الضربة المزدوجة... تكتيك الطيران السوري والروسي لقتل المسعفين

28 يوليو 2019
الطيران السوري يستهدف المدنيين وفرق الإسعاف(محمد سعيد/الأناضول)
+ الخط -
يواصل الطيران الحربي السوري والروسي عمليات الاستهداف الممنهج للمدنيين في مدن وبلدات إدلب، مع استخدام تكتيكات القصف المتكرر للموقع ذاته، بهدف إلحاق الأذى بفرق الإسعاف ومتطوعي الدفاع المدني التي تعمل على إخلاء الجرحى والمصابين.

وتجاوز عدد القتلى منذ مارس/آذار الماضي حتى اليوم 1200 قتيل، بحسب تقارير صادرة عن فريق "منسقو استجابة سورية"، من بينهم عاملون في الشأن الإنساني من مسعفين وعناصر الدفاع المدني.

وفقدت مديرية صحة حماة أمس السبت، ثلاثة من المسعفين فيها وهم: مصطفى الحسن، وعبد الباسط مبارك وسليمان المحمد، قضوا خلال عملية إسعاف المدنيين في بلدة كفرزيتا بريف حماة الشمالي.

وقال مدير المكتب الإعلامي في المديرية إبراهيم الشمالي لـ"العربي الجديد" ، "إن الطيران الروسي، وفي انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية التي تقضي بحماية وتحييد العاملين في المجال الطبي والإنساني، استهدف يوم أمس السبت سيارة إسعاف تابعة لمنظومة الإسعاف في مديرية صحة حماة بشكل مباشر ما تسبب باستشهاد 3 من الكوادر الطبية، وهم مسعفان اثنان وسائق أثناء تلبيتهم لنداء الإنسانية وتوجههم لإنقاذ جرحى سقطوا بعد قصف على مناطق ريف حماة الشمالي".


وتابع الشمالي "تعمل منظومات الإسعاف في ظل ظروف استثنائية منقطعة النظير في العالم، مع مواصلة استهداف المراكز الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف، فالطائرات الحربية تستهدف جميع سيارات الإسعاف التي تتحرك في ريف حماة الشمالي، ما يصعب على المسعفين التنقل في هذه الظروف، ويتم تغيير أماكن السيارات باستمرار".


وبالنسبة للتعامل مع الضربات المزدوجة حيث يتم استهداف المكان نفسه أكثر من مرة بفواصل قصيرة بهدف النيل من المسعفين والمتجمهرين، قال الشمالي: "هناك تنسيق مسبق مع الدفاع المدني لتنظيم عمليات إسعاف الجرحى والمصابين والتعامل مع الضربات المزدوجة عبر الأجهزة اللاسلكية وتحذيرات المراصد".

وعن الظروف التي عمل فيها المسعفون وعناصر الدفاع المدني، أوضح مدير مديرية إدلب للدفاع المدني، مصطفى الحاج يوسف لـ"العربي الجديد" أنهم يعملون في"ظروف صعبة جدا ليس اليوم فقط، وإنما منذ بداية تشكيل الدفاع المدني، وعمله على إسعاف وإنقاذ المصابين وإخراج العالقين من تحت الأنقاض وإطفاء الحرائق، وتوثيق الانتهاكات التي يرتكبها النظام وحلفاؤه، سواء بالهجمات الأرضية أم الجوية، " مضيفا" نحن نعمل في واحدة من أخطر بقاع الأرض، ولا تكاد تخلو الأجواء في المنطقة من أربع أو خمس طائرات إن لم يكن أكثر".


وبشأن اتباع النظام وروسيا تكتيك الضربات المزدوجة والمتكررة وكيفية التعامل معها، شرح الحاج يوسف قائلاً: "نقوم بعمليات خاطفة بين الضربة والأخرى لإسعاف المصابين بأسرع وقت، للحد من أعداد الضحايا. وبتواصلنا مع المراصد في المنطقة نعمل على الانسحاب ثم العودة، بعد انتهاء الطيران الحربي من تنفيذ ضرباته".

وأضاف الحاج يوسف "يوميا لدينا مصابون من فرق الدفاع المدني، وفقدنا أكثر من 257 متطوعا، كما أصيب أكثر من 500 متطوع منذ تشكل الدفاع المدني حتى الآن. ومؤخرا فقدنا أربعة عناصر، نتيجة الضربات المزدوجة واستهداف مراكز الفرق، بشكل مباشر أو خلال توجهها للعمل".


ودأبت روسيا والنظام عل شن حرب إعلامية ضد فرق الدفاع المدني، والأسباب التي دفعت النظام وروسيا لذلك أوضحها الحاج يوسف قائلا: ""عدة أسباب تسوقها روسيا والنظام لاستهداف فرق الدفاع المدني برغم عملنا الإنساني المحايد في إنقاذ المدنيين، وتقديم العون لكل من يحتاجنا، دون النظر لأي اعتبار وربما يضايقهم توثيقنا لعمليات القصف واستخدام النظام للأسلحة المحرمة دوليا، مثل السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية وخان شيخون، والقنابل الانشطارية والعنقودية والقنابل الحارقة، إلى القنابل الفراغية والارتجاجية وغيرها، وكل هذه التوثيقات التي استطاع الدفاع المدني تسجيلها وإثباتها، أحرجت النظام وحليفه الروسي وخصوصا في الأمم المتحدة وأثبتت بالدليل القاطع ضلوعهما في استخدام أسلحة محرمة دوليا".

ومن بين من تعرضوا للإصابات عيسى جلول من بلدة الهبيط الذي يعمل مديراً لفرقة دفاع مدني في بلدته، وأكد لـ"العربي الجديد" أن الطائرات الحربية استهدفتهم خلال عملية إخلاء النازحين ضمن البلدة". وقال: "كان هناك تعميم على المراصد بإقلاع طائرات روسية، لم نسمع سوى صوت القصف على البلدة، وذهبنا لنستطلع مكان القصف، فوجدنا أن الطيران قد استهدف المدرسة في حي قريب منا، توجهنا مباشرة لتفقد المدرسة، وبينما كنا نستطلع الوضع، استهدفتنا طائرة بصاروخ فراغي، وتعرضت لإصابة بساقي، وأصيب معي آخرون، وحتى الآن لا استطيع طي ركبتي وهي بحاجة لعملية جراحية".

ويعد أسلوب الضربة المزدوجة والمتكررة من أخطر التكتيكات التي يتبعها كل من روسيا والنظام، ويعتمد هذا الأسلوب على ترك فاصل زمني بين الضربة والأخرى للموقع ذاته، وتكون فرق الإسعاف قد توجهت لإنقاذ الجرحى والمصابين، ليتم بعدها استهداف الموقع من جديد بضربات عديدة. وتقول مصادر طبية ان نسبة كبيرة من ضحايا الدفاع المدني والمسعفين كانت خلال هذه الضربات المزدوجة.
المساهمون