وُلدوا في أوكرانيا، ولعبوا كرة القدم هناك. مع السنوات اختاروا طريقاً لا يسلكه الكثير من اللاعبين الأوكرانيين، هو اللعب في "أرض العدو"، أي تمثيل فريق روسي. القرار كان مشكلة، وأمسى اليوم أشبه بـ"الخيانة" بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
أوكرانيون بقمصان روسية
بات الغزو الروسي لأوكرانيا مصدر خطر، ليس على السياسة والاقتصاد فقط، بل على الرياضة أيضاً، وبشكل خاص على اندماج اللاعبين في المجتمعين الروسي والأوكراني.
وفي هذا الإطار، يبرزُ إلى الواجهة وجود عدد من اللاعبين الأوكرانيين في الدوري الروسي لكرة القدم، الذين قد يتأثرون خلال الحرب الجارية حالياً.
فخلال السنوات الماضية شهد الدوري الروسي وجود نحو 100 لاعب أوكراني مثلوا أندية مختلفة، وفقاً لموقع "ترانسفر ماركت" المُختص. 100 لاعب ارتدوا قمصان أندية روسية، رغم الأزمات الكبيرة بين البلدين، وبشكل خاص المندلعة في السنوات العشر الأخيرة.
ومع اندلاع الحرب رسمياً، والغزو الروسي لأوكرانيا، كيف ستكون ردة فعل اللاعبين الأوكرانيين؟ وهل يتركون أنديتهم الروسية من أجل الوطن؟
يوجد اليوم ما بين 10 و8 لاعبين أوكرانيين يمارسون في الدوري الروسي، يعيشون مع عائلاتهم في روسيا، وفي ظل الحرب الحالية يُنظر إليهم على أنهم يعيشون في "أرض العدو".
ومن بين اللاعبين الأوكرانيين الذين يلعبون حالياً في الدوري الروسي ديميترو أوليكساندروفيتش إيفانيسينيا، ياروسلاف راكيتسكي، أرتيم بولياروس، دينيس كولاكوف، ياروسلاف راكيتسكي وياروسلاف هودزيور، وجميعهم لم يخرجوا بأي تصريح رسمي حتى الآن، لا انتقاداً لروسيا، ولا تضامناً مع أوكرانيا، وما زال مستقبلهم مجهولاً، ومن الممكن أن يتضح أكثر في الأيام المقبلة، خصوصاً إذا استمر الغزو الروسي لفترة طويلة.
رفض والانتقال خيانة
وُجه في عام 2019 سؤال إلى النجم الأوكراني رومان ياريمشوك بشأن إمكانية موافقته على عرض بنحو 5 ملايين يورو سنوياً، لكي يلعب مع فريق زينيت الروسي. ياريمشوك لم يتردد في جوابه: "طبعاً لا. في الوضع الحالي لن أذهب، وأنا واثق 100%. لدي كل شيء أريده في الحياة، وهذا يكفيني".
وقد أثار هذا التصريح في ذلك الوقت الكثير من الجدل. فالصحف الأوكرانية احتفت بتصريح اللاعب واعتبرته وفاءً للبلد والهوية، بينما نددت به بعض الصحف الروسية واعتبرته رسالة سياسية واضحة من رياضي. لكن تصريحات ياريمشوك ليست مفاجئة، لأن الأزمة بين أوكرانيا وروسيا مُستمرة منذ سنوات، وتأججت في عام 2014، وأمست أكثر عدوانية مع بدء الغزو الروسي فجر الخميس 24 فبراير/ شباط 2022.
ولطالما كانت مسألة تمثيل لاعبين أوكرانيين لأندية روسية بمثابة قضية شائكة، حتى إن بعضهم يطرح السؤال الآتي: "هل الأمر يجب أن يبقى مجرد حرب سياسية وعسكرية، أم أنه يجب أن يصل إلى حدود تجميد العلاقات الثقافية والمجتمعية، وحتى الرياضية؟".
وربما كان أبرز مثال على أن انتقال لاعب أوكراني لتمثيل فريق روسي هو بمثابة خيانة بنظر جزء من المجتمع الأوكراني، قصة اللاعب ياروسلاف راكيتسكي، الذي مع بدء التوترات في عام 2014، على خلفية صراع النفوذ في إقليم "دونباس"، بات هدفاً سهلاً لجميع الأوكرانيين، باعتباره "خائناً" كبيراً.
فراكيتسكي انتقل في عام 2019 من فريق شاختار دونتسك إلى فريق زينيت بطرسبرغ الروسي، وهو الانتقال التي سبّب له انتقادات كبيرة، واتُّهِم بقلة الوطنية. وحتى قبل انتقاله إلى الفريق الروسي، كان لاعب شاختار السابق قد اشتهر بسبب رفضه أداء النشيد الوطني الأوكراني في أثناء تمثيل بلاده. كذلك أثار الجدل أكثر من مرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ورغم أن راكيتسكي مثّل منتخب أوكرانيا في أكثر 50 مباراة، إلا أنه لم يُمثل المنتخب بعد انتقاله إلى فريق زينيت الروسي. وأشارت بعض الصحف الرياضية الأوكرانية إلى أن عدم استدعاء اللاعب سببه تصرفاته الطائشة واختياره اللعب في الدوري الروسي أيضاً، وهذه أمور لم تُساعد مدربي المنتخب الأوكراني على اختياره.
وفي كثير من الأحيان، يُجبر اللاعبون الأوكرانيون على الانتقال إلى الدوري الروسي، لأنه أكثر قوة من نظيره الأوكراني، وفيها يحصل اللاعبون على رواتب أعلى، وهناك الكثير من الأمثلة، ومنها نجم فريق مانشستر سيتي الإنكليزي، الأوكراني أولكسندر زينشيكو، الذي لعب مع فريق أوفا في الدوري الروسي خلال موسم 2015-2016، قبل انتقاله إلى "سيتي".
في المقابل، فإن أكثر لاعب مثل منتخب أوكرانيا، أناتولي تيموشوك، يعمل حالياً مساعد مدرب لفريق زينيت، لكن هذا القرار رفضه مدربون أوكرانيون آخرون، مثل رومان هريهورشوك، الذي قال في عام 2020: "رفضت 5 عروض لتدريب أندية في روسيا بعد أزمة عامة 2014 التي وقعت بين أوكرانيا وروسيا. كنت أهتم كثيراً بالعمل في الدوري الروسي بسبب قوته، لكن الأمر الآن مستحيل".