يتزايد العنف الرقمي في تونس ضدّ النساء والفتيات على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك، يوماً بعد يوم، وأصبح الأمر أكثر حدّة خلال فترة الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا، حسب ما أظهرت العديد من الدراسات والبحوث على مستوى دولي وإقليمي.
وقد كشفت دراسة استطلاعية أعدّها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام، حول المرأة بتونس سنة 2020 عن العنف الرقمي على فيسبوك، أنّ 51 بالمائة من النساء التي شملهنّ الاستطلاع تعرّضن للعنف اللفظي و24 بالمائة للعنف الجنسي.
كما توضح النتائج أنّ 71 بالمائة من مرتكبي العنف هم من الرجال وأنّ 60 بالمائة من النساء اللواتي يستخدمن فيسبوك لا يشعرن بالأمان في الفضاء الرقمي.
تقول المديرة العامة لمركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة، نجلاء العلاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "89 بالمائة من النساء المستطلعات تعرّضن للعنف بجميع أنواعه في الفضاء الرقمي على فيسبوك، أي أربع نساء من كل خمس، والأخطر من ذلك أنّ 95 بالمائة منهن لا يلجأن للقضاء بسبب إمّا عدم معرفتهن بأنواع هذا العنف وأنّ هناك قانوناً يحميهن، أو بسبب خوفهن من الوصم الاجتماعي بما في ذلك الخوف من العائلة والأسرة، باعتبار أنّه تقرصنت الحسابات الفيسبوكية لعدد منهن ويتم تهديدهنّ بنشر صورهن".
تُعرّف المختصة في اللسانيات الاجتماعية والبحوث الحضارية، ألفة يوسف، في تصريح لـ"العربي الجديد" العنف الرقمي، بأنه" كل اعتداء وتهديد باعتداء لفظي أو مادي أو جنسي أو اقتصادي أو نفسي يمارس ضدّ المرأة اعتماداً على أي نوع من أنواع الوسائل الرقمية".
وتضيف يوسف، على هامش ندوة إقليمية عن العنف الرقمي ضد النساء والفتيات، نظّمها اليوم الأربعاء مركز البحوث والدراسات والتوثيق والاعلام حول المرأة بالشراكة مع برنامج سلامات، أنه "خلال إعداد الدراسة الاستطلاعية تبيّن لنا أنه لا يجب الاستهانة أبداً بالعنف الرقمي باعتبار أنّ خطورته قد تفوق ضروب العنف الأخرى لتميّزه بعدة خصوصيات، منها الانتشار السريع وتخفّي المعتدي، والابتزاز بنشر الصور الخاصة والمعطيات الشخصية وما يخلّفه كل ذلك من آثار نفسية لها وقعها على الضحايا من النساء".
من جهتها توضح الخبيرة في علم النفس الكلينيكي، سندس قربوج، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "آثار العنف الرقمي على الضحايا خطيرة جداً، تتجلى في عدّة مستويات وهي الصحة الجسدية كالصداع الشديد، والاضطرابات في السلوك الغذائي، إلى جانب الآثار النفسية وأهمّها الاكتئاب والقلق النفسي واضطراب ما بعد الصدمة".
وتُضيف: "من أخطر هذه الآثار أيضاً ما يظهر على مستوى علاقة الضحية بالمعتدي، من ذلك سيطرة هذا الأخير على المرأة لشعورها باستمرار بأنها تحت الرقابة بواسطة الوسائل الرقمية إلى جانب وقوعها في الإحساس الدائم بالوصم والذنب والشعور بالخذلان والعجز".