رسائل "آديل" التربوية

28 يونيو 2017
رسائل تربوية موجهة عبر التلفاز(Getty)
+ الخط -
وجدت أبنائى ملتفين حول التلفاز يشاهدون بتركيز مشهد تسلم المُغنية الإنكليزية الشهيرة آديل Adele جائزة أفضل ألبوم غنائي لعام 2017، لأول وهلة تخيلته مشهداً معتاداً يعج بنجوم هوليوود والأضواء والتصفيق الحاد ولكن لفت نظري فى حديث تلك المغنية اختناقها بالدموع وهي تُهدي الجائزة لزميلتها المغنية الشهيرة بيونسيه-Beyonce قائلة إن الأخيرة أفضل منها بكثير وكان لا بد من تسلُمها الجائزة بدلا منها ووصفتها بأنها مصدر الإلهام والقوة لها ولأصدقائها.

ثم أكدت آديل على أنها كانت فى حاجة مُلحة لتلك الجائزة لتشد من أزرها حيث عادت مجددا إلى عالم الغناء بعد توقف دام خمس سنوات أمضتها فى رعاية مولودها الجديد حيث كانت تناضل مع مهمتها الجديدة كـ أم، والتي أطلقت عليها إسم a blessing أو النعمة. وقامت بإهداء الجائزة لابنها وزوجها اللذين كانا يقفان وسط الحضور وطلبت من جمهورها الدعاء لها بالعون في مهمة الأمومة الشاقة خاصة لمن تحاول أن توازن بين الأمومة وموهبة الغناء والمعجبين والألبومات التي في الانتظار. 

بالرغم من أنني لا أهوى سماع الموسيقى الغربية وأطرب لسماع موسيقى زمن الفن الجميل لكن استوقفني المشهد، فقد كنت أتوقع تسلم مطربة شهيرة الجائزة وسط تصفيق الجمهور، ولكن التفاف أبنائي حول ذلك المشهد وامتزاجه بحديث صادق ودموع وعدم اقتصارة فقط على الأضواء جعله مشهداً ثرياً بالرسائل التربوية وكان كفيلاً بأن أجمع أبنائي حولي وأحاول غرس الرسائل التالية فيهم:

- جميل أن نغرس بأبنائنا حب التميز والمنافسة ولكن هذه مشاعر إيجابية دافعة للأمام بعيدة كل البعد عن مشاعر البغض والشحناء التي تتربى بين المتنافسين على نفس المنصب أو المرشحين لنفس الجائزة، فبالإضافة إلى عذوبة صوت تلك المغنية الشهيرة وانتقاء معاني أغانيها بعناية فإن السلام الداخلي الذي تتمتع به هو ما أكسبها حباً وتقديراً مضاعفين من الجماهير وترك بصمة لدى محبيها من كافة أنحاء العالم.

- يجب أن نعلم أبناءنا قيمة وقداسة دور الأم والاعتزاز بما تؤديه من أدوار لا يمكن استبدالها بمربية أو بدور الحضانة، فقد أصبحنا في مجتمعات تنادي بالمساوة وتنظر نظرة دونية إلى المرأة التي تتفرغ لتربية أبنائها وتمكث في بيتها بعيدا عن سوق العمل.

- ليس معنى أن تقدس دورك كأم أو كمربٍّ أن تنسى ما قد حباك الله من موهبة وتقوم بدفنها ولكن من المهم تعلم فن إدارة الوقت وطلب العون من شريك الحياة أو حتى الأبناء وأن نربي أبناءنا على المشاركة وتحمل المسؤولية فى غياب الآباء.

- فقه الأولويات وإعطاء كل ذي حق حقه والإحسان للأعمال من أجمل الرسائل التي يمكن تعلمها من خلال قصة نجاح المغنية آديل فكان من الممكن أن تكمل مشوارها الفني وتوكل تربية ورعاية وليدها إلى المربية وتقصر في دورها الأساسي.
ربما تختلف أذواقنا كآباء عن أذواق ابنائنا حول نوعيات الموسيقى أو الغناء ولكن من المهم أن نتحد حول معان سامية مثل الجد والاجتهاد والتعاون والإيمان بالرزق وإعطاء كل ذي حق حقه.

- إن تميز الأمهات في مجال ما، بعد أن كرسن أنفسهن لتربية أبنائهن وتلبية احتياجاتهم في السنوات الأولى يحفز الأبناء على الجد والاجتهاد والموازنة بين أمورهم وتحديد الأولويات، ويشعرهم بأهمية أدوار كل منا في المجتمع بعد أن تفرغنا لخدمة مجتمعاتنا الصغيرة وهي الأسرة.
المساهمون