وفي الوقت الذي لم تحسم فيه الحكومة إلى حدود الساعة، قرارها بشأن حالة الطوارئ الصحية، تذهب أغلب التوقعات في اتجاه الإبقاء على الحجر الصحي لمدة تتراوح بين أسبوع وأسبوعين، وهي المدة نفسها التي سيسمح فيها لمؤشر العدد الأساسي لانتشار العدوى (R0) بالاستقرار، في حال تسجيل عدد منخفض يتراوح بين 0.5 و0.7.
وبحسب تلك التوقعات، فإن التمديد الثالث للحجر الصحي على أغلب المواطنين غير المرتبطين بدورات الإنتاج والاقتصاد (التلامذة والطلبة الملتزمين بمتابعة دروسهم عن بعد، كبار السن والأشخاص الحاملين لأمراض مزمنة، باعتبارهم الأكثر عرضة للإصابة) ضرورة حتمية للتحكم الكلي في الوضعية الوبائية وتفادي المفاجآت غير السارة.
ووفق التوقعات، ستتجه السلطات المغربية إلى رفع الحجر الصحي ابتداء من 11 يونيو/ حزيران، لكن مع استمرارية حالة الطوارئ الصحية والالتزام بالتدابير الصحية الوقائية، التي يأتي على رأسها التباعد وغسل اليدين وارتداء الكمامات، فيما لم تستبعد تسريبات حكومية أن يتم اعتماد مبدأ التقسيم الجهوي في تخفيف الحجر الصحي خصوصا في الجهات والمناطق التي أعلن عن شفاء كل الحالات المصابة فيها، مع ضرورة مواصلة تقييد الحركة بين المدن إلا للضرورة.
وخلال الأيام الماضية، سادت مؤشرات إيجابية بشأن الوضعية الوبائية بالمملكة، في ظل تسجيل ارتفاع في معدل التعافي وصل إلى ما يقارب 90 في المائة، واستقرار في معدل الوفيات، بيد أن العودة اللافتة لتسجيل إصابات في بؤر عائلية وأخرى مهنية، لا يبعث بإشارات مطمئنة إلى لجان اليقظة والرصد الوبائي واللجان العلمية والتقنية، التي يقع على عاتقها، إلى جانب مؤسسات أخرى، عبء اتخاذ القرار بشأن مصير الحجر الصحي، الذي بات السؤال الأول الذي يشغل بال المغاربة.
وفيما ينتظر أن يقدم سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، في البرلمان بعد غد الأربعاء، تفاصيل الخطة الحكومية لتدبير المرحلة ما بعد 10 يونيو/ حزيران، تتوزع الآراء داخل الحكومة بين دعاة رفع حالة الطوارئ الصحية بشكل تدريجي مع تخفيف الحجر المنزلي، وبين المطالبين بالتمديد ولاسيما بعدما تم تسجيل بؤر جديدة خلال الأيام الأخيرة، وهو الموقف الذي يدافع عنه وزير الصحة، خالد آيت الطالب، الذي كان قد اعتبر، قبل أيام في البرلمان المغربي، أن "الرفع السريع للحجر ستكون له عواقب وخيمة، وستقع انتكاسة لن تتحملها إمكاناتنا".
وتبعا لذلك، تجد الحكومة نفسها في وضع لا تحسد عليه، بمناسبة الحسم في مصير الحجر الصحي، إذ تحاصرها مطالب المواطنين بتخفيف إجراءات الطوارئ الصحية إلى أقصى حد، ودعوة الأحزاب السياسية إلى رفعه التدريجي، ودفع الشركات والمؤسسات الاقتصادية في اتجاه إنهاء حالة الطوارئ وآثارها بشكل عاجل.
وفي ظل هذا الوضع، يعتبر الخبراء أن المغرب مطالب بالاستعداد إلى المرحلة الأصعب في مواجهة فيروس كورونا، مع ما يقتضيه ذلك من رفع درجات اليقظة والحذر وتكثيف عمليات إخضاع المشتبه فيهم، أو حاملي الفيروس دون أعراض إلى تحليلات مسبقة، لضبط خارطة انتقال الوباء فئويا وجغرافيا.
مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، مولاي مصطفى الناجي، اعتبر في حديث لـ "العربي الجديد"، أن كل الإشارات تبعث على إمكانية رفع الحجر في العاشر من الشهر الجاري، بيد أن تسجيل بعض التجاوزات التي تساهم في تفشي الفيروس، يدفع السلطات المكلفة باتخاذ القرار إلى دراسة كل السيناريوهات والإجراءات الخاصة برفع الحجر الصحي من عدمه، بعناية، مع استحضار حجم الضرر الذي تكابده الدولة والمواطن والشركات عن كل يوم حجر، وكذا الإعداد لمرحلة ما بعد الرفع، التي تبقى امتحانا صعبا للسلطات وللمواطنين.
وأوضح الخبير المغربي أن جميع المؤشرات الوبائية كانت تكشف عن انخفاض الإصابات، لكن تسجيل بؤر وبائية في مراكش والدار البيضاء خلال اليومين الماضيين، جعل النقاش يعود مجددا حول مآل رفع الحجر الصحي، متوقعا أن يكون هناك رفع تدريجي للحجر مع اعتماد الإجراءات والتدبير المصاحبة لتفادي ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا خاصة في ظل عدم التزام بعض المواطنين.