نازحو ليبيا يهربون عبر البحر

09 يناير 2020
هل بينهم ليبيون؟ (فرانس برس)
+ الخط -

دفعت الحرب في العاصمة الليبية طرابلس، مع تأثيراتها الممتدة إلى المدن والمناطق المجاورة، أسراً ليبية باتجاه الهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط. أعلن في إيطاليا، قبل أيام، عن حصول سفينة الإنقاذ الألمانية "إيلان كردي" على تصريح بالرسو في ميناء إيطالي جنوبي صقلية، وعلى متنها 32 مهاجراً أنقذتهم من الغرق وهم على متن قارب متهالك في عرض البحر المتوسط. وبحسب تصريحات للمتحدث باسم جمعية "سي- آي" الخيرية الألمانية التي تشغل السفينة، جوردن إيسلر، فإنّ المهاجرين الذين جرى إنقاذهم أنزلوا في ميناء بوتسالو، وهم من الجنسية الليبية، وقد عثر عليهم قبالة الشواطئ الليبية بعدما أطلقوا نداء استغاثة وصل إلى سفن المنظمات الإنسانية التي تجوب المنطقة.

منذ العام الماضي، كانت إيطاليا ومالطا ترفضان مراراً فتح موانئهما أمام سفن إنقاذ المهاجرين ما لم توافق دول الاتحاد الأوروبي الأخرى على استقبال بعض المهاجرين بعد التفاوض بينها بشأن ترتيبات تقاسم المهاجرين، ما تسبب في ترك المهاجرين عالقين في البحر حتى التوصل إلى اتفاق. لكن، هذه المرة أكد إيسلر أنّ عملية الإنقاذ كانت أسرع بكثير كون الناجين من الجنسية الليبية، ولم تُلحظ هذه الجنسية مهاجرة عبر البحر في السابق.

لكنّ وتيرة لجوء الليبيين إلى الهرب عبر البحر تبدو في تزايد، ففي منتصف أغسطس/ آب الماضي، أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" عن إنقاذ ثلاثة شبان ليبيين أعمارهم تتراوح بين 18 عاماً و22، من ضمن 356 مهاجراً أنقذوا من عرض البحر المتوسط ونقلوا الى مرفأ فرنسي. وبحسب تقرير لوكالة "فرانس برس" فإنّ الشبان الثلاثة، وهم صلاح وخليل وإبراهيم، اختلفت دوافع هربهم من بلادهم عبر البحر، لكنّها اتفقت على أنّها تتعلق بالحرب القائمة في البلاد. وبينما أكد خليل أنّ سبب هجرته كان على خلفية فراره من قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، التي كانت قد اعتقلته في السابق، وعذبته في أحد سجونها في بنغازي، كما بعد وصولها إلى مدينته سبها جنوبي البلاد، أكد أنّ لا خيار لديه فـ"إما أن تقاتل أو تقتل" وهكذا لم يجد أمامه إلّا البحر ليلجأ إليه. يقول رفيقه إبراهيم إنّه اتفق مع خليل على الفرار من البلاد عبر البحر لأنّه رفض الاستمرار في القتال ضمن صفوف قوات الحكومة في طرابلس، وبات ملاحقاً، فهو مطلوب من قوات الحكومة كونه فاراً، ومطلوب من قوات حفتر كونه قاتل ضدها. أما رفيقهما صلاح الفار أيضاً من المشاركة في القتال، فيقول: "شعرت بالرعب على متن السفينة لكنّ ليبيا أخطر من سفينتنا".




وفيما يؤكد مسؤول بجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي، فضّل عدم ذكر اسمه، أنّ التقارير الواردة بشأن المهاجرين الاثنين والثلاثين، الذين جرى نقلهم إلى صقلية، هم خمس أسر كانوا على قارب صغير، من بينهم عشرة أطفال أحدهم عمره ستة أشهر فقط، وخمس نساء إحداهن امرأة حامل. ويضيف المسؤول أنّ القارب الذي عثرت عليه المنظمة الإنسانية كان على بعد نحو 1.8 ميل بحري من شاطئ منطقة القربولي المحاذية لطرابلس شرقاً، إذ كانت نقطة انطلاقهم، مشيراً إلى أنّ متانة القارب ووجود هاتف متصل بالأقمار الصناعية، وفرا لهم فرصة النجاة. وينقل المسؤول عن أحد أقارب المهاجرين على متن ذلك القارب، بعدما اتصل بالجهاز محاولاً معرفة مصير قريبه، أنّه أب لأسرة مكونة من سبعة أفراد فقد بيته الذي دمّر بالكامل، في أحد أحياء جنوب طرابلس التي تحولت إلى مسرح للمعارك الدائرة حالياً. يضيف المسؤول أنّ شهادة الرجل تؤكد أنّه لم يتمكن من الحصول على أي مساعدة، وبعدما ضاقت به سبل الحياة كان على اتصال ببعض المهربين على ساحل البحر. يتابع: "أخبرنا عن هجرته، لكنّه رفض الإفصاح عن توقيتها وكيفيتها".

وبحسب إحصائيات وزارة شؤون النازحين بحكومة الوفاق، فإنّ عدد المدنيين الذين نزحوا من مناطق جنوب طرابلس بلغ أكثر من 300 ألف شخص. وفيما أكدت تقارير الأمم المتحدة أنّ 100 ألف آخرين على وشك النزوح بسبب إنذارات التهديد التي تطلقها قوات حفتر للأحياء المجاورة لمحاور الحرب، أكدت أنّ 284 مدنياً قتلوا وأصيب 363 آخرون في طرابلس منذ بدأ هجوم قوات حفتر على طرابلس في إبريل/ نيسان الماضي، موضحة أنّ 182 مدنياً من بين مجمل عدد القتلى، قتلوا عبر الغارات الجوية على أحياء طرابلس بينما قتل الباقون بسبب المواجهات البرية والقذائف العشوائية.



الحادثة الأولى المسجلة للجوء الليبيين إلى البحر كانت في مارس/ آذار 2018، مع العثور على ثلاثة أشقاء على متن قارب في عرض البحر المتوسط كانوا في طريقهم لإسعاف أحدهم الذي يعاني من اللوكيميا (ابيضاض الدم) الى أحد المستشفيات الأوروبية بعدما أعياهم البحث عن علاج له في البلاد.