أطباء عراقيون يقدمون استشارات مجانية

08 ابريل 2020
سعي للحد من انتشار كورونا (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
يستمرّ الأطباء في العراق، الذين يطلق عليهم اليوم "حائط الصد الأول"، في أداء مهامهم داخل المستشفيات وخارجها بهدف الحدّ من انتشار فيروس كورونا الجديد. وتطوّع كثيرون لتقديم الاستشارات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل العزل المنزلي وحظر التجول المفروض على السكان.

وتناقل عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي أرقام هواتف لأطباء تطوعوا لتقديم الاستشارات. ويمكن الاتصال بهم في أي وقت لطلب المشورة. ويقول الطبيب المتخصص في الأمراض الباطنية علي طالب المسعودي، لـ"العربي الجديد"، إن "الأمر بدأ من خلال مبادرات فردية وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي"، مضيفاً أنه ومجموعة من الأطباء نشروا أرقام هواتفهم وأسماءهم وتخصصاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت بمتناول جميع الناس. يتابع: "يومياً تصلني أعداد كبيرة من الرسائل والاتصالات من مواطنين يتحدثون عن مشاكلهم الصحية"، موضحاً أنه "يمكن أن تكون هناك إجابات في حالات كثيرة بعد الاطلاع على كامل التفاصيل والفحوصات"، مشيراً إلى أن البعض يطلب النصائح فقط، وتحديداً إذا كان عليهم التوجه إلى المستشفى أم لا.

هذه المبادرة بالنسبة للأطباء "واجب إنساني ووطني"، وخصوصاً أن جميع الناس في خندق واحد في ظل هذه الأزمة، بحسب الطبيب محمد الزبيدي. يقول لـ"العربي الجديد": "لكل مهنة دور أساسي في المجتمع. لكن في أوقات معينة، يكون دورها محورياً وأكثر أهمية من بقية الوظائف. وهذا هو حال جميع الكوادر الطبية اليوم". يتابع أن "الفيروس الذي يفتك بالناس يتصدى له الكادر الطبي وهذا أمر مفروغ منه. واليوم، تقع عليه مسؤولية كبرى. ويجب أن نبادر ونقدم العون للمواطنين في مجالات تخصصنا، وتقديم المشورة في تخصصات أخرى".



يضيف أن تخصصه ليس محورياً اليوم على غرار أطباء في تخصصات أخرى، لكنه يحاول قدر الإمكان مساعدة الناس حين يتصلون به. "أملك المعدات الأساسية لإجراء الفحوصات الأولية، ويمكنني تشخيص بعض الحالات الصحية، أقله للسكان القريبين من الحي الذي أسكنه".

يقول الزبيدي إنه يذهب إلى المرضى مشياً أو يستخدم الدراجة الهوائية، في محاولة للمساعدة. يضيف: "منذ فرض حظر التجول وأنا أحرص على تقديم هذه الخدمات. بعض الأشخاص كبار في السن ولا يستطيعون الحضور إلى منزلي. وهناك من يتصلون بي من أحياء أخرى، لكنني ألبي نداءاتهم مهما كانت الظروف". ومنذ انتشار الفيروس، يقدم الزبيدي وغيره من الأطباء مساعدات مجانية، مؤكداً أنها فترة حرجة، وعلينا جميعاً أن نتعاون حتى نتجاوزها".

من جهتها، تقول طبيبة الأطفال نور الربيعي إنها تتلقى عشرات الاتصالات الهاتفية والرسائل عبر واتساب من مواطنين، بعدما أعلنت استعدادها لتلقي الاتصالات وإعطاء الاستشارات الطبية مجاناً للمحتاجين. تضيف لـ"العربي الجديد" أنها على الرغم من كونها تسكن حي المنصور (غرب العاصمة)، إلا أنها تتلقى اتصالات من مواطنين يقطنون في أحياء بعيدة، ما يجعلها تشعر بالسعادة.

وتقول إنّه في ظل حظر التجول وتوقف أعمال الكثير من المواطنين الذين يحصلون على أجور يومية، "رأيت أنه من واجبي أن أساعدهم في هذه الأزمة". وتوضح أنها تتحدث مع أمهات يخبرنها عن أحوال أطفالهن. أحياناً تصف لهم أدوية أو تطلب منهم اصطحابهم إلى المستشفى. "إضافة إلى عملي في المركز الصحي، يتطلب مني العمل التطوعي هذا ساعات عدة. أنام نحو خمس ساعات يومياً، أغلق خلالها هاتفي لأرتاح حتى أتمكن من القيام بواجباتي".



وتقديراً لجهود الأطباء، أطلق العراقيون عليهم ألقاباً عدة منها "مقاتلون" و"جنود" و"أبطال" وغيرها، لدورهم في تقديم خدمات صحية. وتقول نماء عبد الرزاق (32 عاماً)، وهي ناشطة في المجال الإغاثي، إنّ عدداً كبيراً من الأطباء تطوع للمساعدة، ملبّين دعوة ناشطين ومنظمات المجتمع المدني. تضيف لـ"العربي الجديد" أن عشرات الأطباء تواصلوا مع منظمات مدنية معلنين عن تطوعهم للمساعدة حتى انقضاء أزمة كورونا، مشيرة إلى أن "ما يطلقه المواطنون من ألقاب محببة على الأطباء والكوادر الطبية، مثل الأبطال والمقاتلين وغيرها، تعبر عن مدى تفاني هؤلاء في خدمة الناس خلال هذه الفترة الحرجة".

في هذا الإطار، يقول صلاح ريسان إنه شهد مواقف وحالات عدة تؤكد بطولة الأطباء. يضيف لـ"العربي الجديد" أن "طبيباً جاء من منطقة بعيدة إلى منزل جاري لفحص طفلته الصغيرة التي كانت تعاني من آلام في بطنها. أعطاها دواء من دون أن يطلب أجراً. يعلم أحوال الناس وقد تطوّع للمساعدة إلى حين انقضاء أزمة كورونا".
المساهمون