أغلقت تركيا معابرها الحدودية مع سورية، ضمن الإجراءات الوقائية ضدّ كورونا، ما منع معظم مرضى شمالي غرب سورية الراغبين في الدخول إلى تركيا للعلاج من ذلك
يوضح مدير دائرة السلامة في "اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية - أوسوم" الطبيب السوري أحمد دبيس لـ"العربي الجديد" أنّ إغلاق المعابر بين سورية وتركيا، لا سيما معبر باب الهوى، تمّ بقرار صدر عن الحكومة التركية منذ نحو شهرين، بعد انتشار فيروس كورونا الجديد، في محاولة لوقف انتشاره. هذا الإغلاق منع الحالات المرضية في شمالي غرب سورية من العبور للعلاج في مستشفيات تركيا. يعلق دبيس: "في الفترة الأولى من الإغلاق كان من الممنوع بأيّ شكل، إدخال أيّ حالة إلى تركيا، بسبب الإجراءات الصارمة مع بداية انتشار وباء كورونا، لكن، في الفترة الأخيرة دخلت بعض الحالات الحرجة إلى تركيا لأنّها على درجة معقدة، وتحتاج إلى تدخل علاجي في تركيا"، بحسب دبيس. يفسر دبيس: "هذه الحالات دخلت إلى تركيا بعد التواصل مع المكتب الطبي في باب الهوى الذي تواصل بدوره مع الجانب التركي وتمت عملية الاستجابة بعد الاطلاع على تقرير طبي خاص بتلك الحالات، ومشاهدة فيديو لشرح الحالة المرضية لكلّ شخص من قبل أحد العناصر الطبية، والحالات التي دخلت إلى تركيا كانت في الأصل تدخل مباشرة وبشكل طارئ".
يتابع دبيس: "بالنسبة لنا، في الداخل السوري، كانت تركيا متنفساً للمنشآت الصحية ولتخفيف الضغط عنها، فدائماً يجري تحويل الحالات الحرجة والمعقدة إلى تركيا، من أجل تلقي العلاج والرعاية الصحية، خصوصاً تلك التي تحتاج إلى فترة طويلة من العلاج، وفي الوقت نفسه تحتاج إلى إجراء تصوير طبي غير متوفر في الداخل السوري".
وعن الحلول المقترحة، يقول دبيس: "يجب أن تكون هناك إجراءات تسمح بدخول المرضى مع الأخذ بعين الاعتبار انتشار فيروس كورونا الجديد، خصوصاً أنّ الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة في شمال غرب سورية لم تسجل فيه أيّ إصابة انتشار فيروس كورونا الجديد، أي لا خوف من دخول المرضى أو الجرحى إلى الجانب التركي، ويمكن أخذ الاستقصاءات الضرورية لنفي أو تأكيد ما إذا كان المرضى يحملون الفيروس أم لا، في حال التخوف من الحالات التي لا تظهر أعراض عليها". ويشير دبيس إلى وقوع حوادث وفاة مؤخراً نتيجة عدم تحويلها إلى تركيا: "لا يمكن لنا أنّ نحّمل أحداً مسؤولية فتح المعابر، فتركيا، كدولة، لديها إجراءاتها الخاصة، ومن خلالها تحاول الحفاظ على سلامة مواطنيها وعدم وصول العدوى إليهم، والسوريون ضمن أراضيها يتلقون العلاج في منشآتها الصحية أيضاً، لكنّ الأمر متعلق فقط بدخول المرضى من الجانب السوري إلى تركيا".
وعن حجم الضرر الذي لحق بالمنشآت الصحية في شمال غرب سورية، يوضح دبيس: "استهدف النظام أكثر من 75 منشأة صحية منذ إبريل/ نيسان 2019 حتى الوقت الراهن، بالإضافة إلى تقدم قواته وسيطرتها على مناطق واسعة من ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، وهو ما أدى إلى إخراج هذه المنشآت عن الخدمة وبالتالي إنهاء خدمات حرم منها السكان. وهناك عدد قليل من الكوادر الطبية المتخصصة لا يتناسب مع عدد السكان والحالات المرضية. كذلك، فإنّ هناك حاجة إلى أجهزة التصوير مثل الرنين المغناطيسي والطبقي المحوري وغيرها". يختم دبيس: "نحن كمنظمات إنسانية غير قادرين على التدخل في مسألة دخول الجرحى إلى تركيا، فالأمر يتعلق بالدولة التركية وحمايتها مواطنيها، ويمكن أن يكون تدخلنا محرجاً، ولا بدّ من توجيه من منظمة الصحة العالمية إلى تركيا في هذا الشأن، مع ضرورة تأمين بديل".
بدوره، يدعو الصحافي السوري حمزة خضر إلى إيجاد حلّ جذري لأزمة الحالات المرضية العالقة. ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ المسألة الطبية يجب أن تكون مستقلة عن أيّ جانب آخر، وأن تتولى جهة مسؤولية متابعتها، ففي فترة ما قبل انتشار فيروس كورونا الجديد، كانت استجابة الحكومة التركية للمرضى جيدة جداً، لكنّ الوباء أثّر سلباً، والحلّ الأمثل الآن أن تكون هناك جهة تابعة لوزارة الصحة التركية تتولى المسألة. كذلك، يلفت خضر إلى أنّه لا بدّ للجهات الرسمية السورية (المعارضة) من لعب دور أكبر في هذا الخصوص، مؤكداً أنّ هذه الجهات هي التي يجب أن تضغط بشكل أكبر، ويقول: "نحن كسوريين، نعرف مشاكلنا بشكل أكبر، كون الأتراك غير مطلعين على الأمر جيداً، فهناك احتمال للتدخل مع تركيا عبر وزير الداخلية أو الهلال الأحمر، ونحن كسوريين علينا الضغط بهذا الخصوص، وذلك عبر جهات رسمية مثل الائتلاف واللجنة السورية التركية المشتركة أو الحكومة المؤقتة". ويقترح خضر حلاً بأن يكون هناك أطباء سوريون يتوجهون إلى الداخل السوري لإجراء عمليات للمرضى والجرحى، كون هناك مناطق آمنة لتجنب فتح الحدود أمام المرضى، وكان هذا الأمر يحدث منذ بداية الثورة. يضيف خضر: "حالياً، هناك قدرة على إجراء بعض العمليات في الداخل ويجب إيضاح المشاكل للحكومة التركية بشكل أفضل، مع إيجاد جهة راعية".
من جهتها، تذكر مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أنّ والي معبر باب الهوى يوافق على استقبال بعض الحالات المرضية التي تتطلب علاجاً في تركيا، لكنّ القرار يعود للإسعاف التركي بقبول إدخال هذه الحالات أم لا، وهو يستقبل فقط الحالات الطارئة المهددة الحياة بشكل مباشر، ومنها الأزمات القلبية والنزيف الدماغي والحروق الحديثة الخطرة وحضانة الخدج ومن يحتاجون إلى التنفس الاصطناعي، أما حالات مرض السرطان التي لا تترافق مع الأزمات القلبية أو الحاجة إلى التنفس الاصطناعي فلا يجرى إدخالها.
اقــرأ أيضاً
ومن الحالات المرضية العالقة في إدلب والتي تحتاج إلى رعاية صحية ومتابعة في المستشفيات التركية الطفل قاسم العكاب من بلدة البوعمر في ريف دير الزور، وهو مهجر مع عائلته التي تقيم في منطقة سلقين في ريف إدلب، وهو مصاب بمرض السرطان. وقد أطلقت عدة نداءات من جهات محلية لمناشدة الجانب التركي كي يجرى السماح بإدخال الطفل لتلقي العلاج في تركيا. ومن بين الحالات التي تحتاج إلى الدخول للمستشفيات التركية أيضاً، المهجّر من ريف دمشق، أبو علي، الذي خضع لعملية جراحية في القلب، وتعرض لجلطة دماغية سابقاً أدت إلى شلل في أحد أطرافه.
تأخر يؤدي إلى وفاة شاب
تناشد جهات إنسانية سورية السلطات التركية بضرورة إيجاد آلية لإدخال الحالات الطبية الحرجة لتلقي العلاج في مستشفياتها، في ظلّ جائحة كورونا. وقبل أيام، توفي الشاب يوسف بربور (22 عاماً) نتيجة تأخر الإجراءات الخاصة بدخوله إلى تركيا لتلقي العلاج، بالرغم من مناشدة والدته. وكان الشاب بحاجة لزرع نقي العظام.
يتابع دبيس: "بالنسبة لنا، في الداخل السوري، كانت تركيا متنفساً للمنشآت الصحية ولتخفيف الضغط عنها، فدائماً يجري تحويل الحالات الحرجة والمعقدة إلى تركيا، من أجل تلقي العلاج والرعاية الصحية، خصوصاً تلك التي تحتاج إلى فترة طويلة من العلاج، وفي الوقت نفسه تحتاج إلى إجراء تصوير طبي غير متوفر في الداخل السوري".
وعن الحلول المقترحة، يقول دبيس: "يجب أن تكون هناك إجراءات تسمح بدخول المرضى مع الأخذ بعين الاعتبار انتشار فيروس كورونا الجديد، خصوصاً أنّ الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة في شمال غرب سورية لم تسجل فيه أيّ إصابة انتشار فيروس كورونا الجديد، أي لا خوف من دخول المرضى أو الجرحى إلى الجانب التركي، ويمكن أخذ الاستقصاءات الضرورية لنفي أو تأكيد ما إذا كان المرضى يحملون الفيروس أم لا، في حال التخوف من الحالات التي لا تظهر أعراض عليها". ويشير دبيس إلى وقوع حوادث وفاة مؤخراً نتيجة عدم تحويلها إلى تركيا: "لا يمكن لنا أنّ نحّمل أحداً مسؤولية فتح المعابر، فتركيا، كدولة، لديها إجراءاتها الخاصة، ومن خلالها تحاول الحفاظ على سلامة مواطنيها وعدم وصول العدوى إليهم، والسوريون ضمن أراضيها يتلقون العلاج في منشآتها الصحية أيضاً، لكنّ الأمر متعلق فقط بدخول المرضى من الجانب السوري إلى تركيا".
وعن حجم الضرر الذي لحق بالمنشآت الصحية في شمال غرب سورية، يوضح دبيس: "استهدف النظام أكثر من 75 منشأة صحية منذ إبريل/ نيسان 2019 حتى الوقت الراهن، بالإضافة إلى تقدم قواته وسيطرتها على مناطق واسعة من ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، وهو ما أدى إلى إخراج هذه المنشآت عن الخدمة وبالتالي إنهاء خدمات حرم منها السكان. وهناك عدد قليل من الكوادر الطبية المتخصصة لا يتناسب مع عدد السكان والحالات المرضية. كذلك، فإنّ هناك حاجة إلى أجهزة التصوير مثل الرنين المغناطيسي والطبقي المحوري وغيرها". يختم دبيس: "نحن كمنظمات إنسانية غير قادرين على التدخل في مسألة دخول الجرحى إلى تركيا، فالأمر يتعلق بالدولة التركية وحمايتها مواطنيها، ويمكن أن يكون تدخلنا محرجاً، ولا بدّ من توجيه من منظمة الصحة العالمية إلى تركيا في هذا الشأن، مع ضرورة تأمين بديل".
بدوره، يدعو الصحافي السوري حمزة خضر إلى إيجاد حلّ جذري لأزمة الحالات المرضية العالقة. ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ المسألة الطبية يجب أن تكون مستقلة عن أيّ جانب آخر، وأن تتولى جهة مسؤولية متابعتها، ففي فترة ما قبل انتشار فيروس كورونا الجديد، كانت استجابة الحكومة التركية للمرضى جيدة جداً، لكنّ الوباء أثّر سلباً، والحلّ الأمثل الآن أن تكون هناك جهة تابعة لوزارة الصحة التركية تتولى المسألة. كذلك، يلفت خضر إلى أنّه لا بدّ للجهات الرسمية السورية (المعارضة) من لعب دور أكبر في هذا الخصوص، مؤكداً أنّ هذه الجهات هي التي يجب أن تضغط بشكل أكبر، ويقول: "نحن كسوريين، نعرف مشاكلنا بشكل أكبر، كون الأتراك غير مطلعين على الأمر جيداً، فهناك احتمال للتدخل مع تركيا عبر وزير الداخلية أو الهلال الأحمر، ونحن كسوريين علينا الضغط بهذا الخصوص، وذلك عبر جهات رسمية مثل الائتلاف واللجنة السورية التركية المشتركة أو الحكومة المؤقتة". ويقترح خضر حلاً بأن يكون هناك أطباء سوريون يتوجهون إلى الداخل السوري لإجراء عمليات للمرضى والجرحى، كون هناك مناطق آمنة لتجنب فتح الحدود أمام المرضى، وكان هذا الأمر يحدث منذ بداية الثورة. يضيف خضر: "حالياً، هناك قدرة على إجراء بعض العمليات في الداخل ويجب إيضاح المشاكل للحكومة التركية بشكل أفضل، مع إيجاد جهة راعية".
من جهتها، تذكر مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أنّ والي معبر باب الهوى يوافق على استقبال بعض الحالات المرضية التي تتطلب علاجاً في تركيا، لكنّ القرار يعود للإسعاف التركي بقبول إدخال هذه الحالات أم لا، وهو يستقبل فقط الحالات الطارئة المهددة الحياة بشكل مباشر، ومنها الأزمات القلبية والنزيف الدماغي والحروق الحديثة الخطرة وحضانة الخدج ومن يحتاجون إلى التنفس الاصطناعي، أما حالات مرض السرطان التي لا تترافق مع الأزمات القلبية أو الحاجة إلى التنفس الاصطناعي فلا يجرى إدخالها.
ومن الحالات المرضية العالقة في إدلب والتي تحتاج إلى رعاية صحية ومتابعة في المستشفيات التركية الطفل قاسم العكاب من بلدة البوعمر في ريف دير الزور، وهو مهجر مع عائلته التي تقيم في منطقة سلقين في ريف إدلب، وهو مصاب بمرض السرطان. وقد أطلقت عدة نداءات من جهات محلية لمناشدة الجانب التركي كي يجرى السماح بإدخال الطفل لتلقي العلاج في تركيا. ومن بين الحالات التي تحتاج إلى الدخول للمستشفيات التركية أيضاً، المهجّر من ريف دمشق، أبو علي، الذي خضع لعملية جراحية في القلب، وتعرض لجلطة دماغية سابقاً أدت إلى شلل في أحد أطرافه.
تأخر يؤدي إلى وفاة شاب
تناشد جهات إنسانية سورية السلطات التركية بضرورة إيجاد آلية لإدخال الحالات الطبية الحرجة لتلقي العلاج في مستشفياتها، في ظلّ جائحة كورونا. وقبل أيام، توفي الشاب يوسف بربور (22 عاماً) نتيجة تأخر الإجراءات الخاصة بدخوله إلى تركيا لتلقي العلاج، بالرغم من مناشدة والدته. وكان الشاب بحاجة لزرع نقي العظام.