حظر مكبرات الصوت في غزة

30 يوليو 2019
المناداة أساسية في عمله (محمد الحجار)
+ الخط -

ترتفع أصوات الباعة المتجولين في سماء مختلف شوارع قطاع غزة، حتى إنّ كثيرين من بينهم باتوا يستخدمون مكبرات الصوت التي بدأت بعض البلديات في حظرها

استقبل أهالي ولاجئو قطاع غزة الفلسطيني المحاصر قرار بلديات القطاع منع الباعة من استخدام مكبرات الصوت، بين مرحب ورافض. وذكرت البلديات في تبرير هذا القرار أنّها تتلقى دورياً شكاوى المواطنين المنزعجين من أصوات المكبرات، وردّ الباعة المتجولون أنّ المنع يحدّ من قدرتهم على بيع سلعهم والحصول على رزق وسط ظروفهم المعيشية الصعبة.

كانت بلدية مدينة خان يونس الأولى التي تصدت للمسألة، وأصدرت قراراً بحظر استخدام المكبرات من قبل أصحاب المحلات والباعة المتجولين في شوارعها مع بداية يوليو/ تموز الجاري. جاء هذا القرار بحسب رئيس البلدية، علاء الدين البطة، بعد تلقيهم مئات الشكاوى من السكان "من بينهم مسنون ومرضى تأثروا بالصوت، وبات مصدر إزعاج مستمر لهم". يتابع: "حصلنا على موافقة على الحظر من وزارة الحكم المحلي، وبدأت البلدية بالتعاون مع شرطة البلديات بالحملة إلى جانب التوعية على مدار عشرة أيام، ومن بعدها تحميل الباعة الذين لا يمتثلون للحظر المسؤولية".



يضيف البطة لـ"العربي الجديد": "الشكاوى تصل إلى البلدية منذ أكثر من عام، لكنّ الوضع لم يكن متعاظماً إلى هذا الحدّ. وقد بدأت البلدية بتحذير الباعة المتجولين وأصحاب المحلات، بتسوية أوضاعهم والالتزام بالقرار، والعمل على إراحة المواطن والحدّ من الأساليب التي تسبب الإزعاج في مدينة خان يونس، ورحب كثيرون بالقرار".




بالتوازي، اتجهت بلديات مدن غزة ودير البلح وجباليا للحدّ من استخدام مكبرات الصوت، من خلال توعية الباعة المتجولين، ووضع لوائح تنظيمية بعدم استخدام مكبرات الصوت، والاكتفاء بالنداء من دون مكبرات.

يؤيد أحمد الحلو (28 عاماً) توجه البلديات للقضاء على هذه الحالة، إذ يشير إلى أنّ بعض الباعة يستخدمون مكبرات الصوت لبثّ أغاني الأطفال وبعض الأغاني الشعبية لجذب الناس وسط انزعاج كبير من قبل كثير من السكان، فالبائع يهدف إلى اختراق سمع الناس حتى وهم داخل بيوتهم من دون مراعاة لحقوقهم الشخصية ومشاعرهم وظروفهم الخاصة. تقدم الحلو بشكوى إلى بلدية غزة في بداية يوليو/ تموز الجاري، عن انتشار باعة المثلجات الذين يستخدمون مكبرات الصوت لبثّ "أغانٍ غير أخلاقية وهي أغانٍ شعبية مصرية". يتابع لـ"العربي الجديد": "يتوجه السكان إلى الأسواق لشراء البضائع بأقل الأسعار، وهناك أصوات ضجيج ويتحملون ذلك كونهم في السوق، لكنّنا نريد الراحة في منازلنا".



يؤكد أحمد صيام (34 عاماً) انزعاجه الكبير من تلك المكبرات، خصوصاً أنّها توقظ أطفاله وهم خائفون، وقد دار خلاف بينه وبين عدة باعة في الحي، لكنّهم برروا ذلك بطلب الرزق في ظلّ ظروفهم المعيشية القاسية، كما يقول.

من جهته، يعارض أحمد شهاب (40 عاماً) منع المكبرات لأنّها تحدّ من رزق الباعة المتجولين ممن يتجولون في حرارة الشمس منذ الصباح، ويقول لـ"العربي الجديد": "نعيش في مجتمع منهار، وليست هناك مصادر رزق. الأفضل حثهم على تخفيض الصوت بما يتناسب مع حجم السمع المعقول، فهم يعيشون صراعاً كي يتمكنوا من بيع بضائعهم طوال اليوم بما يوفر قوت يومهم".



يعبر البائع محمد نصر (41 عاماً) من مخيم جباليا عن انزعاجه الشديد من قرار المنع، ويشير إلى أنّ البلديات في قطاع غزة لا تؤدي دورها باتجاه المواطن في خدمات المياه والمرافق العامة، وتتذرع بضعف الإمكانيات المتاحة، بينما تهاجم مصادر دخلهم التي لا تتجاوز يومياً 30 شيكلاً (8.5 دولارات أميركية) لكلّ بائع. يقول نصر لـ"العربي الجديد": "أقطع مسافة 5 كيلومترات يومياً على حماري لنقل الخضراوات إلى حي النصر، فأدفع كلفة علف الحمار، بينما تؤذيني الشمس، ولا أجني غير القليل لإعالة ستة أبناء. على البلديات إذا قالت إنّها تخاف على صحة المواطن أن توفر له شوارع نظيفة وخدمات جيدة. أنا لا أستخدم مكبر الصوت بشكل صاخب، ولديّ زبائن في الحي لا ينزعجون مني".



بدوره، يشير بائع مواد التنظيف محمود الدسوقي (39 عاماً) إلى أنّ الرزق قليل من الأساس، ولا يحقق الباعة المتجولون ربحاً كالذي تظنه بلديات غزة، وفي بعض الأيام لا يستطيع تأمين طعام منزله اليومي. يضيف لـ"العربي الجديد": "كيف سيخرج الناس في البيوت المغلقة التي لا تصلها النداءات، للشراء منا من دون مكبرات صوت؟ في كلّ الدول العربية هناك من ينادي وهناك من ينزل للشراء، ومجتمعنا أفقر المجتمعات العربية على الإطلاق، فدعونا نسعى إلى الرزق من دون التدخل في حياتنا. وفروا لي عملاً بـ200 دولار فقط شهرياً، وسأترك الشارع كلّه لبلديات غزة".
دلالات