تعالت الأصوات الرسمية الفرنسية الناقدة لعدم التزام الفرنسيين بتدابير العزل ومنع التجول، التي بدأ تطبيقها يوم أول من أمس، الثلاثاء، في كافة أنحاء البلاد، كما قامت مجموعة من الأطباء والممرضين الفرنسيين برفع دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء ووزيرة الصحة السابقة بتهمة عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لكورونا.
وقال الرئيس إيمانويل ماكرون، الخميس، إن أعداداً كبيرة من الفرنسيين "تستخف" بهذه الإجراءات التي "لا يجري احترامها تماماً كما يجب"، وأضاف أن رؤية البعض "وهم يواصلون الذهاب إلى الحدائق، وإلى الشواطئ، أو يملأون الأسواق المفتوحة"، تعني "أنهم لم يفهموا الرسائل" التي أرادت السلطات إرسالها إليهم عبر فرض العزل ومنع التجول.
ويأتي كلام ماكرون بعد ساعات من إدانة عمدة مدينة باريس، آن إيدالغو، ومسؤول الشرطة في العاصمة، ديدييه لالمون، "السلوك غير المقبول" لبعض الباريسيين، الذين ما زال يخرج المئات منهم للركض أو لركوب الدراجات الهوائية أو للتبضع، دون احترام قواعد السلامة المفروضة، وأظهرت صور، نُشرت أمس الأربعاء، اكتظاظ أحد أسواق الخضار في حي باريس، شمال العاصمة، بالزبائن، ما تسبب بموجة كبيرة من النقد.
وفي حين دعا وزير الصحة أوليفييه فيران، أمس الأربعاء، إلى إغلاق الأسواق الأكثر اكتظاظاً، تجنباً لتجمع عدد كبير من الناس فيها، أكدت عمدة باريس على ضرورة بقاء هذه الأسواق مفتوحة لتزويد السكان بالمنتجات الطازجة، لكن مع تشديد الرقابة لضمان احترام تعليمات السلامة.
وينتقد عدد كبير من المشتغلين في القطاع الصحي تصرف بعض الفرنسيين وكأنهم في عطلة سياحية أو كأن البلد لا يواجه كارثة صحية، في حين يساهم استخفافهم بقواعد السلامة الصحية في زيادة الوضع الصحي السيئ سوءاً.
وأعلن عدد من مستشفيات الدولة وصوله إلى سقف طاقته الاستيعابية، في حين بلغ عدد المصابين بفيروس كورونا، حتى أمس الأربعاء، نحو 10 آلاف، والمتوفين 264، ومن المتوقع أن تعلن حصيلة اليوم آلاف المصابين الجدد وعشرات المتوفين.
وبسبب عدم التزام الفرنسيين بتعاليم العزل، وغياب الصرامة اللازمة من قبل الحكومة لفرضه، أصدرت نقابات الأطباء المتدربين في المستشفيات الفرنسية، الخميس، بياناً شديد اللهجة دعت فيه الرئيس الفرنسي إلى فرض "عزل تام ومطلق" على كل الفرنسيين، وإلى "التوقف عن أنصاف التدابير والخطابات الغامضة"، مطالبةً إياه بدعم المستشفيات بالمعدات اللازمة فوراً.
دعوى ضد رئيس الوزراء
من جهة أخرى، رفعت مجموعة من الأطباء والممرضين الفرنسيين دعوى قضائية، اليوم الخميس، ضد رئيس الوزراء إدوار فيليب، ووزيرة الصحة السابقة (غادرت منصبها منتصف الشهر الماضي)، أنييس بوزان، بتهمة "الامتناع" عن اتخاذ تدابير للحدّ من تفشي وباء كورونا في الوقت المناسب.
ويعتقد المشتكون أن فيليب وبوزان "كانا على علم بالخطر (الذي يمثله فيروس كورونا)، وكانت لديهما سبل التصرّف، لكنهما اختارا عدم اتخاذها"، وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن ثلاثة من الأطباء الممثلين للمجموعة أرسلوا الدعوى، اليوم، إلى "محكمة عدل الجمهورية"، وهي الهيئة القضائية الوحيدة المخوّلة إصدار أحكام في حق أعضاء من الحكومة لا يزالون على رأس عملهم.
ويستند الأطباء المشتكون إلى تصريح أدلت به أنييس بوزان لصحيفة "لوموند"، نُشر يوم أول من أمس الثلاثاء، قالت فيه إنها نبهت رئيس الوزراء منذ 30 يناير/كانون الثاني الماضي إلى أنه "لن يكون من الممكن إقامة الانتخابات" البلدية على موعدها في شهر مارس/آذار، مشيرة إلى أنها رأت، منذ ذلك الوقت، أن "تسونامي" فيروس كورونا قادم لا محالة.
وتشير بوزان، في هذا الحوار، إلى أنها أعلمت الرئيس الفرنسي أيضاً، يوم 11 يناير/كانون الثاني، بالموضوع نفسه. لكن الجولة الأولى من الانتخابات أجريت يوم الأحد الماضي، رغم مخاطر العدوى بكورونا ورغم الدعوات الكثيرة إلى تأجيلها، لا سيما من قبل المشتغلين في القطاع الصحي.