دعت تسع منظمات حقوقية مصرية، في بيان مشترك، الجمعة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتفقد أوضاع السجون المصرية.
وأعربت عن قلقها البالغ إزاء تصاعد أعداد الوفيات داخل السجون منذ مطلع العام الجاري، وذلك نتيجة استمرار سياسة الحرمان من الرعاية الصحية، وتفاقم الإهمال الطبي للمرضى وكبار السن، والتعنت البالغ في رفض دخول الأغطية والملابس الثقيلة في هذا البرد القارس، فضلاً عن الممارسات غير الإنسانية والمعاملة الحاطة للكرامة والتعذيب مما يدفع المحتجزين للإضراب عن الطعام احتجاجاً، في محاولة أخيرة لرفع القليل من الظلم عن كاهلهم، على نحو يعرّض حياة كثيرين منهم للخطر.
وأكدت المنظمات أنّ وفاة ثلاثة محتجزين على الأقل في أسبوع واحد، في ثلاثة سجون مختلفة، يمثل إنذاراً بشأن مئات المحتجزين ممن لا تصل استغاثتهم إلى العالم الخارجي، فينتظرون مصيراً مشابهاً، طالما بقيت السجون المصرية بمعزل عن الرقابة الحقيقية.
وجددت المنظمات الموقعة مطلبها للجنة الدولية للصليب الأحمر بتفقد أوضاع السجون في مصر، فضلاً عن السماح للمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية المتخصصة بزيارة جميع أماكن الاحتجاز.
كذلك، طالبت بالسماح لخبراء الأمم المتحدة، لا سيما المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب، بزيارة مصر، وتشكيل آلية وقائية وطنية من منظمات حقوقية مستقلة تتولى تنظيم زيارات غير معلنة لأماكن الاحتجاز لتبيان أوضاعها.
مساء الاثنين 13 يناير/ كانون الثاني الجاري، توفي بسجن ليمان طرة، مصطفى قاسم (المصري - الأميركي) المحكوم بالسجن 15 عاماً في القضية المعروفة إعلامياً بـ"فض رابعة" (أغسطس/ آب 2013).
وكان قاسم يعاني من مرض السكري، وتدهورت حالته الصحية عقب دخوله في إضراب عن الطعام احتجاجاً على الأوضاع المتردية لمحبسه، ونقل على أثره إلى مستشفى "المنيل الجامعي" قبل وفاته بيومين.
وكان نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، قد طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في وقت سابق، بالإفراج عن المعتقل، بينما أعرب مساعد وزير الخارجية الأميركي، ديفيد شينكر، عن قلقه بشأن احتمال وفاته، مؤكداً مخاوف الحكومة الأميركية المستمرة بشأن حالة حقوق الإنسان والمحتجزين في مصر.
وفي سجن برج العرب، لاقى علاء الدين سعد (56 عاماً) حتفه في 8 يناير/ كانون الثاني الجاري، نتيجة إصابته بنزلة برد حادة لم تنل العلاج المناسب. وكان سعد يمضي فترة عقوبة 15 عاماً منذ عام 2015، ويعاني من غياب وسائل التدفئة الملائمة والأغطية والملابس الشتوية الثقيلة داخل السجن، فضلاً عن مشاكل التهوية في الزنازين.
وفي 4 يناير/ كانون الثاني الجاري، توفي محمود عبد المجيد محمود صالح (46 عاماً) في محبسه بسجن العقرب، نتيجة الإهمال الطبي والحرمان من العلاج، وهو ما دفع عدداً من معتقلي سجن العقرب، في 7 يناير/ كانون الثاني الجاري، للإعلان في بيان لهم عن دخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على حرمانهم من ممارسة الرياضة، والتعرض للشمس، واتباع سياسة التجويع، وتجريد الزنازين من احتياجاتهم الأساسية، لا سيما الأغطية والملابس الثقيلة، مطالبين بتدخل المجتمع الدولي لحمايتهم من الموت في السجن.
وبالمثل، في سجن القناطر للنساء، نشرت المحتجزات بيان استغاثة أعلنّ فيه عن دخولهن في إضراب جزئي عن الطعام، احتجاجاً على الإهمال الطبي المتعمد لهن في السجن، والذي بسببه لاقت زميلتهن مريم سالم (32 عاماً) حتفها في 22 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
البيان طالب بفتح تحقيق في واقعة وفاة مريم سالم وإقالة طبيب السجن المتسبب في ذلك، فضلاً عن المطالبة بتوفير أطباء أكفاء في مستشفى السجن وتوفير الرعاية الصحية اللازمة للمعتقلات.
وتفيد التقارير بتدهور الحالة الصحية للصحافية والناشطة، إسراء عبد الفتاح، نتيجة إضرابها المتكرر عن الطعام بسبب تعنت النيابة في عدم إثبات ما تعرضت له من تعذيب أثناء القبض عليها وخلال فترة احتجازها.
في هذا السياق حذرت المنظمات الموقعة أيضاً من تدهور الحالة الصحية والسلامة الجسدية للمحامي الحقوقي، محمد الباقر، والناشط والمدون السياسي، علاء عبد الفتاح، المحتجزين حالياً بسجن طرة، شديد الحراسة، وسيئ السمعة، لأكثر من 100 يوم. وطالبت بفتح تحقيق فوري حول ما تعرضا له -وغيرهما في السجون المصرية- من تعذيب وسوء معاملة داخل السجن والتعنت المفرط في حرمانهما من أبسط احتياجاتهما الإنسانية.
وقال البيان: "منذ وصول عبد الفتاح والباقر إلى السجن تعرضا لأبشع أنواع التنكيل، بداية من عصب الأعين والتجريد من الملابس والاعتداء بالضرب. كذلك، عانى محمد الباقر، من معاملة مهينة إذ احتجز في غرفة إسمنتية بلا تهوية، لمدة تسعة أيام بالملابس نفسها، فنام على الأرض بلا أغطية، مما أسفر عن إصابته بآلام مبرحة في الظهر والكتف، والتهابات جلدية، وأملاح زائدة بالكلى نظراً لحرمانه من المياه النظيفة. ومنعت إدارة السجن كليهما من ممارسة الرياضة والتعرض للشمس، مما تسبب في إصابتهما بآلام بالمفاصل نتيجة الرطوبة الشديدة والبرد القارس وعدم الحركة، ناهيك عن التعسف الشديد في ما يتعلق بالزيارات، والحيلولة دون إمدادهما باحتياجاتهما البسيطة من ملابس ثقيلة وأغطية أو أدوية أو طعام وشراب نظيف".تجدر الإشارة إلى أنّه، بحسب تقرير حقوقي مشترك نشر نهاية العام الماضي، توفي 449 سجيناً في أماكن الاحتجاز خلال الفترة ما بين يونيو/ حزيران 2014 حتى نهاية 2018.
ويرتفع العدد ليصل إلى 917 سجيناً، في الفترة ما بين يونيو/ حزيران 2013 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2019، بزيادة مفرطة خلال عام 2019، بحسب آخر تحديث حقوقي. ومن بين الضحايا 677 ماتوا نتيجة الإهمال الطبي، و136 نتيجة التعذيب.
والمنظمات الموقعة على البيان الأخير هي: "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، و"الجبهة المصرية لحقوق الإنسان"، و"الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، و"مبادرة الحرية"، و"مركز النديم"، و"مركز بلادي للحقوق والحريات"، و"المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، و"مؤسسة حرية الفكر والتعبير"، و"كوميتي فور جستس".