نفايات الاحتلال قنبلة سامّة موقوتة

31 أكتوبر 2014
في المكبّات أعتدة عسكرية وصناديق ذخيرة (نور حميدان)
+ الخط -

تتسلل شاحنات إسرائيلية تحت جنح الظلام، إلى عدد من قرى الضفة الغربية، خاصة في رام الله ونابلس. يجري كلّ شيء بصمت، ولا يوقف الشاحنات حاجز إسرائيلي واحد؛ فحمولتها نفايات سامة، هدفها إغراق الضفة الغربية بالمخلفات الضارة، التي تجعل من الأراضي الفلسطينية "قنبلة نووية موقوتة" قابلة للانفجار في أيّ لحظة.

الغموض يسيطر على كل شيء، حتى طبيعة المواد التي تدفنها إسرائيل في الضفة الغربية. وما يملكه الفلسطينيون من معلومات هو أنّ نفايات سامة تدفن في أرضهم، والجزء الأكبر منها من مخلفات مصانع مستوطنات الضفة. ولا يستبعد الفلسطينيون أن تكون المخلفات على علاقة بالمنشآت النووية الإسرائيلية، خاصة بالقرب من مدينة الخليل. فالمدينة تشهد نسبة إصابة مرتفعة بالتشوهات الخلقية، وارتفاع نسب العقم. ويرجع الأطباء ما نسبته 62 % من العقم في منطقة الخليل إلى تلك النفايات، بالإضافة إلى الإشعاعات المنبعثة من مفاعل ديمونا النووي القريب.

كما سجلت دائرة الإحصاء الفلسطينية أعلى نسبة إصابة بمرض السرطان في العالم، في الضفة الغربية. وتشير الإحصائيات إلى وجود 50 مكب نفايات خطرة في الضفة الغربية، تحتوي ما يقرب من 200 مادة سامة.

بالقرب من مدينة نابلس، تحوّل سهل بلدتي دير شرف وقوصين إلى أكبر تجمع للنفايات الإسرائيلية القادمة من المستوطنات. هناك تتكدس أكوام النفايات على مقربة من منازل المواطنين، وتلوث أشجارهم.

ويؤكد الناشط في المقاومة الشعبية ومسؤول الإغاثة الزراعية في نابلس خالد منصور لـ"العربي الجديد" أنّ مكب النفايات في سهل دير شرف وقوصين بمثابة قنبلة موقوتة لا يسمح للفلسطينيين بالاقتراب منه.

ويكشف منصور أنّ مكب النفايات كان في البداية مقلعاً للحجارة، وبعدها تم تحويله إلى مكبّ للمستوطنين وجيش الاحتلال. ويضيف: "شخصياً، وجدت في المكبّ عتاداً عسكرياً وصناديق ذخيرة، لكن بعد دقائق من وصولي جاءت قوات الاحتلال وطردتني مع آخرين".

كما يتحدث منصور عن مكب آخر في قرية جيوس، قرب مدينة طولكرم، تغلقه سلطات الاحتلال بشكل كامل اليوم. ورغم عدم رمي نفايات اليوم فيه، فإنّ الاحتلال يحظر على الفلسطينيين الحفر هناك، مما يعزز فرضية دفن النفايات السامة والمواد الكيميائية فيه.
ورغم التظاهرات المتكررة التي ينظمها المواطنون للضغط على الاحتلال لإزالة المكبات، فإنّ إسرائيل لا تعير اهتماماً لكلّ تلك التظاهرات. وعادة ما تقمعها بشكل عنيف.

عمال فلسطينيون
من جهتهم، يؤكد عدد من سكان دير شرف لـ"العربي الجديد" أنّ مكبّ النفايات المقام على أراضي البلدة يقع على مساحة 20 ألف متر مربع. بينما يبلغ عمق المكان أكثر من 100 متر. وما يزيد من خطورة الأمر أنّ المكب مقام بالقرب من آبار المياه التابعة للبلدة.

ويؤكد رئيس المجلس القروي في دير شرف زياد الزعنون، أنّ البلدة تتعرض لكارثة بيئية، بسبب النفايات الإسرائيلية. ويوضح أنّ نفايات المستوطنات والمصانع تلقى دون أيّ مبالاة، في أحضان الفلسطينيين. ويشير بالذات إلى الخطر الذي تسببه النفايات على المياه الجوفية، بالإضافة إلى جهل المواطنين بحقيقتها.

قبل نحو عامين تمكن الأمن الفلسطيني من اعتقال عمال فلسطينيين يعملون في المصانع الإسرائيلية. كان هؤلاء يقودون شاحنات تحمل نفايات لإلقائها في مدن الضفة الغربية، وبالتحديد بالقرب من مدينة رام الله. وتبين بعد التحقيق مع أحد العمال أنه يقوم بإلقاء نفايات طبية غير واضحة المعالم والأضرار. واعترف بوجود العديد من العمال الذين يقومون بخطوات مماثلة.

وكانت المحكمة الإسرائيلية العليا أصدرت سابقا قرارا بعدم دفن النفايات السامة بالقرب من التجمعات الإسرائيلية، مما أدى إلى تحويلها إلى داخل الضفة الغربية، بطرق مباشرة وغير مباشرة.

ويفضل الكثير من أصحاب المصانع الإسرائيلية إلقاء النفايات في أراضي الضفة الغربية على عاتقهم الشخصي، للتهرب من التكاليف المالية لدفن تلك النفايات في مكبات خاصة داخل إسرائيل. فإسرائيل تفرض عليهم فحص النفايات قبل دفنها، ودفع رسوم مالية. وبذلك يجدون في أراضي الضفة، مكانا مناسبا، لتجاوز كل العقبات التي تعترضهم. إلاّ أنّ كل ذلك يتم برضا السلطات الإسرائيلية المختصة، التي تسهل مهمتهم، بحسب شهود عيان. فالجنود الإسرائيليون لا يوقفون الشاحنات على الحواجز وهي في طريقها إلى أراضي الضفة الغربية، رغم احتمال نقلها نفايات سامة.
دلالات