سياسيون تونسيون: حالنا أفضل من غيرنا

16 ديسمبر 2014
ما زالت الثورة التونسية على الطريق (فرانس برس)
+ الخط -
لم تختلف كثيراً تقييمات السياسيين التونسيين حول فترة الانتقال الديمقراطي التي امتدت لأربع سنوات، بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي، وانتخاب مجلس وطني تأسيسي، تمكن بعد مخاض عسير من صياغة دستور ثانٍ لجمهورية ثانية ستكتمل أسسها، بعد أيام قليلة، بإنهاء الدور الثاني للانتخابات الرئاسية.
عدد من السياسيين الذين تحدث إليهم "العربي الجديد" اعتبر الصراع والتجاذب السياسي الحاصل مسألة طبيعية، ومنهم من يرى أن الثورة لم تكتمل، باعتبارها لم تحقق أهم أهدافها وهي التشغيل والكرامة، ومنهم من يرى أن حصيلة الانتقال حتى الآن إيجابية، ومنهم من أكد أن تونس لم تتجاوز بعد مرحلة الخطر.
وأكد القيادي في حزب "نداء تونس"، محسن مرزوق لـ"العربي الجديد" أن: فترة الانتقال الديمقراطي كان فيها الغثّ والسمين، وآمال كبيرة للتونسيين وبطولات وتعبئة اجتماعية تاريخية ومتميزة من أجل مستقبل أفضل وأنتجت انتخابات شفافة ونزيهة. ولكن كان فيها، أيضاً، اخفاقات"، حسب قوله.
ويرى مرزوق أن "أول الإخفاقات أن المجلس الوطني التأسيسي لم يحترم التفويض الشعبي وقام بتحويل وجهة مسار سياسي بأكمله من مسار تأسيسي إلى مسار حكم قام على المحاصصة، وأدخل تونس في أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية كبرى، وتطور الأمر إلى بروز روابط عنف وقع تشجيعها، إلى جانب محاولات أسلمة مجتمع مسلم، وهو ما أدى إلى عنف واغتيال قيادات سياسية بارزة".
ونتيجة لضعف الدولة تجاه التهديدات ذات الطابع الإرهابي، قال مرزوق إن "الوضع تأزم أكثر فأكثر، وهو ما قدم صورة سلبية لتونس وقفت حاجزاً أمام الاستثمار الخارجي. لكننا الآن ندخل في عهد مختلف بعد الانتخابات رغم أننا لم نتجاوز مرحلة الخطر، ولكن بدأنا في الطريق السليم، لأننا أشرفنا على نهاية المرحلة الانتقالية وبدأنا في بناء المؤسسات الديمقراطية والجمهورية الثانية، وهو ما سيمكن من إرساء السلطة التنفيذية والتشريعية والرئاسية للاستعداد بتناغم لتحقيق مطالب الشعب".
في المقابل قال القيادي في حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، سليم بن حميدان لـ"العربي الجديد" إن "المسار الثوري في تونس في صراع طبيعي بين القوى الثورية الصاعدة والتواقة للحرية والكرامة من جهة، ومنظومة الردًّة من القوى القديمة المصرّة على العودة إلى منظومة الاستبداد والفساد من جهة أخرى".


وأضاف بن حميدان "بين هذه وتلك مدّ وجزر حصيلته حتى الآن إيجابية، باعتبار المكاسب التي تحققت حيث اتسعت دائرة الحريات وانبثقت مؤسسات جديدة من إرادة شعبية حرّة صاغت، انطلاقا من المجلس الوطني التأسيسي، دستوراً حمل كل الأحلام الجميلة وبدأت ترجمته على الواقع من خلال الهيئات الدستورية وقوانين أخرى".
وبيّن أن "مسيرة الثورة بألف ميل خطت خطوات ثابتة رغم المخاطر والمحاذير والرياح الإقليمية والدولية غير المتوازية إلا أنها كالزيتونة المباركة مصرّة على البقاء راسخة في الأرض بفضل إرادة الشباب المتطلع لحياة أفضل".
أما رئيس حزب الحركة الوطنية، التوهامي العبدولي، فقال لـ"العربي الجديد" إن "الثورة مازالت متواصلة فلم تحقق ما هو مطلوب منها، فلا يمكن الحديث عن الثورة إلا بإكمال أهدافها ومن أهمها الشغل والحرية والكرامة، صحيح أن هناك حرية ولكن لا يمكن التمتع بلا شغل ولا كرامة".
واستطرد العبدولي أنه "بالتأكيد تحققت العديد من المكاسب ولكنها لم تكتمل، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى المناطق المهمشة والتنمية غير المتوازنة" ولكن "علامات المسار الناجح لا تبدأ في الظهور إلا بعد عشر سنوات، والخمس سنوات الأولى تعطي بعض المؤشرات وفي الخمس الثانية يمكن التقييم والمراجعة وتحقيق نتائج واضحة".
وأضاف أن "حالة الركود والقصور السياسي عن أداء المهمات الحقيقية التي رافقت الحكومة الماضية، كانت بسبب عدم دراية من كانوا فيها بالعمل الإداري والسياسي، فتوقفت تونس لمدة ثلاث سنوات. وبناء عليه توقف الإنتاج ولكننا تجاوزنا مرحلة الخطر والقادم أفضل من السابق".
من جهته اعتبر رئيس حزب المبادرة، كمال مرجان في حديثه لـ"العربي الجديد" أن وضع تونس "أسلم مقارنة بأوضاع أخرى في العالم العربي، أو بما يعرف ببداية الربيع العربي في الدول الأخرى" حيث أكد أنه "يجب على كلّ الأطراف الفاعلة في البلاد أن تدعم هذا التوجه بإنجاح هذا المسار الديمقراطي الذي انتهجته البلاد والتأكيد على وحدة البلاد التي تبقى الأساس بالنسبة للمستقبل".
وأوضح أن "الوضع الأمني صعب نتيجة الأخطار المحدقة بتونس، وهو ما يفرض اتحاد الجهود ضد كلّ أنواع الإرهاب، كما أن تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحاد يقتضي تعاوناً كبيراً بين جميع الأطراف بالنسبة للسنوات القادمة بوضع برنامج إنقاذ وطني".