أرقام مونديال قطر

24 سبتمبر 2022
ينطلق مونديال قطر 2022 في 20 نوفمبر/تشرين الثاني (Getty)
+ الخط -

بعيداً عن الإحصاءات والأرقام التاريخية والفنية لكأس العالم ومونديال قطر، والمتوافرة في المواقع والصحف والمجلات المختصة التي ستعود للتذكير بها ونشرها لاحقاً، بدأت وسائل الإعلام المختصة في الاقتصاد والتجارة والسياحة تتداول أرقام الاستثمارات القطرية بمناسبة بطولة كأس العالم، وأعداد الجماهير المرتقب دخولها إلى الأراضي القطرية وحجم الإنفاق السياحي المرتقب، وبالتالي العائدات المرتقبة للبلد المنظم. لكنها لم تولِ ذات الاهتمام للمكاسب السياسية والاجتماعية والمعنوية على المجتمع القطري جراء احتضان أحد أكبر وأهم الأحداث الرياضية، التي لا يمكن تقديرها ولا وصفها وحصرها، إذ يكفي أنه كان سبباً مباشراً في استكمال بناء بلد في ظرف عشر سنوات، كان يوصف بالصغير نسبة إلى حجمه وعدد سكانه، تحول إلى قبلة جديدة لرأس المال البشري والمادي، يستقطب استثمارات كبيرة في كل المجالات.

الأرقام الأولوية تتحدث عن حجم إنفاق قطري بلغ 200 مليار دولار على مدى 10 سنوات، بمعدل 10 مليارات دولار عن كل سنة، من بينها 10 مليارات دولار خصصت لبناء المرافق الرياضية التي جعلت من قطر عاصمة الرياضة العالمية طوال العشرية الماضية، والباقي كله خصص لتطوير البنية التحتية وتشييد المرافق الموازية من موانئ ومطارات وطرقات، ومترو أنفاق وفنادق ومنتجعات سياحية ضخمة.

ولم يكن بالإمكان تشييدها بذات الشكل والوتيرة لو لم تظفر قطر بتنظيم كأس العالم، الذي دفع المستثمرين القطريين والأجانب على حد سواء إلى الاستثمار في تأسيس شركات متنوعة في كل المجالات الصناعية والتجارية والسياحية، أسهمت في استكمال مشاريع المونديال ببناء 7 ملاعب جديدة من أصل ثمانية، وهي المقررة للعرس الكروي.   

الإنفاق سيتحول إلى مكاسب سياسية واقتصادية كبيرة على المدى القصير والمتوسط والبعيد، ليس فقط في المجال الرياضي، بل في كل مجالات الحياة، ويسمح باستقطاب رؤوس الأموال وجلب الاستثمارات الخارجية وتنويعها في بلد كان يعتمد فقط على إيرادات المحروقات واستيراد كل حاجياته الضرورية.

كذلك سيسمح التنظيم الاستثنائي للمونديال بتعزيز ثقة العالم في قطر، ويزيد من حظوظها في الظفر بتنظيم أولمبياد 2030 دون الحاجة إلى تشييد مرافق رياضية وبنية تحتية جديدة، ويسمح لها بأن تتحول إلى قبلة للسياح العرب والأجانب، وإلى مركز عالمي لاحتضان الأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية الكبرى التي تساهم في تحرير الأجيال الصاعدة من كل العقد النفسية والفكرية.  

على المدى القريب، الحضور الجماهيري لمباريات المونديال سيفوق مليوناً ونصف مليون زائر خلال الفترة الممتدة من الفاتح من نوفمبر إلى الحادي والثلاثين من ديسمبر، حسب التوقعات، ينفقون ما يقارب 7 مليارات دولار مباشرةً في المجال السياحي، من خلال الزيارات المتكررة للبلد، ثم في الاستثمارات بعد نهاية المونديال، عندما يكتشف الناس المناخ الملائم والامتيازات الكبيرة التي توفرها قطر، على الأقل لبلدان الخليج التي بدأ مواطنوها يستثمرون في العقارات والمشاريع السياحية التي ينتظر أن تستقطب حوالى خمسة ملايين سائح بحلول عام 2030، ما يدحض كل التقارير التي كانت تتحدث عن عدم جدوى احتضان قطر للمونديال، لأنه مكلف ودون جدوى، وغير مفيد في نظرهم، لأنه يكبد البلد خسائر كبيرة.  

العائدات المالية المباشرة بسبب تنظيم البطولة تُقدَّر بحوالى 5 مليارات دولار سيجنيها قطاع الضيافة والطيران القطري في أثناء المونديال وبعده، وبرقم مماثل جراء عائدات السياحة المرتقبة بعد المونديال، دون إغفال النمو الاقتصادي المتوقع أن يتجاوز 5% على المديين القريب والمتوسط. أما الذي تحقق في قطر من إنجازات في كل مجالات الحياة، فيغنيها عن وضع حجرة أخرى لأكثر من 20 سنة مقبلة، بعدما استكملت بناء منشآت البلد ووفرت أسباب التنمية المستدامة، ومهدت لتحقيق مداخيل تكفيها لعشرات السنين في زمن يتميز بأزمات سياسية واقتصادية ومالية خانقة، وارتفاع في معدلات التضخم، ما ينذر بأزمات أخرى مختلفة. 

المساهمون