في الآونة الأخيرة بعد تشجيعك لناديك السابق النجم الساحلي على حساب شباب بلوزداد، ما ردك على الانتقادات التي رأيناها في مواقع التواصل بهذا الخصوص؟
هذه مجرد كرة قدم ولا ينبغي أن نعطي الأمر أكثر مما يستحق، وأنا رأيت الأمر عادياً لأنني قبل شهر فقط كنت لاعباً في نادي النجم الساحلي وحضرت معهم كما أنني لعبت مع الفريق الأدوار التمهيدية في مسابقة دوري أبطال أفريقيا، وأصلاً كنت قد ساهمت في الوصول إلى هذه المرحلة بتسجيل الأهداف وقدمت مستويات طيبة، وكذلك ترى أنني كنت في الحسابات لكي أكون حاضراً مع الفريق خلال دوري المجموعات وألعب ضد الترجي وشباب بلوزداد وفريق غلاكسي.
هذا ما دفعني إلى تشجيع النجم الساحلي، كما أشعر بأنني ما زالت في هذا الفريق الذي قدم لي الكثير، ومسؤولوه وقفوا معي في وقت أن بعض الفرق أغلقت الباب في وجهي، وهذه حقيقة سيؤكدها لك أي لاعب مرّ على النجم، حيث لا يمكن أن تشعر بأنك شخص غريب في مدينة سوسة التونسية، ولا أحد يكذب عليك، هنا يحبوننا كجزائريين، سواء كشعب أو كلاعبين، وأي جزائري لعب هنا خرج من الباب الواسع.
أما بخصوص شباب بلوزداد، فأنا ليس لديّ أي مشكل معهم أو مع أي فريق جزائري آخر، نحن طبعاً نُحب بلدنا ونملك الروح الوطنية، كما أن أغلب لاعبي هذا الفريق أصدقائي، ولقد تحدثنا وتحدينا بعضنا بعضا على أننا سنفوز عليهم في المباراة، وهذا عادي جداً، في وقت أن من يريد خلق قضية هم هؤلاء الذين يبحثون عن المشاكل ويصنعون قصصاً درامية من وحي الخيال وغير منطقية.