رمضان زمان... فلسطينيون يتذكرون عاداتهم القديمة
رام الله
فاطمة مشعلة
فاطمة مشعلة
كلّما تقدّم بهم الزمن، يجد الناس أنفسهم في حنين إلى الماضي. والفلسطينيون شأنهم شأن سواهم من الشعوب يتوقون إلى عادات قديمة طبعت تاريخهم، منها عادات رمضان. هي عادات إمّا اندثرت وإمّا ماضية في التلاشي وإمّا تبدّلت ببعض ملامحها بفعل السنين. ويستعيد هؤلاء الذين تقدّم بهم العمر ذكريات الأمس، بعيداً عن أزمة كورونا التي تؤرّق العالم بأكمله اليوم.
ويستذكر كثيرون موائد الإفطار المتواضعة التي كانت تتشاركها العائلات. فتحكي الفلسطينية الستينية شلبية الطويل الدغامين، وهي من بلدة السموع الواقعة إلى جنوب مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، لـ"العربي الجديد"، عن "الحياة وبساطتها" في زمن مضى. تقول: "أخبرتني نساء العائلة الكبيرات في السنّ بأنّ إفطار الناس في رمضان كان يقتصر على الشوربات (الحساء) والمعجنات الفلسطينية"، مضيفة أنّ "أحوال الناس في رمضان لم تكن تسمح لهم بالمنسف مثلاً ولا حتى بالمقلوبة. لذا كان يقتصر الإفطار على شوربة العدس والرقاق أو الرشتة (وهي عبارة عن قطع طولية رفيعة من العجين تُطهى مع حبة العدس الكاملة) أو الجريشة (شوربة القمح) خصوصاً عندما يحلّ رمضان في خلال فصل الشتاء". وتشير إلى أنّ "كبار السنّ من الرجال كانوا يحملون صحون إفطارهم الذي أعدّته عائلاتهم ويتوجّهون لتناولها مع باقي الرجال في مجلس القرية أو البلد الذي يُعرف بالديوان". وتتابع الدغامين أنّ "مائدة العائلة الواحدة كانت عبارة عن أطباق مختلفة يتبادلها الجيران. فكلّ بيت كان يخصّص حصّة لآخر، حتى يوم الجمعة عندما كانوا يصنعون المقلى وهو شبيه بوجبة المشاط (عجينة يوضع داخلها القرنبيط وتُقلى بأحجام كبيرة وصغيرة في الزيت)".
اقــرأ أيضاً
من جهته، يخبر إياد الريماوي كيف كان الناس يتهيأون لشهر رمضان في القديم. ويقول الخمسيني، وهو من قرية بيت ريما الواقعة إلى شمال غرب مدينتَي رام الله والبيرة في وسط الضفة الغربية، لـ"العربي الجديد": "كان الناس يشعرون بالشوق إلى رمضان، ويتّضح ذلك من خلال تسوقّهم لحاجيّاتهم الخاصة بالإفطار والسحور قبيل بدء الصيام بأيام. هم كانوا يحرصون على التزّود بمواد عدّة، لعلّ أبرزها الأجبان والألبان وقمر الدين الذي كان يُنقع ويُعصر، والحلاوة والططلي (المربّى الفلسطيني)". يضيف أنّ "النساء كنّ يصنعنَ المخللات في المنازل، ومنها الخيار البلدي والمكدوس". ويلفت الريماوي إلى أنّ حلوى القطايف التي تربط بشهر رمضان اليوم، "لم تكن مشهورة كثيراً قبل ثلاثين أو أربعين عاماً في فلسطين، بل كانت العوامة والهريسة حبيبتَي بطون الناس في ذلك الوقت". ويوضح أنّ "الناس كانوا يعتمدون على الحلويات البيتية بعد الإفطار في رمضان، وأهمّها الهريسة والعوامة والنمورة. بالنسبة إلى عائلتنا، لطالما أعدّت أمي لنا العوامة".
وعادات شهر رمضان لا تُحصر بالإفطار فحسب، بل تمتدّ حتى موعد السحور. وتقول الدغامين إنّ "النساء كنّ يسهرنَ أمام المنازل أو في حوش الدار بعد الإفطار، خصوصاً عندما كان رمضان يحلّ في الربيع أو الصيف. وهنّ كنّ يجتمعنَ وسط أجواء من الألفة والمحبة، قبل أن يتفرقنَ وتعود كلّ واحدة إلى منزلها. فيخلدنَ إلى النوم ليستيقظن قُبيل السحور ويعددنَه". وتشرح أنّ "سحور الناس قديماً كان إمّا هريس قمر الدين وإمّا التمر مع الزيت البلدي". وتشدّد الدغامين على "المحبّة بين الناس" في ذلك الزمن، مشيرة إلى أنّهم "كانوا يوقظون بعضهم بعضاً للسحور، خصوصاً أنّ ثمّة عائلات لم تكن تستيقظ على صوت طبلة المسحّراتي".
اقــرأ أيضاً
وفي ما يخصّ السحور، يؤكد التسعيني محمود النمورة وهو من مدينة دورا جنوبي محافظة الخليل، لـ"العربي الجديد"، أنّ "السحور كانت له هيبة مختلفة". ويحكي عن "المسحّراتي الذي كان يعتمر الطربوش، ويخرج برفقة أطفال القرية لينادي بأعلى صوته بالتزامن مع قرعه على تنكة حديد: يا نايم وحّد الله".
فتيان وتراويح
"فرحة كبيرة" هكذا كانت توصف مشاركة الفتيان الفلسطينيين بصلاة التراويح ومرافقة الأكبر سنّاً إلى المسجد. ويخبر إياد الريماوي: "عندما كنّا صغاراً، كنّا نشعر بأنّ العيد هو في صلاة التراويح. فهي كانت لنا فرصة كذلك للتنزّه واللعب والسهر في السوق وشراء ما نرغب فيه من المحال الصغيرة وقليلة العدد في ذاك الزمن". ويشير الريماوي إلى أنّ "الناس كانوا يتوجّهون كذلك بعد الإفطار وأداء صلاة التراويح إلى قهوة القرية لمشاهدة التلفاز جماعياً".
ويستذكر كثيرون موائد الإفطار المتواضعة التي كانت تتشاركها العائلات. فتحكي الفلسطينية الستينية شلبية الطويل الدغامين، وهي من بلدة السموع الواقعة إلى جنوب مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، لـ"العربي الجديد"، عن "الحياة وبساطتها" في زمن مضى. تقول: "أخبرتني نساء العائلة الكبيرات في السنّ بأنّ إفطار الناس في رمضان كان يقتصر على الشوربات (الحساء) والمعجنات الفلسطينية"، مضيفة أنّ "أحوال الناس في رمضان لم تكن تسمح لهم بالمنسف مثلاً ولا حتى بالمقلوبة. لذا كان يقتصر الإفطار على شوربة العدس والرقاق أو الرشتة (وهي عبارة عن قطع طولية رفيعة من العجين تُطهى مع حبة العدس الكاملة) أو الجريشة (شوربة القمح) خصوصاً عندما يحلّ رمضان في خلال فصل الشتاء". وتشير إلى أنّ "كبار السنّ من الرجال كانوا يحملون صحون إفطارهم الذي أعدّته عائلاتهم ويتوجّهون لتناولها مع باقي الرجال في مجلس القرية أو البلد الذي يُعرف بالديوان". وتتابع الدغامين أنّ "مائدة العائلة الواحدة كانت عبارة عن أطباق مختلفة يتبادلها الجيران. فكلّ بيت كان يخصّص حصّة لآخر، حتى يوم الجمعة عندما كانوا يصنعون المقلى وهو شبيه بوجبة المشاط (عجينة يوضع داخلها القرنبيط وتُقلى بأحجام كبيرة وصغيرة في الزيت)".
من جهته، يخبر إياد الريماوي كيف كان الناس يتهيأون لشهر رمضان في القديم. ويقول الخمسيني، وهو من قرية بيت ريما الواقعة إلى شمال غرب مدينتَي رام الله والبيرة في وسط الضفة الغربية، لـ"العربي الجديد": "كان الناس يشعرون بالشوق إلى رمضان، ويتّضح ذلك من خلال تسوقّهم لحاجيّاتهم الخاصة بالإفطار والسحور قبيل بدء الصيام بأيام. هم كانوا يحرصون على التزّود بمواد عدّة، لعلّ أبرزها الأجبان والألبان وقمر الدين الذي كان يُنقع ويُعصر، والحلاوة والططلي (المربّى الفلسطيني)". يضيف أنّ "النساء كنّ يصنعنَ المخللات في المنازل، ومنها الخيار البلدي والمكدوس". ويلفت الريماوي إلى أنّ حلوى القطايف التي تربط بشهر رمضان اليوم، "لم تكن مشهورة كثيراً قبل ثلاثين أو أربعين عاماً في فلسطين، بل كانت العوامة والهريسة حبيبتَي بطون الناس في ذلك الوقت". ويوضح أنّ "الناس كانوا يعتمدون على الحلويات البيتية بعد الإفطار في رمضان، وأهمّها الهريسة والعوامة والنمورة. بالنسبة إلى عائلتنا، لطالما أعدّت أمي لنا العوامة".
وعادات شهر رمضان لا تُحصر بالإفطار فحسب، بل تمتدّ حتى موعد السحور. وتقول الدغامين إنّ "النساء كنّ يسهرنَ أمام المنازل أو في حوش الدار بعد الإفطار، خصوصاً عندما كان رمضان يحلّ في الربيع أو الصيف. وهنّ كنّ يجتمعنَ وسط أجواء من الألفة والمحبة، قبل أن يتفرقنَ وتعود كلّ واحدة إلى منزلها. فيخلدنَ إلى النوم ليستيقظن قُبيل السحور ويعددنَه". وتشرح أنّ "سحور الناس قديماً كان إمّا هريس قمر الدين وإمّا التمر مع الزيت البلدي". وتشدّد الدغامين على "المحبّة بين الناس" في ذلك الزمن، مشيرة إلى أنّهم "كانوا يوقظون بعضهم بعضاً للسحور، خصوصاً أنّ ثمّة عائلات لم تكن تستيقظ على صوت طبلة المسحّراتي".
وفي ما يخصّ السحور، يؤكد التسعيني محمود النمورة وهو من مدينة دورا جنوبي محافظة الخليل، لـ"العربي الجديد"، أنّ "السحور كانت له هيبة مختلفة". ويحكي عن "المسحّراتي الذي كان يعتمر الطربوش، ويخرج برفقة أطفال القرية لينادي بأعلى صوته بالتزامن مع قرعه على تنكة حديد: يا نايم وحّد الله".
فتيان وتراويح
"فرحة كبيرة" هكذا كانت توصف مشاركة الفتيان الفلسطينيين بصلاة التراويح ومرافقة الأكبر سنّاً إلى المسجد. ويخبر إياد الريماوي: "عندما كنّا صغاراً، كنّا نشعر بأنّ العيد هو في صلاة التراويح. فهي كانت لنا فرصة كذلك للتنزّه واللعب والسهر في السوق وشراء ما نرغب فيه من المحال الصغيرة وقليلة العدد في ذاك الزمن". ويشير الريماوي إلى أنّ "الناس كانوا يتوجّهون كذلك بعد الإفطار وأداء صلاة التراويح إلى قهوة القرية لمشاهدة التلفاز جماعياً".