- يستعد الاتحاد الفلسطيني لطرح بند في كونغرس "فيفا" ببانكوك لفرض عقوبات على الفرق الإسرائيلية رداً على الانتهاكات ضد الفلسطينيين، خاصة في غزة.
- تاريخ من التوترات بين الاتحادين، مع تأكيد الاتحاد الفلسطيني على مواصلة الدفاع عن حقوقه ووصف إسرائيل بـ"دولة مارقة"، مع تسليط الضوء على تأثير الصراع على الرياضة.
طالب الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم كافة الاتحادات الدوليّة في العالم بالتجند لصالح قوانين وأنظمة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، في ردّه على تهديد وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس رئيس اتحاد اللعبة الفلسطيني جبريل الرجوب بالسجن، على خلفيه جهوده لطرد إسرائيل من الاتحاد الدولي لكرة القدم. وكان كاتس قد كتب منشوراً على منصة إكس قال فيه: "جبريل الرجوب، الإرهابي الذي يرتدي بدلة، والذي دعم علناً جرائم حماس، يعمل في جميع أنحاء العالم لإزالة إسرائيل من الاتحاد الدولي لكرة القدم".
وجاءت تغريدة الوزير الإسرائيلي بعد شهرٍ ونصف شهر من تقديم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم طلباً رسمياً لإدراج بندٍ ينصّ على اتخاذ عقوبات فورية ضد الفرق الإسرائيلية المختلفة على جدول أعمال كونغرس الفيفا المنعقد في بانكوك يوم 17 مايو/أيار الجاري، رداً على انتهاكات الاحتلال غير المسبوقة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني تجاه المواطنين الفلسطينيين، ولا سيّما في قطاع غزّة، وسط استمرار حرب الإبادة منذ السابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
الاتحاد الفلسطيني وأسبوعان حاسمان
مع بقاء أسبوعين على انطلاق أعمال كونغرس "فيفا" المقبل، يتوقع متابعون أن تشهد الساحة حرباً إعلاميّة أوسع، يمارس فيها الاحتلال ضغطاً مشابهاً للذي مارسه على الاتحادات الدوليّة المختلفة في كونغرس "فيفا" الخامس والستين، الذي أقيم في زيورخ عام 2015، لثني رئيس الاتحاد الفلسطيني جبريل الرجوب عن تقديم اقتراحه طرد إسرائيل من الاتحاد الدولي للعبة، أو فرض عقوبات عليها.
وكان الرجوب قد تراجع حينها عن تقديم مقترح بطرد إسرائيل من الاتحاد الدولي لكرة القدم، بعدما كشف عن "ضغوطات مارستها عليه عشرات الوفود" مقابل تشكيل لجنة رقابية تضمن حرية حركة اللاعبين الفلسطينيين ومعداتهم الرياضية، ومراقبة التمييز العنصري ضد لاعبي كرة القدم الفلسطينيين، ومناقشة وضعيّة خمسة أندية تابعة لمستوطنات إسرائيلية تمارس نشاطها الرياضي على الأراضي الفلسطينية".
ويشعر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بقوّة موقفه الحالي في وضع بندٍ يخصّ فلسطين على جدول كونغرس "فيفا" القادم، بعدما تسببت حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال على غزة باستشهاد ما لا يقلّ عن 150 لاعب كرة قدم فلسطينياً، وتدمير أكثر من 50 ملعباً ومنشأة رياضيّة، إلى جانب "تواطؤ الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم مع انتهاكات الحكومة الإسرائيلية ضد كرة القدم الفلسطينية، ودعمه المعنوي إجراءات حكومة الاحتلال، وتمثيله مصالح الحكومة الإسرائيلية من خلال مطالبته الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بالعمل من خلال القنوات الرسمية لدولة إسرائيل، ما يشكل خرقاً صريحاً لأنظمة وقوانين الفيفا، التي تلزم الاتحادات الأعضاء بإدارة شؤونها بشكل مستقل ومن دون تأثير طرف ثالث"، وذلك حسب ما ذكر اتحاد اللعبة الفلسطيني في بيانه الصادر خلال شهر مارس/ آذار الماضي.
وأعاد الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، في البيان نفسه، التذكير بقضية أندية المستوطنات الخمسة التي تمارس نشاطها الرياضي على الأراضي الفلسطينية، بالرغم من توصيات لجنة الرقابة التي عيّنها "فيفا" بعد كونغرس زيورخ عام 2015، باعتبار استمرار نشاط أندية المستوطنات خرقاً لقوانين "فيفا" والأمم المتحدة، حسب ما ذكر الرجوب.
الموقف الحالي
في ردّه على تصريحات الوزير الإسرائيلي، أكد اتحاد اللعبة الفلسطيني في بيانه أن "إسرائيل دولة مارقة لا تحترم القوانين الدولية التي تحكم وتنظم علاقات الاتحادات الرياضية التي تنضوي تحت لواء فيفا"، وأضاف أنه سيحتفظ بحقه في متابعة "تهديد الوزير الإسرائيلي" في كافة المحافل القارية والدولية وفقاً لكافة اللوائح والقوانين المنصوص عليها. وقد أضاف كاتس في منشوره على "إكس": "سنعمل على إحباط خطة جبريل الرجوب، وإذا لم يتوقف فسنسجنه ونتركه ليلعب وحده بين الجدران"، وذلك بعد أشهر من تصريحه السابق الذي ذكره عندما كان وزيراً للنقل والمواصلات، وهاجم فيه الرجوب بصفته قياديا في السلطة الوطنيّة الفلسطينية.
وهذه ليست المرّة الأولى - خلال حرب الإبادة الحالية - التي يهاجم فيها وزيرٌ إسرائيلي أحد أطراف لعبة كرة القدم في فلسطين، إذ سبق لوزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي ميكي زوهر أن طالب بسحب "الهويّة الإسرائيلية" من نجم منتخب فلسطين لكرة القدم عطاء جابر (29 عاماً) المولود في قرية مجد الكروم في الداخل المحتل، بعد مشاركته في مباراة المنتخب الفلسطيني أمام نظيره اللبناني ضمن لقاءات المجموعة التاسعة من التصفيات الآسيوية المزدوجة لكأس العالم 2026 وكأس آسيا 2027. ووجّه زوهر طلباً لوزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل لسحب "الهوية" من لاعب المنتخب الفلسطيني معللّاً ذلك: "لا يعقل، في ذروة الحرب في غزة، أن يشارك مواطن إسرائيلي ويتعاطف مع العدو الذي قتل أكثر من 1300 إسرائيلي يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023".
ولم يعلّق جابر على هجوم الوزير الإسرائيلي، أو على حملة التحريض التي مارسها عليه إسرائيليون عبر منصّات التواصل الاجتماعي، مكتفياً بتمثيله منتخب فلسطين في بطولة كأس آسيا التي احتضنتها قطر بعد ذلك، واستمراره في اللعب مع منتخب فلسطين لكرة القدم حتى يومنا الحالي.
محاولات مستمرّة
سجّل تاريخ الكرة في فلسطين محاولات كثيرة قام بها الاحتلال الإسرائيلي لإيقاف عجلة الكرة الفلسطينيّة، إذ تعرّضت مقار الاتحادات الرسميّة، ومقار الأندية الفلسطينية للاقتحام، أو التدمير في مناسبات عدّة، ولا سيّما بعد النجاح الكبير الذي أحرزه الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم في عهد رئيسه الحالي جبريل الرجوب؛ منذ عام 2008، وتمثّل في وصوله المتكرّر للبطولات القاريّة المصنّفة، ومنها مشاركته الثالثة توالياً في بطولة كأس آسيا، إلى جانب ارتقائه حوالى 80 مرتبة في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم للمنتخبات الوطنيّة، محتلاً الترتيب الثالث والتسعين مؤخراً.