اليونان تشدد سياستها تجاه المهاجرين تحت ضغط سكان الجزر

15 فبراير 2020
أوضاع مخيمات اللجوء اليونانية مأساوية (إيفان رومانو/ Getty)
+ الخط -

بضغط من جزر بحر إيجه الغاضبة والمختنقة، شدّدت الحكومة اليونانية المحافظة سياستها تجاه اللجوء بعد سبعة أشهر من توليها المسؤولية، ووضعت خططاً لبناء جدار عائم يصدّ قوارب المهاجرين، وإنشاء مراكز احتجاز، وإجراء عمليات ترحيل على الحدود اليونانية. وفي محاولة لتهدئة سكان الجزر الذين صعّدوا احتجاجاتهم، يقول وزير الهجرة اليوناني نوتيس ميتاراخي لوكالة "فرانس برس" إنّ "تخفيف الاكتظاظ في جزرنا يأتي على رأس أولوياتنا".

وبعد خمسة أعوام من أزمة الهجرة الكبيرة في عام 2015، تجدّدت الصعوبات التي تواجهها اليونان، بوابة المهاجرين الأولى إلى أوروبا، للبتّ بنحو 90 ألف طلب لجوء ما زال أصحابها يعانون حتى اليوم في بلد يضمّ 112 ألف لاجئ، وفق آخر الأرقام الرسمية. وتمثّل جزر بحر إيجه الخمس أكثر المناطق تأثّراً، مع تواصل تدفّق المهاجرين يومياً من تركيا المجاورة.

ويعيش 38 ألف مهاجر طالب لجوء في مخيّمات مكتظة تفتقر إلى شروط الصحة، علماً أنّها من المفترض أن تكون مهيّأة لاستقبال 6200 شخص فقط. وتتكاثر الخيم والملاجئ المؤقتة على أطراف المخيّمات، لتصير أشبه بالأحياء العشوائية، ما يفاقم الغضب وردود الفعل المعادية للمهاجرين.
وفي تصريح لوكالة "فرانس برس"، يقول ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليونان، فيليب لوكليرك، إنّ "من الضروري أن ينقل أكبر عدد ممكن من طالبي اللجوء إلى البرّ الرئيسي في الأسابيع المقبلة، ليتمكنوا من متابعة إجراءات طلب اللجوء". وطالب لوكليرك بـ"تحسين ظروف الاستقبال" في البرّ اليوناني.

وبعد نقل تسعة آلاف طالب لجوء إلى البرّ الرئيسي، من بين 25 ألفاً متوقّعين، بسبب استياء السكان، انصبّ تركيز حكومة كيرياكوس ميتسوتاكيس التي انتُخبت في يوليو/ تموز الماضي على عمليات الترحيل على الحدود لمن لا يملكون حقّ اللجوء.
ويشدّد ميتاراخي على أنّ "إجراءات الإعادة ستُسرَّع" في اتجاه تركيا والبلدان الأصلية.

ويتحدّث عن شرط لا غنى عنه، وهو وجوب تسريع البتّ في طلبات اللجوء من قبل الإدارة اليونانية، والقانون الجديد الصادر في يناير/ كانون الثاني المنصرم الذي دخل حيّز التنفيذ، على الرغم من انتقاد المنظمات غير الحكومية، يسمح لها بفعل ذلك.
يضيف ميتاراخي: "أظنّ أنّ من المعقول الحسم في الملفات في خلال ثلاثة أشهر". وستُخصَّص الأولوية للوافدين الجدد على الشكل الآتي: 25 يوماً على أقصى تقدير للبتّ في طلب اللجوء الأول، و60 يوماً في حال الطعن، على أن يرحَّل بعد ذلك من رُفض طلبه. إلى جانب ذلك، سيكون من الممكن سحب حقّ اللجوء في اليونان كلّ ثلاثة أعوام، وفق وضع البلد الأصلي، بناءً على قرار الحكومة التي اضطرت إلى إعادة وزارة الهجرة بعدما كانت قد تخلّت عنها عند وصولها إلى السلطة.
وتعتزم الحكومة وضع جدار عائم يمتدّ 2.7 كيلومتر، مع ارتفاع 1.10 متر، بهدف عرقلة عبور المهاجرين بحر إيجه. وقد أثار هذا المشروع المثير للجدال حفيظة المنظمات غير الحكومية، فوصفته "هيومن رايتس ووتش" بأنّه "غير منطقي، ويمكن أن يمثّل خطراً" على قوارب المهاجرين المتهالكة التي تنطلق ليلاً.
أمّا منظمة العفو الدولية، فقد نبّهت من هذه الخطة التي "تثير مخاوف كبيرة حول قدرة المسعفين على مواصلة عمليات إنقاذ الأشخاص الذين يحاولون اجتياز الطريق البحري الخطر تجاه ليسبوس". يُذكر أنّ حزب الديمقراطية الجديدة، صاحب الأغلبية في البرلمان، ضمّن القانون الجديد هجوماً على من عدّهم "مهرّبين ومتواطئين"، ووضع قائمة بأسماء المنظمات الإنسانية المرخّص لها بالعمل مع المهاجرين.

وتأمل الحكومة التخفيف على الأقلّ من غضب سكان الجزر، من خلال غلق المخيمات المزرية في جزر ليسبوس وساموس وخيوس، وتعويضها بحلول الصيف بـ"مراكز مغلقة". لكنّ النواب والسكان يطالبون بـ"الإنهاء الفوري والسريع للاكتظاظ في الجزر"، ويرفضون مشروعاً يعدّونه موجهاً لإيواء عدد أكبر من المهاجرين في "مخيّمات سجون". بالنسبة إلى رئيس بلدية ساموس، جورجيوس ستانتزوس، فإنّه "في حال موافقتنا على مخيّم جديد بطاقة استيعابية قدرتها سبعة آلاف شخص، فإنّ من الممكن أن يؤوي في النهاية ما بين 20 ألف شخص و25 ألفاً".


ومن المتوقّع أن تكون طاقة استيعاب المخيّمات الخمسة الجديدة 20 ألف مهاجر. وقد انتقدت منظمات غير حكومية المشروع الذي عدّته "انتهاكاً للقانون الدولي للجوء". ويؤكد فيليب لوكلارك من "هيومن رايتس ووتش" أنّ "طلب اللجوء ليس جريمة، حتى بعد عبور الحدود بطريقة غير نظامية. نطالب (...) بأن يكون الاحتجاز استثناءً مطلقاً". من جهته، يرى ميتاراخي أنّ "أيّ انتهاك للنظام الداخلي (الخاص بالمخيمات المستقبلية) سيؤثّر سلباً في طلب اللجوء ويسرّع إجراءات إعادة الفاعل".

(فرانس برس)
المساهمون