ارتفاع حالات الطلاق في العراق

02 فبراير 2015
البطالة والفقر والعنف من أسباب الطلاق(GETTY)
+ الخط -
بعد أن كان العراق مضرباً للأمثال بتماسكه الأسري والاجتماعي، تأتي الأرقام صادمة عن ارتفاع نسب الطلاق، حيث أن الضغوط اليومية التي يتعرض إليها الفرد العراقي من انعدام الأمن والقتل والتهجير وغيرها جعلته لا يأبه باللجوء إلى أبغض الحلال، على الرغم من أن قانون الأحوال الشخصية العراقي يستند إلى الشريعة التي لا تشجع على الطلاق إلا في حالات استثنائية.

وأعلن مجلس القضاء الأعلى العراقي، أن ارتفاع نسبة الطلاق داخل المحاكم العراقية لأسباب أعادها مختصون في علم الاجتماع إلى الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها المجتمع، خصوصاً البطالة وارتفاع أجور السكن.

كما أعلنت السلطة القضائية الاتحادية تسجيل محاكم العراق 10877 زواجاً وطلاقاً في شهر يناير/كانون الأول الماضي، مؤكدة أن استئناف الرصافة شهدت أعلى هذه الحالات.

وأكد المتحدث الرسمي باسم السلطة القضائية الاتحادية، القاضي عبد الستار بيرقدار، أن محاكم البلاد ضمن رئاسات الاستئناف سجلت في يناير/كانون الأول الماضي بصورة عامة 8600 زواج و2277 طلاقاً، وإن أعلى نسبة للزواج خلال الشهر ذاته سجلتها استئناف بغداد/الرصافة بـ1493 حالة، في حين جاءت استئناف ميسان الاتحادية في المرتبة الأخيرة بـ 217 حالة زواج، وتابع بيرقدار أن استئناف الرصافة سجلت، أيضاً، أعلى معدلات للطلاق بـ 914 حالة، فيما كانت أقلها في استئناف ميسان بـ 5 حالات طلاق.

وبينت الإحصائية، أن محاكم رئاسة استئناف بغداد الرصافة سجلت أعلى معدل لحالات الزواج حيث بلغت 3185 حالة، فيما سجلت المحاكم ذاتها 1202 حالة طلاق، تلتها رئاسة استئناف بغداد الكرخ الاتحادية بتسجيل 2095 حالة زواج و661 حالة طلاق.

وأوضح المحامي رؤوف نوري لـ"العربي الجديد" أن "حالات الطلاق كثرت في الآونة الأخيرة، حيث تصل إلى مكتبنا نحو خمس حالات شهريّاً، وغالباً ما يكون الزوجان متفقين على كل شيء ولا تنقصهم غير الإجراءات الرسمية لإتمام معاملة الطلاق"، مضيفاً " أن أغلب حالات الطلاق بين فئة المتزوجين من الشباب"، موعزاً الأسباب إلى "عدم شعور الزوجين بمسؤولية بناء أسرة، إضافة إلى تدخل الأهل وعنف الرجل ضد زوجته".

بطالة وفقر ومخدرات وعنف

أما الخبير الاقتصادي يحيى الناصر فقد بينّ لـ"العربي الجديد" أن أهم أسباب ظاهرة الطلاق داخل المجتمع العراقي تعود إلى العوامل الاقتصادية بالدرجة الأساس"، مشيراً إلى أن "طبيعة المتغيرات التي طرأت على المجتمع بعد أحداث 2003، فرضت على الفرد العراقي الانتقال خلال فترة وجيزة جداً بين بيئتين مختلفتين تماماً، وأعني من مجتمع منغلق على نفسه إلى مجتمع منفتح بشكل كامل، هذا الانتقال أفقده طبقة مهمة جدّاً، وهي الطبقة الوسطى التي تعد العمود الأساس للمجتمعات، فطغت طبقتان على المشهد العراقي، ألا وهي طبقة الغنى الفاحش وطبقة الفقر المدقع".

وطافت على السطح أمراض مجتمعية جديدة، كالبطالة التي قدرتها الأمم المتحدة، وكذلك وزارة التخطيط بأكثر من 52 في المائة في عام 2014، وكذلك الفقر الذي ارتفع لأكثر من 32 في المائة، ناهيك عما انتجته حالة الاقتتال وعدم الاستقرار الأمني من وجود ما يقرب من 1.6 مليون أرملة، وما يقرب من خمسة ملايين يتيم، وانتشار ظاهرة تعاطي المخدرات والعنف المجتمعي.

ووسط هذه المشاكل التي تثقل كاهل الشباب، التي لا يستطيعون تحملها أو حلّها للحفاظ على أسرهم، نجدهم يلجؤون إلى الهروب من الواقع، بالإضافة إلى حالة الفساد التي تسود المجتمع، ويشجعها انتشار عادات غريبة عن مجتمعنا وكثرة القنوات التي تدعو إلى الفساد والتفكك الأسري وجنوح الشباب والمراهقين وقلة الوازع الديني.


وبحسب رئيس مجلس القضاء الأعلى فقد بلغ عدد عقود الزواج خلال العام الماضي 409135 عقداً، مشيراً إلى تشكيل جهاز اجتماعي داخل المحاكم للحد من الطلاق والذي نجح في منع تفريق 70383. ووفقاً لمجلس القضاء الأعلى، فإن عدد دعاوى الطلاق في عام 2004 كان 28689 ارتفع في عام 2005 إلى 33348، بينما وصل في عام 2006 إلى 36627، ومن ثم قفز في عام 2012 إلى 50 حالة طلاق مقابل كل 100 حالة زواج.

الباحثة الاجتماعية، دانيا الطائي، قالت لـ"العربي الجديد": "علينا كمجتمع الإسراع بإجراء خطوات عملية وجادة بمشاركة منظمات المجتمع المدني في العراق، منها برامج توعية للجنسين تُبين مخاطر الطلاق وتأثيره السلبي على الأسرة والمجتمع، خصوصاً أن المجتمع العراقي يتحدر نحو التفكك الأسري والانحلال المجتمعي بسبب الظروف الحالية التي تمر بها البلاد من تهجير وسفر الشباب إلى الخارج والعنف وغيرها".