كارثتان نفطيتان تستدعيان طوارئ وطنية في روسيا

06 يونيو 2020
غطّت النهر بقع حمراء فاتحة (فيسبوك)
+ الخط -
كارثتان نفطيتان ضربتا روسيا. إذ تسرّب 21 ألف طن من الديزل جرّاء انهيار خزان، الجمعة الماضية، خارج مدينة نوريلسك، والكارثة البيئية هي الأكبر من نوعها في القطب الشمالي. بينما اشتعل حريق في حقل نفطي في سيبيريا أواخر الشهر الماضي.
وتوقع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس الجمعة أن تبادر الشركة الروسية العملاقة للمعادن "نوريلسك نيكل"، التي تسبّبت بتسرّب نفطي غير مسبوق في القطب الشمالي، إلى العمل لإعادة النظام البيئي إلى سابق عهده في المنطقة. ويأتي ذلك وسط إعلان حالة الطوارئ على المستوى الوطني في روسيا، بعد تسرّب 21 ألف طن من الديزل جرّاء انهيار خزان، الأسبوع الماضي، خارج مدينة نوريلسك، ما تسبّب بتلوث نهر أمبارنايا، الذي غطّته بقع حمراء فاتحة يمكن رؤيتها من الفضاء. وقالت شركة المعادن العملاقة، التي تملك الخزان من خلال شركة أخرى تابعة لها، إنّ ذوبان الجليد الدائم هو الذي تسبّب بانهيار أحد أعمدة الخزّان، وهي حاولت احتواء الأضرار بمفردها ليومين، قبل أن تلجأ إلى خبراء من كل أنحاء روسيا، وقد أثار هذا التأخير غضب بوتين.

وأبلغت المتحدثة باسم وزارة الطوارئ الروسية وكالة "فرانس برس"، الجمعة، بنجاحها في احتواء البقعة النفطية ووقف توسّعها. وتحدّث بوتين عبر الفيديو مع مسؤولين في موقع التسرّب، إذ قال لفلاديمير بوتانين رئيس شركة "نوريلسك نيكل" إنّه يتوقّع أن تتكفّل الشركة العملاقة بدفع تكاليف إجراء تنظيف شامل. وقال بوتين: "من الضروري المضي بجميع إجراءات التعويضات لاستعادة التنوع البيولوجي والبيئي". وأشار إلى أنّه لو قامت الشركة باستبدال الخزان القديم، لما كانت لتتكبد هذه النفقات الآن. وأضاف أنّ كل المنشآت المشابهة "يجب تحليل وضعها بشكل دقيق" في البلاد. 

وقدّر بوتانين أنّ عمليات التنظيف ستكلّف نحو 10 مليارات روبل (146 مليون دولار)، ما عدا الغرامات. وأضاف: "سننفق كل ما هو مطلوب"، مؤكداً "أننا سنعيد النظام البيئي إلى وضعه الطبيعي". ويعمل المحقّقون على كشف ملابسات الحادث، وقد احتجزوا مدير المنشأة فياشيسلاف ستاروستين، للتحقيق معه.
وقالت سفيتلانا راديونوفا، رئيسة هيئة الرقابة البيئية الروسية، إنّ العمل جار لتقدير الأضرار التي لحقت بالبيئة، واصفة الحادث بأنه "غير مسبوق في نطاقه".



النهر الأحمر

واعتبر خبراء بيئيون أنّ هذا التسرّب النفطي هو أسوأ حادث من نوعه في منطقة القطب الشمالي، وثاني أسوأ تسرّب في تاريخ روسيا. وقارنت "غرينبيس" في روسيا، الحادثة بتسرّب النفط الذي أحدثته ناقلة النفط "إكسون فالديز" في ألاسكا، عام 1989. ونهر أمبارنايا الذي تأثر بالتسرّب، يغذّي بحيرة "بياسينو" بالمياه، التي تعدّ مصدراً مائياً رئيسياً لنهر بياسينا الحيوي بالنسبة إلى منطقة شبه جزيرة تايمير. وأظهرت صور بالأقمار الاصطناعية لوكالة الفضاء الأوروبية ووكالة روسكوزموس الروسية، بقعاً كبيرة من الوقود يميل لونها إلى الاحمرار، وقد تحرّكت نحو 20 كيلومتراً باتجاه البحيرة وحتى النهر حيث تنصب جهود التنظيف الرئيسية.
وتمكّن أوائل المستجيبين لهذه الكارثة من احتواء انتشار التسرّب، عبر استخدام عوائق عائمة لمنع البقعة النفطية من الوصول إلى البحيرة، وهم الآن يسحبون السوائل التي سيتم تخزينها في خزانات مغلقة إلى أن تتجمّد الأرض في الشتاء، وفق وزير الطوارئ يفغيني زينيتشيف. وقالت وزارة الطوارئ الجمعة إنها تمكنت من إزالة أكثر من 200 طن من الفيول. لكن وكالات صيد الأسماك الروسية وبعض البيئيين حذروا من أنّ العوائق غير قادرة على وقف التلوث. وتسبّبت البقعة النفطية بتلويث 180 ألف متر مربع من الأرض قبل أن تصل إلى النهر، وفق النائب العام الاقليمي. وتتعرّض منطقة نوريلسك منذ عقود لتلوث ناجم عن إنتاج المعادن وأنشطة صناعية أخرى، وقال خبير الصندوق العالمي للحياة البرية، أليكسي كنيجنيكوف، إنّ السكان المحليين، بمن فيهم مجموعات السكّان الأصليين مثل شعب الـ"نينيتس"، توقفوا منذ فترة طويلة عن الصيد في النهر.
وفي مناسبات عدة سابقة تحولت مياه الأنهار حول نوريلسك، وهي المدينة الأكثر تلوثاً في روسيا، إلى اللون الأحمر بسبب مواد من مخلّفات المصنع الرئيسي لشركة "نوريلسك نيكل". إذ إنّ الشركة، وهي المنتج الأكبر للبلاتين والنيكل في العالم، كانت خلف العديد من الكوارث البيئية في المنطقة. فهي كانت مسؤولة أيضاً عن "نهر الدم" في سيبيريا عام 2016، كما أنّ المنطقة حولها تصنّف كـ "منطقة ميتة"، بسبب ثاني أكسيد الكبريت الذي تنفثه إحدى منشآتها. إذ لا تعيش الأشجار، في المساحة الميتة التي تحيط بالشركة ومنشآتها، والتي تبلغ مساحتها،  مرتين مساحة ولاية رود آيلند الأميركية.   

كارثة نفطية ثانية

وفي كارثة نفطية ثانية، اشتعلت النيران في بئر نفطي يعود لشركة "إيركوتسك للنفط"، وذلك في 30 مايو/ أيار الماضي. وعقدت الحكومة الإقليمية اجتماعاً طارئاً، يوم الجمعة، لتحديد كيفية إطفاء البئر. وقال أندريه بوجدانوف، رئيس قطاع أمن الانتاج في شركة إيركوتسك في الاجتماع: "قررنا استدعاء قوات المدفعية بالجيش والتي يتعيّن عليها قصف رأس البئر، من أجل إغلاقه بشكل ناجح وعملي".

وأضاف أنّه من المتوقع وصول الجنود خلال يوم أو يومين وإنّ الشركة تأمل بإخماد الحريق يوم الاثنين. ونقلت محطة زفيزدا التلفزيونية، التابعة لوزارة الدفاع الروسية، عن الوزارة قولها إنّ طائرة عسكرية تقوم بنقل الجنود الذين يعتزمون استخدام مدفع مضاد للدبابات لقصف رأس البئر من أجل المساعدة في إغلاقها. ويقول مسؤولون إنّ الحريق لم يسفر عن إصابة أحد ولم يشكّل تهديداً للغابات القريبة. وتقع أقرب قرية على بعد 100 كيلومتر.




دلالات
المساهمون